أقر منتصر الزيات وكيل مؤسسي حزب الاتحاد من أجل الحرية الإسلامي بأن نموذج التدين المصري هو الامثل بين الدول لما فيه من تسامح وارتباط بالعقائد. وقال الزيات إن الحركة الإسلامية تسببت في تأخر الحراك السياسي والديمقراطي نتيجة تمسكها بالعمل الدعوي والسياسي في آن واحد ولذا فهو يطالب بفك الارتباط بينهما. واضاف أنه لن يتاجر بالشعارات الإسلامية أو يستخدمها لدغدغة مشاعر المواطنين وينفي أن يتضمن برنامج الحزب الذي تقدم به أي نصوص أو اشارات ذات مرجعية دينية مؤكدا ان حزبه يقوم علي مبدأ الشريعة قبل الشرعية وانه لم يسلم من هجوم الإسلاميين بسبب هذا الرأي كما انه لا يمنع ان يترشح مسيحي لأي منصب سياسي ولو كان رئاسة الجمهورية غير انه يرفض ان تتولي المرأة هذا المنصب أو أن تكون قاضية. وألمح إلي أنه يطالب بالامتناع عن تقديم الخمر وإنتاجه غير انه يشير إلي أن السياحة فضلا عن انها تعد مصدرا للدخل القومي فهي ايضا صناعة قديمة. وأوضح منتصر الزيات ان حزبه لن يقبل أي عنصر ينتمي تنظيميا للجماعة الإسلامية أو الاخوان إلا بعد ان يتحرروا من رق العلاقة التنظيمية. وأشار إلي أن الإسلام دين يدعو إلي الدولة المدنية ويرسم ملامحها وان من يعتقد ان الإسلام دين حدود فقط يكون فهمه مشوبا بالقصور. ويري ان علاقة المسيحيين بالمسلمين تاريخية وما فسدت إلا عندما تدخلت فيها السياسة كما يحدد مواقف حزبه حول عدد من القضايا في الحوار التالي: * تقدمت منذ عام ونصف العام بحزب الاتحاد من أجل الحرية وهو حزب له توجه إسلامي فهل بعد حدوث المتغيرات الحالية ستعاود تقديم الحزب مرة أخري بشكل إسلامي؟! ندما تقدمت بالحزب في ذلك الوقت صرحت وقلت انني لن اتاجر بالشعارات الإسلامية أو استخدامها لدغدغة مشاعر الناس ولذلك لم اكن حريصا علي استقطاب رموز الحركة الإسلامية داخل المؤسسين لهذا الحزب. وعندما تقدمنا بالحزب أخيرا حرصنا في الصياغة علي ألا تتضمن بنود البرنامج أي نصوص أو إشارات ذات مرجعية دينية لأن المرجعية الدستورية في مصر خاصة المادة الثانية من الدستور تكفي واننا لسنا بحاجة لاستغلال الشعارات الدينية لكسب المواطن لذلك تضمن المشروع فقرة واضحة تنص علي الشرعية قبل الشريعة وهاجمنا علي ذلك الكثير من الإسلاميين برغم أن المؤسسين وصل عددهم إلي ألف ألا أن التضييق استمر ضدنا برغم انني الوحيد منهم الذي لي انتماء إسلامي وكان معي أكثر من35 قبطيا وقد كنا نوجه سهام النقد للسلطة التي شاخت وتمسكت بالسلطة وانتقدنا النخبة المصرية لانها تحتكر الفكر ولذلك كنا نتحرك في نقاط الاغلبية الصامتة غير اننا فوجئنا أن هناك شديدة جدا حتي من داخل دوائر الحركة الإسلامية ووجدت الإسلاميين انفسهم يهاجمونني برغم أننا لم نتكلم عن الجماعة الإسلامية لذلك حرصنا إلا يكون من المؤسسين أعضاء منها ورغم ذلك كان أول هجوم نتعرض له من الجماعة الإسلامية علي لسان د.ناجح إبراهيم أحد قيادات الجماعة الإسلامية. * هل تستهدف من وراء مشروع حزب الاتحاد من أجل الحرية استقطاب عدد من أعضاء الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد وغيرهما من المحسوبين علي الإسلاميين لينخرطوا في الحياة السياسية من خلال هذا الحزب؟! الرسالة واضحة وهي العمل علي دمج التيارات الإسلامية في العمل السياسي وخطابي موجه لكل الذين انهوا علاقاتهم التنظيمية بتنظيماتهم لاننا لن نقبل أي شخص له ارتباطات تنظيمية سواء كانوا من الاخوان أو الجهاد أو الجماعة الإسلامية فلابد أن يتحرروا أولا من رق العلاقة التنظيمية * الازدواجية صفة غالبة في الحركة الإسلامية فمعظم كوادرهم ينتمون لتنظيمات سياسية سرية أو دعوية وفي ذات الوقت يريدون الآن الانخراط في العمل الحزبي للجمع بين العمل الحزبي والدعوي؟! الازدواجية هذه تلحق الضرر بالعمل السياسي لأن الارتباط بين التنظيم والوعاء السياسي يحدث ارتباكا شديدا لدي العامة فعندما يوجد جناح دعوي والآخر سياسي تنظيمي نجد أن الدعوي يخدم التنظيمي ويضر بالعمل العام ولذلك لابد من فك الارتباط بين العمل الدعوي والتنظيمي. * بعد35 عاما من عودة الحركة الإسلامية في مصر هل تعتقد أنها لعبث دورا سلبيا في إعاقة وتأخر الديمقراطية في مصر؟! بالتأكيد لان الاصرار علي ابقاء الرابط التنظيمي بين العمل العام والسياسي والجانب الدعوي أدي إلي تأخر التطور الديمقراطي كما كان المناخ ذاته معوقا لاحداث هذا التطور لان الوضع أدي لإنشاء الجماعات باستثناء تنظيم الاخوان فقد كانت لديهم فرص لإنشاء احزاب إلا أن الجماعات الاخري نشأت وهي في حالة صدام مع السلطة مما عمل علي اعاقة تطور الحياة السياسية لذلك نجد فارقا واضحا بين التجربتين التركية والمصرية مع الإسلاميين ففي التجربة التركية تم الفصل ما بين الجانب التنظيمي والعمل السياسي واستطاعت أن تقنع الناخب التركي باسهامات الاحزاب كما استطاعت الاحزاب الإسلامية أن تتأقلم مع النظام العلماني في تركيا ومع ذلك استطاعت ان تكسب ثقة الناخب التركي لانها تعمل عملا سياسيا محضا وتقدم عملا خدميا بعيدا عن أي أهداف تنظيمية تسهم في دفع التنمية ولكن في مصر لا توجد جماعة واحدة ساهمت في رفع التنمية بما فيها تنظيم الاخوان لان الخدمات التي تقدم هدفها تدعيم التنظيم وليس المجتمع المصري * بعض الإسلاميين لهم مواقف سلبية مع الدولة المدنية التي تري أنه لا فرق بين مواطن وآخر وان الدين أو المهنة لا يمنعان التساوي حسبما ينص القانون فاين تقفون من هذا الأمر؟! الإسلام دين يدعو إلي الدولة المدنية ويرسم ملامحها جعل الإسلام غالبية الشعائر الدينية لا تحتاج لعالم دين اما ما يتعلق بالدولة فلا شأن له بالدين غير أن الإسلام وضع قواعد كلية قليلة عامة فيما اسماه علماء الاصول: التشريع لله ابتداء والبشر ابتناء لان البشر هم الذين يشرعون لشكل الدولة وآلياتها وشكل العمل السياسي فيها. *يتمسك بعض الإسلاميين بالفكر السلفي ويطالبون باعمال ما يسمونه تطبيق شرع الله وتطبيق الحدود الخاصة بالسرقةوالزني وشرب الخمر وغيرها من المسائل ما هو موقفكم من ذلك ؟ من يقول إن الإسلام حدود فقط يكون فهمه للإسلام قاصرا ولن يحقق أبدا أي نتيجة تذكر لأن الإسلام ليس حدودا ولابد أن نفهم أن الحدود هي جزء قانوني عقابي والإسلام قبل أن يحكم بقطع يد السارق لابد أن يوفر له حياة كريمة بما يساعده علي عدم السرقة ونفهم ان الحدود أمر قانوني جنائي ونضعه علي جانب ولا يمكن تطبيقه إلا إذا كان الحكم نزيها وعادلا يساعد الناس ويسعي المجتمع كله للفضيلة ساعتها نضرب علي السارق واعتقد أن اسهامات فكرية وفقهية في مثل حد الزني لايمكن تطبيقها. * لكن هناك مواقف أخري متعلقة بحد الردة فهل أنت مع قتل أو محاربة من يختلف مع الإسلام أو يخرج عن الدين؟ حد الردة مقصود به منع الاستهتار والعبث بالعقائد لأنه يتسبب في فتنة وسبق لي أن طلبت من الحاكم مثلا ان يمنع الزواج بين الشباب المسلمين والفتيات المسيحيات حتي نمنع الفتنة بعد أن تسببت مثل هذه الحوادث في السابق في احداث احتقان خلال السنوات الماضية وتحول الأمر لفتنة طائفية وطالبت بتدخل الحاكم بمنع هذه الأمور. * ولماذا تدخل الحاكم في هذا الأمر ولدينا قانون مدني يحسم الأمر؟! { مصلحة المجتمع مقدمة في ظل وجود مناخ طائفي * كنت من المنتمين للجماعات الإسلامية, وكان لها موقف عنيف تجاه السياحة, وتم تغييره فيما بعد, لكن التغيير جاء كنوع من المواءمة وليس لاقتناع فكري علي اعتبار أن السائح يأخذ عقد أمان وليس علي أن السياحة مفيدة للاقتصاد الوطني.. فما هو موقفك؟! صناعة السياحة فضلا عن أنها تعد مصدرا مهما للدخل القومي, فهي أيضا صناعة قديمة والقرآن الكريم قال فسيحوا في الأرض للتبصر والتذكر, والأهرامات كانت موجودة مع دخول الإسلام مصر ولم تحطيم كما حطمت طالبان تماثيل بوذا, فقد كان تحطم الآثار حالة نشاذ في الدنيا. * لكن يوجد وسط الحركات الإسلامية فكر طالباني, إذ يخرج علينا كل فترة من يهاجم الآثار علي اعتبار أنها أصنام؟! لم يصل الأمر إلي هذه الدرجة, ولا أعتقد أن أحدا يقبل منه تحطيم الأهرامات, وعلينا أن نفصل بين أن السياحة وسيلة للتعارف بين الشعوب, وأمور مرتبطة بها مثل صناعة الخمر وشربها, ويمكن أن نقدم نصائح للسياح, ونطالب شركات السياحة الكبري بأن تنصحهم بمراعاة ثقافتنا في المأكل والملبس. * لكن السائح يأتي ليرفه عن نفسه ولا يريد أن يملي أحد عليه شروطه؟! يأتي علي حريته, لكن بثقافة البلد, فلا يجوز أن يقوم رجل وامرأة في الطريق العام بتقبيل بعضهما. * معني ذلك أنك تطالب بضرورة منع الخمور مثلا؟! نعم.. لابد من منع الخمور لدينا, أو علي الأقل تكون في أضيق الحدود, خاصة أن الشرائع السماوية تمنع شرب الخمر. * لكن هناك جاليات أجنبية في مصر لها حريتها فيما تشرب, كما أن هناك من المسلمين من يشرب الخمر؟! لابد من الامتناع عن تقديم الخمر.. وإنتاجه إذا سمح به يكون في أضيق مكان ممكن أن يباع فيه جهرا. * أنت تريد أن يباع الخمر مثلما تباع المخدرات مثلا في السر؟! المخدرات مثل الخمر ولا يمكن لدولة تحترم دينها وميثاقها أن تجاهر بمعصية. * وماذا عن الاتفاقيات الدولية الملزمة لمصر بحقوق الإنسان وحرية المرأة, وفيها التباسات تختلف مع العقيدة الإسلامية؟ كل الحريات مكفولة, بما فيها حرية الكفر مكفولة, باستثناء ما يتعارض مع ثقافتنا, فمثلا لا نسمح بحرية الشذوذ الجنسي. * أنت تقول حرية الكفر؟! ربنا قال لا إكراه في الدين وإنما أقنن الشذوذ لأن له عقوبة, لذلك كنا نهاجم ااتفاقيات حقوق الإنسان ونقف ضدها ونتحفظ علي بعض الأمور مثل الحرية الجنسية وغيرها. * لكن القانون المدني العام أعطي الحق لمن يبلغ21 عاما أن يتصرف بحريته مادام ليس في ذلك تجارة؟! هذا هو القانون, لكن الشريعة تحاسبها بتهمة الزنا, وهذا هو الفرق بين الشريعة والقانون المدني, فالعلاقة غير الشرعية غير مقبولة إطلاقا, ومن الممكن أن تنشأ علاقة سمحت بها الشريعة مثل زواج المسيار, أو زواج الفرند الأصدقاء, أو العرفي, وإن كانت مرفوضة إلا أنها تكفي لدرء الشبهة ومنع الحد, ولكن فتح المجال لعلاقة الزنا هذا غير موجود في الشريعة, أما ما هو موجود في الخارج مثل حق الفتاة أن تفعل ما تشاء وتحمل بدون زواج, هذا أمر مرفوض لدينا إطلاقا. * من مكتسبات المرأة في الفترة السابقة حقها في تولي مناصب القضاء.. فما موقفك من ذلك؟ المرأة لا يجوز لها أن تتولي القضاء إلا في قضاء إداري ونيابة إدارية.. هناك فقه يبيح ذلك, لكنني مع الفقه المالكي الذي لا يبيح ذلك. * الإخوان المسلمون لهم مواقف ضد ترشيح الأقباط للرئاسة أو الولاية الكبري, فما رأيك؟ لا يوجد قانون عام يقول بمنع أي مواطن أن يتقلد أي منصب, مثلا في الغرب لا يتقلد مسلم منصب رئاسي, لكن لا يوجد قانون واحد يمنع المسلم من الحصول علي هذا المنصب, وأما في مصر مع الدولة المدنية فيجب ألا نضع نصا يميز بين المسيحي والمسلم في أي أمر. * وما موقفك من قضية بناء الكنائس التي كانت سببا دائما للقلاقل والفتنة؟! العلاقة بين المسلمين والأقباط علاقة تاريخية, لم تفسد إلا عندما تدخلت فيها السياسة, فمنذ أن تولي البابا شنودة البطريركية ظهر الكلام الطائفي, واختفت المواطنة عندما ظهر الكلام عن حصص للأقباط في الوظائف والبرلمان.. الأقباط شركاء في الوطن, وعليهم ما علينا كمسلمين, وواجب الأقباط أن يتحرروا من فكرة الاضطهاد, ويقدم كل قبطي نفسه كمواطن لديه كفاءة في الحصول علي المناصب, وعلي المسلمين غالبية المجتمع أن يساعدوا الأقباط في إزالة هذه الهواجس, وأن تقدمهم في الانتخابات البرلمانية والنقابية, وهذا واجب علي المسلمين أن يرشحوهم وينتخبوهم, غير أن التجربة السابقة أكدت أن الأحزاب كانت تستخدم الأقباط مثل الحلية يرشحونهم ويسقطونهم.. الحزب الوطني كان يفعل هذا, والإخوان مثلا في نقابة المحامين كانوا يرشحون قبطيا ويتركونه يسقط, وكان هدفهم فقط شكليا, وكان الأقباط يقعون في خطأ أنهم يؤيدون الحزب الوطني. * كان البابا شنودة يؤيد مبارك وجمال مبارك.. لأنهم يخافون من الإسلاميين؟ ما حدث في25 يناير أثبت كذل مثل هذا الكلام, وأنا أري أن أزمة بناء الكنائس مثلا مفتعلة لأن الكنائس الموجودة تفوق كثيرا جدا الحاجة الحقيقية للمسيحيين والمسلمين في الإحصاءات الرسمية مازالوا في حاجة إلي54% زيادة في عدد المساجد الموجودة, ولا توجد حاجة للمسيحيين لبناء كنائس, وإذا وجدت الحاجة يسمح لهم, أما أن نعطيهم الحق في بناء ما يشاءون طبعا هذا أمر مرفوض. * لكن بناء المساجد حق لأي مسلم فيشيدون مساجد في الطرق السريعة, وأسفل العمارات حتي يتهربوا من الضرائب, ولا أحد يعترض لأنه مكان مقدس. نطالب بتطبيق القانون بشكل صارم ولا يسمح للمسلمين ببناء مساجد بشكل عشوائي ولابد من تدخل تشريعي وشرطي. * مصر بها كرنفال إنساني, إذ تضم جاليات من مختلف دول العالم, فكيف يتم التعامل معهم بهذا النمط للحفاظ علي خصوصياتها الإنسانية وهي تجمع كل الحضارات والثقافات؟! أقول دائما إن النموذج الذي أريده للدولة الإسلامية هو مصر الآن, وأقول إن مصر بشكلها الحالي دولة إسلامية لو استطعنا أن ننظفها من الفساد, لأننا لا نريد دولة ثيوقراطية تخنق الدنيا وتمنع الإبداع والسينما والثقافة أو نتدخل في حق المرأة في أن تتحجب أم لا. الحرية هنا لأقصي نطاق, إلا في بعض الأمور مثل أن الدولة تسمح ببيع الخمور, وهذا أمر مرفوض, ولا يمارس الزنا بشكل رسمي أو علني, ونسعي لتحصين الفضيلة ولا تتدخل في الشئون الخاصة. ولو قمنا بمقاومة الفساد ستكون مصر دولة إسلامية السماحة بعدم التفتيش علي الناس.. فمن يصلي له حريته.. ومن لا يصلي له حريته.. لأن الدين سهل والمصريون بطبعهم يحبون التدين.. فلا نحتاج إلي شعارات دينية أو أحدا يتكلم باسم الإسلام ويرفع شعارات, ولو وجدنا حرية فلن يسيطر الإخوان أو غيرهم.