وضعت مصر حجر الأساس في بناء نهضتها الشاملة وصولا للمستقبل الذي تستحقه أجيالنا القادمة, وعلي الرغم من الأحداث الساخنة والملتهبة التي جذبت أنظار العالم أمس وخاصة بدء العمليات العسكرية ضد نظام القذافي تنفيذا لقرار مجلس الأمن. إلا أن المشهد المصري المصاحب للاستفتاء علي التعديلات الدستور انتزع وعن جدارة مساحة كبيرة من ساعات البث المباشر للفضائيات ووسائل الاعلام لتغطية هذا الحدث التاريخي. ومنذ الصباح الباكر توافدت علي مقار اللجان أعداد غفيرة من المواطنين والغالبية العظمي منهم يشارك وللمرة الأولي في حياتهم, وكان الجدل المثار بين أفراد الأسرة الواحدة حول الموافقة أو الرفض للتعديلات المقترحة هي السمة المشتركة التي تؤكد علي تخلي الكتلة الصامتة والقادرة علي الحسم عن سلبيتها واقدامها علي المشاركة عندما أيقنت أن الوقت قد حان للايجابية والتحرك نحو البناء وعدم الاكتفاء بالرؤية والانتقاد عن بعد, وكذلك إحساس كل مصري بأهمية صوته في رسم معالم الطريق الذي بات علي الوطن أن يسلكه تحقيقا لأهداف لا يختلف عليها من قال نعم ومن قال لا. وفي ضوء تجربة الأمس نستطيع أن نطمئن علي مصر في حاضرها ومستقبلها لأن مثل هذا الشعب يبقي قادرا علي انجاز تحقيق الحلم المصري المشروع في إقامة الدولة المدنية الحديثة بسرعة تفوق التوقعات طالما أخذ المبادرة وأصبح صاحب القرار من خلال الممارسة الديمقراطية السليمة. من حق مصر أن تفخر بتجربة الاستفتاء وبهذا الاقبال غير المسبوق الذي يسجل رقما قياسيا لم يعرفه التاريخ من قبل ودخلت مصر من خلاله الي عصر جديد يتفق مع التغيير الشامل المنشود في مختلف نواحي الحياة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. عصر تأخر طويلا ولكنه قادم بكل قوة تجعله يسابق الزمن تعويضا لما فات وتأكيدا علي القدرات الكامنة في شعب يمتلك كل مقومات التقدم, وبعد أن استيقظ لن يعود للسبات مرة أخري. هنيئا لمصر وشعبها بنجاح مبهر فاق كل التوقعات. muradezzelarab@hotmailcom