نحن نحيا بفضل الشباب الأطهار الذين أشعلوا ثورة هذا الشعب العظيم, الشباب الذين واجهوا الرصاص وفتحوا صدورهم أمام النار, الشباب الذين سقطوا في دمائهم, وفتحوا لنا نافذة الحياة الكريمة. هؤلاء لهم دين عظيم في أعناقنا, هؤلاء هم ثمن الحرية التي ننعم بها الآن, هؤلاء هم الذين حررونا من سلطة التخلف والخوف والفساد والاستبداد, هم الذين حرروا مصر, هم الذين أهدونا قلادة الحرية في يوم عيد الأم. غدا الواحد والعشرون من مارس, هو عيد أمهات الشهداء, أمهات الثوار, أمهات الشباب, هؤلاء الأمهات العظيمات قدمن لنا جميعا كتائب من العظماء الذين ماتوا حتي نحيا, والذين واجهوا الخطر حتي نعيش في أمان, والذين ضحوا بالحياة حتي يصنعوا لمصر كلها حياة تليق بها. غدا هو العيد الحقيقي, عيد الديمقراطية, عيد الأم الواحد, عيد مصر أم الدنيا, من اليوم هي حقا أم الدنيا, منها تسطع شمس الحرية, تعود كما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم: أنا تاج العلاء في مفرق الشرق وحباته فرائد عقدي أنا إن قدر الإله مماتي فلن تري الشرق يرفع الرأس بعدي عادت مصر قائدة للشرق كله, بتجربتها الثورية, وبميلادها الديمقراطي, وبتخلصها من ميراث الحكم الفردي, يعود الشعب المصري سيدا لنفسه, سيدا علي حكامه, سيدا لقراره ومصيره. من هنا, من مصر, من ميلاد الديمقراطية في التاسع عشر من مارس, يعود الشعب المصري إلي الريادة الحقيقية, وتعود مصر إلي موقع القيادة الطبيعي. دماء الشهداء هي نقطة البداية, هي التي حركت الشعب كله, هي التي أذهلت العالم كله, هي التي دفنت تاريخ الاستبداد والفساد, هي التي فتحت صفحة جديدة في تاريخ مصر بل في تاريخ الشرق العربي والإسلامي بأجمعه... المصريون ظهروا بالأمس علي حقيقتهم, شعبا متحضرا, واعيا متحررا, مثقفا, شعبا عميقا وعنيدا ومتفائلا وواثقا من قدرته وجدارته واستحقاقه. الشعب المصري هو وحده صاحب الكلمة, كلمته فوق الحكام, فوق الأحزاب, فوق الزعامات, فوق المصالح, فوق الحسابات... الشعب المصري استيقظ ولن ينام بعد اليوم, لن تغفل له عين, ولن يسمح بأن يستغفله أحد. سلام علي شهداء الثورة, يوم نزلوا إلي الشارع, ويوم جادوا بالدماء, ويوم أسقطوا الاستبداد, ويوم أنعموا علينا بديمقراطية سوف تبقي دينا لهم في أعناقنا.