وهي التي كانت متزوجة من عزيز مصر, فلما اشتري يوسف عليه السلام دفعه إلي زوجته قيل اسمها( زليخة) وقال( أكرمي مثواه عسي أن ينفعنا أو نتخذه ولدا) وهي التي راودت يوسف عن نفسه في بيتها فاستعصم ثم زجت به في السجن فانتشر صيته الطيب حتي بلغ الملك فاعترفت علي نفسها هي وبقية النسوة بأنهن أخطأن في حقه وأنه من الصادقين, فأصبح قريبا عند الملك وأصبح عزيز مصر ثم تابت وأنابت واعترفت بالتوحيد فتزوجها يوسف عليه السلام وأعادها الله إلي شبابها وجمالها جزاء لصدقه وحفظه لفرجه وعهده لله جل وعلا. قال تعالي:( وقال الذين اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسي أن ينفعنا أو نتخذه ولدا, وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب علي أمره, ولكن أكثر الناس لا يعلمون(21) ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما, وكذلك نجزي المحسنين(22) وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب, وقالت هيت لك قال معاذ الله انه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون(23) ولقد همت به وهم بها لولا أن رأي برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين(24) واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم(25) قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين(26) وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين(27) فلما رأي قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم(28) يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين(29) ويوسف ثم حينما سمعت بنسوة المدينة ينتقدن ما فعلته قالت: قال تعالي( وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حيا إنا لنراها في ضلال مبين(30) فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئا وآتت كل واحدة منهن سكينا, وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم(31) قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين(32) قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه, وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم(34) يوسف. وبعد أن طلب يوسف عليه السلام السجن ظل فيه حتي أفرج عنه, وقد شهد له من رافقه في السجن بعلو خلقه وأنه من المحسنين ثم قال الملك ائتوني به بعد أن فسر له ما رآه من رؤيا أعجبته بعد أن فشل الجميع في تأويل الرؤيا وقالوا أضغاث أحلام. فلما وصل ذلك إلي يوسف في السجن أراد أن يبرئ نفسه فطلب من الرسول أن يبلغ الملك أن يحضر امرأة العزيز والنسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم. فلما أحضرهن الملك اعترفن له بالخطأ في حقه. وفي شرح الآيات من الإمام ابن كثير: مضمونه أن الملك حينما سأل امرأة العزيز والنسوة اللاتي قطعن أيديهن( ما خطبكن) أي ما شأنكن وخبركن( إذ راودتن يوسف عن نفسه) وهو يريد امرأة وزيره وهو العزيز عن يوم الضيافة( قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء), فقالت امرأة العزيز( الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه, وإنه لمن الصادقين) أي في قوله( هي راودتني عن نفسي)( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) تقول المرأة: إنما أعترف بهذا علي نفسي ليعلم زوجي أني لم أخنه بالغيب في نفس الأمر, وإنما راودت هذا الشاب مراودة, فامتنع, فلهذا اعترفت ليعلم أني بريئة( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين, وما أبرئ نفسي), ولست أبرئ نفسي, فإن النفس أمارة بالسوء تتحدث وتتمني, ولهذا راودته.