منذ ما يقرب من مائتي عام صنعت في الأستانة مقر الخلافة العثمانية, وقطعت رحلة طويلة متنقلة من بلد إلي أخر حتي استقرت تلك القطعة النادرة من كسوة الكعبة المشرفة في مكتبة الإسكندرية لتكون وجهتها الأخيرة, مهداة من يشار حلمي, رجل أعمال مصري وصاحب إحدي شركات الأدوية. وجذبت القطعة النادرة أنظار الجميع خلال حفل استلامها في قاعة الاطلاع الرئيسية بمكتبة الإسكندرية, أمس, والتي تمت صناعتها عام1830 من الحرير الأسود وكتب عليها أسماء الله الحسني وآيات قرآنية بأسلاك من الفضة وأخري مذهبة, ومطعمة بقطع من الحرير الأحمر والأصفر, وهو تقليد لا يستخدم الآن حيث أصبحت الكسوة تصنع من الحرير الأسود والخيوط الذهبية فقط. وقال يشار حلمي, إن القيمة التاريخية لكسوة الكعبة المهداة إلي المكتبة لا ترجع فقط لكونها قطعة فنية متميزة, ولكن أيضا لكونها كسوة لبيت الله الحرام, مما يكسبها شحنات إيمانية قوية يشعر بها كل من يراها, موضحا أن رغبته في أن يتمتع غير المسلمين بمشاهدة هذه القطعة الأثرية والفنية الملهمة كان السبب وراء إهدائه إياها لمكتبة الإسكندرية. وأضاف أنه كان يحلم باقتناء قطع من كسوة الكعبة ونجح في اقتناء قطع متنوعة لها, إلا أن ما يميز القطعة المهداة للمكتبة أن الزخارف الموجودة بها صنعت بألوان متنوعة وشكل مختلف عن الشكل المتعارف عليه والذي أصبح معتمد الآن, مؤكدا أنه جار التنسيق مع المكتبة لإهدائها مقتنيات أخري من مجموعته الخاصة لإنشاء متحف. وقال الدكتور إسماعيل سراج الدين, مدير مكتبة الإسكندرية, إن هذه القطعة النادرة من كسوة الكعبة تمت صناعتها في عصر السلطان التركي محمود الثاني وأثناء تولي محمد علي حكم مصر, موضحا أنها صنعت في تركيا علي يد أمهر النساجين. وأشار إلي تخصيص مكان في قلب قاعة الاطلاع الرئيسية لعرضها, وأنه سيكون هناك احتفالية أخري تنظمها المكتبة خلال الأسابيع القليلة القادمة بعد الانتهاء من وضع كسوة الكعبة في المكان المخصص لها, مؤكدا إن مصر لها تاريخ مرتبط بصناعة كسوة الكعبة في القرنين الماضيين. وشهد الحفل شهد حضور الدكتورة سعاد الخولي, نائب محافظ الإسكندرية, واللواء عادل التونسي, مدير أمن الإسكندرية, وهدي الميقاتي, نائب مدير مكتبة الإسكندرية, وعدد من قناصل الدول والشخصيات العامة في الإسكندرية. جدير بالذكر, إن هذا الإهداء يعد الثاني لمكتبة الإسكندرية, حيث سبق وأهدي الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز المكتبة, جزءا من كسوة الكعبة الشريفة, خلال زيارته للمكتبة عام2001 للتعرف علي هيكلها الإداري وأنشطتها قبل عام من افتتاحها الرسمي في اليوم العالمي للكتاب23 إبريل2002, وكان وقتها يشغل منصب ولي عهد السعودية.