كعادتها تخرج علينا حكوماتنا المرتعشة بنهايات صارخة تفوح من نبراتها رائحة العجز والفشل لتعلن النتيجة الطبيعية لعشوائية الإنفاق وسوء النظم والإدارة وفقدان التخطيط وانعدام الرؤية, والتي تعد بوابات الفشل الأربع, التي تسربت سمومها في كافة أنحاء الإدارات الحكومية فعششت في أركانها وتكاثرت في معالمها; لتقضي علي ما تبقي من بصيص رؤيتها نحو مستقبل لا يحطمه عجز ولا يحني قامته دين, لتبقي السياسات الوحيدة لسد الخلل, إما الاقتراض أو المنح. ورغم كافة التحذيرات والنداءات التي كانت ومازالت تخشي الوصول لتلك النتائج المؤسفة, في ظل غياب تام من الانتباه والوعي الحكومي, وفي الوقت الذي حاولت صرخات المجتمع إيقاظ المسئولين من غفلتهم قبل فوات الأوان, كانت حكومتنا تتبع سياسة أذن من طين وأخري من عجين, إلي أن فاحت جيفة الفساد والفشل من أدراجها فباتت تلهث وراء قرض صندوق النقد النكد بالنسبة للشعب لتغطي الخلل وتدفن فضائحه. وحيث إن اتباع سياسة شد الحزام أو التقشف وترشيد النفقات, هي إحدي الوسائل التي يجب أن تتبعها الحكومة خلال المرحلة المقبلة, خاصة أن مصر أقبلت علي الاقتراض من صندوق النقد, الذي سيلزم الحصول علي القرض المقدم منه, اتباع بعض السياسات التي من شأنها تخفيض الإنفاق العام, وتقليص الدعم, وغيرها من الإجراءات, وإن كان التقشف هو أحد الحلول المهمة لتحقيق استقرار الأوضاع الاقتصادية للبلاد, فيجب أن تطبق سياساته علي الحكومة أولا قبل المواطن, ويجب أن تكون بداية التقشف الحكومي بسد وتحجيم جميع منافذ الفساد, قبل التفكير في تقليص المصروفات العامة. فإن كان حتي الآن في ملف واحد للقمح تم الكشف فيه عن إهدار مليارات الجنيهات في دائرة كاملة للخبز الوهمي, فمن ثم هناك كثير من الملفات الأخري المسكوت عنها, كأراضي الدولة وغيرها من أموال الشعب المنهوبة تكشف في طياتها عن مليارات مبددة, ورغم أن مكافحة الفساد وتطبيق الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي تم إقرارها في2014 وما تم عليها من تحديث, هو جزء من برنامج الحكومة الذي منحت الثقة فيه, لكنه لم يطبق حتي الآن. وإن كانت شروط صندوق النقد, دائما ما ترتبط بسياسات التقشف سواء بتقليص الإنفاق أو تخفيض الدعم الموجه للمواطنين, فعلي الحكومة الضرب بيد من الحديد علي إنفاقها وترشيد مصروفاتها, وانتهاج سياسة التقشف خلال المرحلة المقبلة لتقليل أي مصروفات تنفق علي الشكليات وليست ضرورية; لمواجهة الأزمات المالية التي تواجه البلاد.. فهناك مصروفات تنفق علي تجديد المكاتب والسيارات الخاصة ومواكب الوزراء والمسئولين والخدمات الخاصة بهم والتي لا تعد ولا تحصي, مع ضرورة أن يكون ضمن إجراءات تقليص النفقات, تغيير طريقة إعداد الموازنة العامة للدولة, لتصبح عن طريق اتباع سياسة البرامج, وليس تقدير كل وزارة علي حده, لتفادي عدم إمكانية استغلال الأموال المخصصة لباب من أبواب الموازنة لخدمة العجز في باب آخر, لانه أحد عوامل إهدار المال العام وموارد الدولة, مع اتباع بعض الإجراءات الهامة لترشيد الاستيراد الذي عرف مؤخرا بالاستيراد العشوائي, لسد الفجوة بين الصادرات والواردات, وأن سياسة التقشف قبل أن تعمم علي البسطاء يجب أولا أن تتضمن تنقية لجميع قواعد البيانات الخاصة بتقديم الدعم للمواطنين, خاصة وأن هناك20 مليون مواطن يحصلون علي الدعم دون وجه حق, وأن قرض صندوق النقد يجب أن يحظي بعدم قبول الحكومة بأي شروط من الممكن أن تجحف محدودي الدخل والمواطنين البسطاء, ولذلك يجب أن تكون الشروط ميسرة.