نحن قوم لا نطلب.. ولا نريد شعار رفعته الطرق الصوفية.. أحد أطراف الصراع الدائر.. استطاعت من خلاله أن تنشر مؤيديها ومريديها من الإسكندرية إلي أعماق الصعيد. كانت هذه الصورة التي قدمها المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية عن خريطة الطرق الصوفية في مصر, في دراسة حديثة استطاعت رسم ملامح الطرق الصوفية التي اعتبرتها صاحبة الانتشار الجغرافي الأوسع في الحركات الدعوية المصرية, والأحزاب السياسية, وأكدت الدراسة أن الطرق الصوفية تختلف كثيرا عن الأحزاب السياسية, فهي أكثر انتشارا في القري والنجوع, حيث يبلغ عدد الطرق الصوفية المنتشرة في ربوع مصر أكبر من74 طريقة تضم أكثر من10 ملايين مريد, فالطرق الصوفية حسب الدراسة لكل منها فروع في القري والمدن, ولكل طريقة شعارها وأورادها الخاصة بها, يحرص أتباع كل طريقة علي جذب عدد كبير من المحبين والمريدين, وذلك من خلال الحرص التام علي ترديد الأوراد الخاصة بهم بشكل جماعي في وقت واحد يحدده شيخ الطريقة. وأضافت الدراسة أن الذي ساعد علي الانتشار الجغرافي لتلك الطرق ارتباطها بأسماء بعض المشايخ والأولياء الموجودين في الريف علي سبيل المثال الطريقة الشاذلية نسبة إلي الشيخ أبو الحسن الشاذلي, التي تزداد شعبيتها في المنطقة الجنوبية من الصعيد, خاصة محافظتي قنا وأسوان, والطريقة الأحمدية نسبة إلي السيد البدوي التي تزداد شعبيتها في قري مدينة طنطا, والطريقة الرفاعية نسبة إلي أحمد الرفاعي والمنتشرة في قري إسنا وأرمنت والأقصر. وأشارت الدراسة إلي أن العامل الثاني الذي يساعد علي انتشار هذه الطرق هو الاحتفال بالمولد النبوي الشريف, وأيضا الاحتفال بموالد الأولياء الصالحين في المحافظات والقري, ومن الموالد الي تشهد جمهورا كبيرا من الزوار والمريدين حسب الدراسة مولد سيدي عبدالرحيم القنائي بقنا, وأيضا مولد سيدي أبو الحجاج الأقصري في الأقصر, ومولد سيدي إبراهيم الدسوقي في دسوق, ومولد سيدي جلال في منفلوط. وقالت الدراسة: إن الذي سيساعد علي تكاتف الطرق الصوفية خلال الفترة المقبلة دعوة الطرق بعضها بعضا في الاحتفالات التي تقام في القري والمدن التي تنتشر فيها الأضرحة الخاصة والمشايخ والأولياء والعارفين الذين يعتقد الناس في كرامتهم. وحددت الدراسة خريطة وجود الطرق الصوفية فأكدت أن جميع الطرق الصوفية منتشرة في كل أنحاء مصر, سواء في محافظات: الغربية, والفيوم, والمنوفية, والشرفية, وكفر الشيخ, والدقهلية, والبحيرة, أو مصر العليا. وأوضحت الدراسة أن شيوخ الطرق الصوفية علي درجة كبيرة من الزهد والتدين والاحترام, لكن أغلبهم ليسوا علي درجات علمية كبيرة مثل مشايخ الطرق في السودان, فقد تجد الكثير من أبناء هذه الطرق علي درجات علمية كبيرة مثل أساتذة جامعات, ولواءات شرطة, وأطباء, ومهندسين, وصحفيين. وأضافت الدراسة أن الطرق الصوفية من خلال انضمام أبنائهم الجدد والذين علي درجات علمية كبيرة تستطيع أن تكسر الصورة الذهنية التي كانت مأخوذة عنها علي أنها مجموعة من الدراويش والمجاذيب. وأكدت الدراسة أن هذه الطرق ستتنافس فيما بينها علي جذب أبناء الشارع المصري لمنافسة ومواجهة جماعات الإسلام الدعوي الأخري, وأن الذي سيساعدها في ذلك التنشئة الدينية في المجتمع, وقدرتها علي التواصل الفعلي مع الناس عن طريق تقديم خدمات مفيدة مثل مساكن المغتربين عن العاصمة. كما أضافت الدراسة أن الطرق الصوفية سعت وستسعي خلال الفترة المقبلة إلي ممارسة العمل السياسي بعد أن بدأ المواطن يشعر معهم بالأمان.