انطلاق القاذفات الروسية الاستراتيجية تو22 إم3 من قاعدة عسكرية إيرانية في همدان, لتشن ضربات علي مواقع المسلحين في سوريا, خطوة غير مسبوقة, تؤكد أن العلاقات الروسية الإيرانية قفزت خطوات إلي الأمام, وتتجاوز كونها تقلص زمن تحليق الطائرات الروسية60%, وجعلها قادرة علي مضاعفة حمولتها من الصواريخ والقنابل من7 أطنان إلي22 طنا. الولاياتالمتحدة أعربت عن استيائها من استخدام روسيا قاعدة همدان الإيرانية, وقالت إنها لم تكن مفاجأة, وأنها رصدت هبوط طائرات روسية في القاعدة خلال الشهور الأخيرة, كما تلتها إسرائيل في التخوف من أن تكون الخطوة بداية مرحلة جديدة من التحالف الروسي الإيراني, من شأنها أن تعيد رسم موازين القوي في المنطقة, وأنها رسالة واضحة في أن روسياوإيران لن يسمحا بسقوط النظام السوري. أما رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي شامخاني فقد وصفها بأنها تجسد إرادة البلدين في المواجهة الجادة للإرهاب. ثلاثة عوامل ساهمت في التقارب الروسي الإيراني, أولها أن كلا البلدين يتعرض لعقوبات إقتصادية أمريكية, ومحاولات تطويق من دول حلف الناتو, وساهم تعميق الأزمة بين روسيا والناتو بسبب أحداث أوكرانيا وشبه جزيرة القرم في زيادة اهتمام روسيا بتحسين علاقاتها مع الدول الواقعة في جنوبها, وسعت إلي تعزيز البعد الأمني لمجموعة شنجهاي, بينما كانت إيران في أشد الحاجة إلي حلفاء, ليؤكد بوتين أن انضمام إيران لمجموعة شنغهاي لم يعد أمامه أي عقبات بعد الاتفاق النووي مع الدول الست الكبري. وجاءت أزمة انخفاض أسعار النفط والغاز لتزيد التقارب الروسي الإيراني, باعتبارهما أكبر المضارين من رفع دول الخليج لمعدلات الإنتاج وتوسع أمريكا في إنتاج الزيت الحجري, لتتدهور أسعار النفط من نحو120 دولارا للبرميل, إلي أقل من30 دولارا, واندلاع حرب خطوط الغاز, الذي تحتل روسيا المركز الأول في انتاجه يليها إيران ثم قطر, وكان للتنسيق بينهما دور مؤثر في امتصاص صدمة النفط وحرب خطوط الغاز. أما العامل الأهم فكان توسع نشاط التنظيمات الإرهابية, التي تراها كل من روسياوإيران خطرا مباشرا عليها, فالجماعات التكفيرية تري في إيران العدو الأول لها, كما تستهدف دول الاتحاد الروسي ذات الأغلبية الإسلامية, خاصة الشيشان, بل شنت عمليات داخل موسكو. وجاء استخدام روسيا لقاعدة همدان كحلقة في سلسلة طويلة من خطوات التعاون العسكري, فقد زودت روسياإيران بمنظومة صواريخ إس300, بعد رفع العقوبات عن إيران, تلاها الإعلان عن إقامة مشروعات عسكرية مشتركة منها إنشاء مصنع لتجميع طائرات السوخوي في إيران. وكان الإعلان عن إقامة شبكة من خطوط السكك الحديدية والطرق البرية تربط بين روسياوإيران والدول المحيطة ببحر قزوين خطوة مهمة في تحقيق الحلم الروسي بالوصول إلي مياه المحيط الهندي عير طهران, وجاء مرور الطائرات الروسية عبر الأجواء العراقية إيذانا بالتواصل بين روسياوإيران والعراق وسوريا, لترسم ملامح تحالفات جديدة في المنطقة, تعزز من نفوذ كل من موسكووطهران, وتجعل لروسيا موطئ أقدام راسخة في المنطقة, خاصة الإطلال علي الخليج الذي كان حكرا علي القواعد الأمريكية والأوروبية. لا يعكر صفو العلاقات الروسية الإيرانية سوي الموقف من كل من إسرائيل والسعودية, فروسيا حريصة علي عدم التفريط بعلاقتها بكليهما, بينما توجد حرب غير مباشرة بين إيران وكل من السعودية وإسرائيل, ومن المبكر الحكم علي مدي تأثيرها علي أولويات البلدين, لكن المؤكد أن روسياوإيران استفادتا من الأخطاء الأمريكية الجسيمة في المنطقة.