جاء خبر محاولة اغتيال فضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة صادما, رغم أنه لم يكن بعيدا عن الأذهان في مراحل سابقة أن محاولة مثل هذه محتملة الوقوع بشكل عام.. فمن المعروف أن الشيخ وهو مفتي سابق للديار المصرية وأحد أبرز علماء الأزهر الشريف وأكثرهم تبحرا في العلم كان أبرز من تصدوا بشجاعة بالغة وقوة حجة ناصعة لتيارات الإرهاب التكفيري وتيارات الإسلام السياسي, الذين أصبحوا يساقون كالقطعان وراء ما تقوله أو تفعله تنظيماتهم وقادتهم وكأنها أوثان تعبد من دون الله.. وحالة الغيبوبة هذه لم يكن أخطر عليها سوي النقاش والتفنيد بالسند والحجة من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وتفكيك المقولات والحجج التي يستندون إليها في تكفير الآخر بالبيان والبرهان وبالكلم الطيب والموعظة الحسنة, مع تفكيك المقولات التي تستند إليها هذه الجماعات والتنظيمات بالعودة بها إلي جذورها ومصادرها, ابتداء من الخوارج الذين قاتلهم وقتلهم سيدنا علي كرم الله وجهه, وصولا إلي سلالاتهم الأخيرة التي خرج معظمها من عباءة جماعة الإخوان المسلمين, فيكفرون الأفراد والمجتمعات ويستبيحون القتل والذبح, وينشرون الفتن والخراب والدمار. لكل ذلك كان غيظهم من فضيلة الشيخ الإمام علي جمعة كبيرا وحظه من حقدهم عظيما. وقد استوي في ذلك عامة مناصري هذا التيار ممن تم خداعهم بالدين, مع نخبتهم ممن تسبق بعض أسمائهم الألقاب العلمية, وقد تطاول بعضهم وخرج عن كل منطق إلي السباب المجرد, بسبب العجز عن المواجهة بالحجة أو البرهان, في حين أن كل من تطاولوا علي فضيلته لا يحسنوا أن يجلسوا منه مجلس التلاميذ. بفضل من الله ورحمته نجا الشيخ من محاولة الاغتيال التي قام بها أربعة مسلحين. وقد نشر موقع قناة العربية أن حركة تابعة لجماعة الإخوان في مصر تطلق علي نفسها اسم حسم, قد أعلنت مسئوليتها عن العملية, بينما أسندها مسئول أمني سابق إلي بعض بقايا الإجرام والإرهاب الفارين من عناصر منطقة كرداسة, طبقا لما نشر بجريدة الأهرام. لقد أثارت محاولة الاغتيال اهتماما واسعا وردود أفعال واسعة النطاق, واتت بعكس ما كان مستهدفا منها, إذ أثبتت مرة أخري عجز هذه التيارات وإفلاسها, وأكدت أيضا أن سلاح الواجهة الفكرية والثقافية هو أشد الأسلحة وأكثرها مضاء, فنحن في أشد الحاجة لتفكيك الكثير من البني والمقولات التي أصبحت اتجاهات عامة وثابتة لدي أنصار هذه التنظيمات والجماعات. إن محاولة التخلص من الشيخ علي وإخماد صوته بالاغتيال المباشر, قد سبقتها وبشكل مستمر محاولات اغتيال معنوي ومحاولات اغتيال للشخصية عبر سيل لا ينقطع من الإشاعات والتشنيع والتحريف والتلفيق, اتسمت بقدر هائل من الغل والرغبة في الانتقام من رجل لم يفعل سوي أن صدع بشهادته ولم يكتمها.. ولم يجزع أو يتردد من مواجهة هذا السيل الهائل من الافتراءات, وهو يعرف سلفا أنه سوف يدفع ضريبة موقفه بمحاولة النيل من حياته وأمنه, وأمن أسرته الصغيرة.. لقد نذر موقفه لله رب العالمين, ولذلك كان بيانه هادرا وموقفه قويا لا لجلجة فيه ولا تردد ولا تورية.. وهذا هو دور العالم والفقيه في أوقات المحن والاضطرابات.. فلله درك يا إمام.