هناك فى قرية «ميت حلفا » ولد «سيد » المنجد وعاش مع أشقائه العشرة بينهم أربعة من البنات وستة من البنين وكان أبوهم «ن.س » نجار مسلح لا يهتم إلا بعمله طوال النهار فى عز الصيف أو برد الشتاء ليستطيع تدبير قوت أبنائه العشرة.. ولم يكن يتبقى معه ما ينفقه فى تعليمهم. كما أن مسألة التعليم لم تكن في محور اهتمامه.. أما الأم فكانت رسالتها في الحياه أن تنجب وترص أبناءها إلي جوار بناتها معتقدة أن في كثرة الأبناء عزوة وما أن اشتد عود سيد عهد به أبوه لأسطي منجد ليعمل معه ويتعلم الحرفة لعله ينفع بها نفسه في المستقبل.. ظن سيد أنه سيحصل من عمله علي النقود التي يستطيع تحقيق أحلامه بها.. إلا أنه اصطدم بتصرف والده حيث اتفق مع الأسطي علي أن يقابله كل أسبوع للحصول علي أجرته ليسهم بها في مصروفات البيت ويترك مبلغا زهيدا للطعام والشراب, حيث كان يقيم مع المنجد إقامة كاملة.. وفي أوائل عام2014 اختفت بعض المتعلقات من مخزن الأسطي ودارت كل الشبهات حول سيد وألقي القبض عليه, حيث ظل حبيسا علي ذمة التحقيقات علي ما يزيد علي الشهر.. وخرج بعده عائدا إلي منزل الأسرة ب ميت حلفا.. أحس سيد بأن ظروف أسرته المادية ليست علي ما يرام, فتذكر تلك المنطقة التي كان يعمل بها كصبي منجد وهي منطقة الساحل.. كما تذكر الصبية الذين كانوا يطوفون في الشوارع لجمع الخردة وبيعها للتجار بمنطقة الخلفاوي.. فخرج للعمل لتدبير نفقاته إلا أنه كان يمد يده للحرام أحيانا ويسرق ما يستطيع أن يلهفه من هنا وهناك وتعرف علي طرق تصريف مسروقاته من خلال عملاء بشارع المؤسسة بشبرا الخيمة.. وفي النصف الثاني من نفس السنة كان في منزل الأسرة بميت حلفا وحضرت إحدي شقيقاته المتزوجات غاضبة من زوجها بعد أن تركت له المنزل.. وكانت شقيقته في ذلك الوقت حاملا غير أن لديها طفلة أخري إلا أن أمه رفضت استقبالها وطلبت منها العودة إلي مسكن زوجها في منتصف الليل.. فانفعل علي أمه وأسرع بإحضار أسطوانة بوتاجاز وهدد بحرق البيت إذا خرجت شقيقته في ذلك الوقت.. فأسرعت الأم بالشكوي لأبيه حيث قام بطرده للشارع.. فتوجه إلي المسجد عند كوبري ميت حلفا ونام فيه حتي صباح لليوم التالي.. ثم خرج إلي منطقة الساحل للعمل.. واستمر الوضع حتي نهاية يونيو من نفس العام.. وخرج ذات صباح يجمع الخردة حتي وصل إلي العقار213 شارع شبرا حيث كانت البوابة العجوز صديقة.م.ب تنام في غرفتها فوق سرير صغير ويظهر أسفل السرير بعض الأواني النحاسية.. فسال لعاب سيد وقرر سرقة الأواني في غفلة من العجوز النائمة وأسرع بدخول الغرفة وأثناء السرقة أحست العجوز به وهمت للاستغاثة ففاجئها بضربة فوق رأسها ب حلة نحاسية حيث سقطت علي السرير.. وعندما حاول الهرب وجد الباب قد أغلق ولم يستطع فتحه فجلس إلي جوار جثة العجوز ثم اعتدي عليها وخرج من شباك صغير بالغرفة وباع الأواني لتجار الخردة بالخلفاوي.. وكانت هذه جريمة القتل الأولي واختفي فترة عن المنطقة ثم عاد لممارسة عمله في جمع الخردة بمنطقة الساحل وساقته قدماه لشارع الثلاثيني وتذكر ذلك العقار رقم6 الذي عمل فيه كصبي منجد بإحدي الشقق.. كما تذكر تلك العجوز بوابة العمارة التي كانت تعيش بمفردها في غرفة بحمام أسفل السلم.. وقرر أن يسرقها فاقترب من الغرفة وتفحصها بناظريه فشاهد تليفون محمول علي مرمي البصر فأسرع بالدخول لسرقته إلا أن العجوز وتدعي أملاك. ع. خ شاهدته عند خروجها من الحمام وقبل أن تنطق بكلمة هاجمها بحجر لتسقط علي الأرض وأمسك وسادة وكتم بها أنفاسها وهو يضربها بالحجر من فوق الوسادة.. وبعد أن تأكد من وفاتها شاهد حبلا يلتف حول عنقها ويتدلي تحت ثيابها, فمزق الثياب حيث وجد حافظة من القماش بها مبلغ20 جنيها وقرط ذهبي فاستولي عليهما وعندما شاهد خاتما في يدها أخرجه بعد أن كسر خنصر يدها اليمني ثم اعتدي عليها هي الأخري وفر هاربا ثم باع المسروقات في منطقة شبرا الخيمة وكانت هذه جريمة القتل الثانية وظن أنه سيكرر مسلسل الهروب حتي تهدأ الأمور ويعود ليرتكب جريمة ثالثة ورابعة.. لكن خابت آماله حين تلقي المقدم أحمد عبد العزيز رئيس مباحث الساحل بلاغا بالحادث من سكان العقار.. وبدأت خلية عمل في قطاع مباحث شمال القاهرة الذي يترأسه العميد محمد الألفي, حيث انتقل والعميد حاتم البيباني مفتش مباحث فرقة الساحل لإجراء المعاينة اللازمة لمسرح الجريمة.. الذي كان عبارة عن غرفة صغيرة تحت السلم وكانت العجوز ملقاة علي ظهرها ترتدي إسدال صلاة أسفله قميص أحمر اللون فقط.. وتبين تمزق ملابسها ووجود حقيبة يد حريمي بداخلها مبلغ2080 جنيها وثلاثة غوايش ذهبية.. كما تبين عدم وجود إصابات ظاهرية واضحة. من الوهلة الأولي, أحس رجال المباحث أنفسهم أمام جريمة قتل.. وبمتابعة تقرير الصفة التشريحية تبين إصابة الجثة بجروح رضية بفروة الرأس والجبهة اليمني وكسور بعظام الأنف والعين اليمني والفك العلوي والسفلي وخنصر اليد اليمني. وبإخطار اللواءين خالد عبد العال مساعد الوزير لأمن القاهرة وهشام العراقي مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة تم وضع خطة بحث كان من أهم بنودها فحص علاقات المجني عليها وخلافتها واستخلاص ما قد يرقي منها أن يكون دافعا لارتكاب الحادث وحصر وفحص المترددين علي العقار وإجراء التحريات, وفحص النوعيات الخطرة والمشهور عنهم ارتكاب مثل تلك الحوادث وجاءت أولي معلومات فريق البحث تشير إلي أن المجني عليها كانت تحمل جهاز تليفون محمول تبين اختفاؤه أثناء الحادث كما اختفي قرطها الذهبي وخاتم كانت تزين به خنصر يدها اليمني الذي تعرض للكسر.. ومن خلال التقنيات الحديثة تم التوصل إلي الهاتف المحمول مع أحد الأشخاص الذي قرر أنه اشتراه من أحد التجار بشبرا الخيمة الذي اعترف بأنه اشتراه من بائع خردة يدعي سيد من ميت حلفا فبدأت رحلة البحث عن سيد. وبالاستعانة بمعلومات الأحوال المدنية عن أصحاب اسم سيد بالمنطقة المشار إليها تبين وجود46 شخصا بنفس الاسم.. وبعرض صورهم علي التاجر أنكر وجوده بينهم, وبعرض المعلومات علي اللواء عبد العزيز خضر, مدير مباحث القاهرة, أمر بتشكيل فريق بحث بإشراف العميد محمد الألفي, رئيس مباحث قطاع شمال القاهرة للوصول إلي سيد المزعوم, وبإجراء التحريات اللازمة لذلك, وتم إرسال مأمورية ضمت المقدم أحمد عبد العزيز, رئيس مباحث الساحل ومعاونيه الرائدين أحمد أبو سنة, ومعتز زايد, حيث توصلت معلوماتهم إلي وجود نجار مسلح يدعي ن.س.أ له ابن اسمه سيد وأن ذلك الابن اختفي منذ عام ونصف العام, كما أن أسرته تركت البلدة منذ فتره وانتقلت للإقامة في مكان آخر.. وبتكثيف التحريات تبين أن ذلك السيد يتردد علي عدد من المساجد للنوم, لكنه ليس له مواعيد ثابتة.. فتم عمل أكمنة في أماكن تردده بعد أن تبين أنه يبلغ من العمر26 سنة ولم يستخرج بطاقة في يوم من الأيام وفي أحد الأكمنة وصل المتهم للتاجر الذي يعمل في المسروقات, فألقي القبض عليه, وبسؤاله لم يبد أي إنكار واعترف تفصيليا بجريمته وبأنه باع للتاجر جهاز المحمول والقرط الذهبي.. وكان التاجر قد أخفي شراءه للقرط, فتم ضبطه أيضا حيث اعترف بأن زوجته باعت الخاتم لأحد محال الصاغة بمنطقة كوم السمن, فتم استدعاء الصائغ الذي تعرف علي زوجة التاجر وتبين أنه حسن النية. وباصطحاب المتهم إلي القسم واستكمال مناقشته اعترف تفصيليا بجريمته الذي ألقي القبض عليه من أجلها, كما فاجأ الجميع بالاعتراف بالجريمة القديمة وسط ذهول الجميع. وبعرض المتهم علي نيابة حوادث شمال القاهرة الكلية, باشرت التحقيق بمعرفه أحمد عبد العزيز وكيل النيابة وسكرتارية مروان عاطف, وقررت النيابة بإشراف المستشار مازن يحيي المحامي, العام الأول للنيابات, حبس المتهم سيد4 أيام وتاجر الهواتف4 أيام علي ذمة التحقيقات, وحجز زوجة التاجر للتحريات وإخلاء سبيل الصائغ.