تقتضي الدقة لدي الإعلاميين المحترفين عدم التسرع في نشر خبر أو تفاصيل أو متابعات إلا بعد التأكد أولا من صحة الخبر من ثلاث مصادر ثم يبدأ التدقيق في المعلومات والتفاصيل من خلال المتابعات, ولأن الإعلام المصري رضع الفهلوة, تعامل مع الحدث علي طريقته من أول لحظة أعلن فيها عن التمرد العسكري التركي مما جعله موضع سخرية من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فور بث التليفزيون التركي الرسمي لبيان الانقلاب الذي قادته مجموعة من ضباط الجيش, انطلقت الفضائيات المصرية الخاصة الي التعليق علي الحدث بطريقتها العاطفية, مظهرة قدرا من الشماتة وإظهار الفرح والسرور بما يجري وابراز تعليقات من نوعية' مظاهرات في إسطنبول مؤيدة للجيش وهتافات معادية لأردوغان', و'أردوغان يهرب لألمانيا ويطلب وساطة دولة كبري لمنحه خروجا آمنا له ولأسرته', و'أردوغان يهدد شعبه بحمامات دماء ليستعيد حكمه'. والغريب أنه قبل أن تتضح معالم الصورة الكاملة للمشهد التركي ورغم تداخل الأحداث وتضارب الأنباء حول موازين الثقل السياسي والعسكري مما يقتضي الحذر في التعامل الإعلامي, خرجت جريدة الأهرام الصباحية بعنوان' الجيش التركي يطيح بأردوغان' وهو تسرع لا يليق بالصحيفة المصرية العريقة. وعلي منوال الأهرام صدرت' المصري اليوم' بمانشيت جاء مطابقا لعنوان الأهرام'الجيش التركي يطيح بأردوغان'.. وكذلك الوطن وكأن المانشيتات مكتوبة وموزعة, أيضا, مما يؤسف له أن صحفا مصرية تداولت أخبارا مغلوطة عن مقتل رئيس هيئة الأركان التركي, وطلب أردوغان اللجوء إلي ألمانيا. كما وقعت فضائيات خاصة في سقطات جسيمة لا تليق بها مثل قناة صدي البلد او السي بي سي او النهار وأون تي في وغيرهم ممن فاتهم أن المصالح العليا للبلاد تقتضي الحذر في التعامل مع مثل هذه الاحداث. وهنا أقدم التحية لقناة النيل للأخبار التي كانت علي مستوي يليق بمؤسسة عريقة مثل اتحاد الإذاعة والتليفزيون حيث قدمت تغطية إعلامية اتسمت بالدقة والمسئولية حماية للمصالح المصرية حيث تابعت الأحداث بمهنية واحترافية وفي لحظات حرجة كان لها مراسل من تركيا يقول الحقيقة بعيدا عن الأمنيات والتماحيك التي انزلقت إليها المؤسسات الإعلامية الخاصة مطبوعة ومرئية. كما أقدم التحية ل'الأهرام المسائي' و'الشروق' و'أخبار اليوم' علي تعاملهم الحذر وحيادية العناوين الرئيسة ولم تسقط في براثن التهور كما سقطت صحيفة عريقة أو صحفا خاصة كانت تدعي المهنية!!. اننا نقول بحزن شديد علي المهنية والأخلاقية لا علي ما جري وما يجري في تركيا, إن التغطيات الفضائيات المصرية وبرامج التوك شو قد أطاحت بالمعايير الأخلاقية والمهنية في التعامل مع الحدث حيث تسرعت في تحيزاتها ضد الحكومة التركية الحالية وفتحت الهواء للمداخلات الهاتفية المؤيدة لما يجري في أنقرة, كما لم يتردد مقدمو هذه البرامج في ممارسة عادتهم في الاستنتاجات الخاطئة والأحكام المتسرعة. وأظهر عدد من المذيعين شماتة واضحة فيما يجري في تركيا فمن قائل' اللي ييجي علي مصر ما يكسبش' في قناة النهار, ومن قائل آخر:' التجربة التركية فشلت بعدما تخلي الجميع عن الرئيس التركي'. ان التغطيات المنحازة التي مارستها قنوات السي بي سي والحياة وصدي البلد والنهار وغيرها من القنوات الخاصة لا تخدم المصالح الوطنية ولا تراعي المبدأ الدولي المعروف( لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة إنما توجد مصالح دائمة). لعله درس للمتسرعين, ولعله عظة للشامتين, أقول لكم خدمة مصر تكون بإعلام محترم يدار بمهنية ويرعي مصالحنا القومية.