الحصول علي شهادة تخرج من إحدي الجامعات الأمريكية المرموقة حلم آلاف الشباب حول العالم. فهذه الشهادة عادة هي الطريق المضمون لفرصةعمل ممتازة ومستقبل عملي باهر. ويعتمد تحقيق هذا الحلم في جانب كبير منه علي قدرات ومهارات الطلبة ومستواهم التعليمي, لأن عليهم اجتياز اختبارات جادة للالتحاق بهذه الجامعات. وفي كل عام يفد نحو300 ألف طالب من الصين للدراسة في أمريكا. ولنا أن نتصور كيف يستعد هؤلاء لخوض تلك الاختبارات. فمنهم من يستعين بمدرسين خصوصيين علي جانب كبير من الكفاءة والدراية, ومنهم من يلتحق بدورات متخصصة علي الإنترنت للحصول علي أفضل إعداد ممكن. لكن هناك سبيلا ثالثا يجده آخرون أكثر سهولة, هو الاستعانة بإحدي الشركات الصينية المتخصصة في الغش. وهي شركات تتعامل مع الغش كسلعة وتحمل الطابع الصيني المميز في أسواق الصناعة والتجارة. والطريق إلي هذه الشركات أصبح يسيرا, فهي موجودة علي الإنترنت. وفي مقابل عدة آلاف من الدولارات توفر الشركة للطلبة الراغبين أشخاصا يؤدون الاختبارات نيابة عنهم. الخطوة الأولي هي أن يتصل الطالب بالشركة الراعية للغش ويقدم بياناته الشخصية, بما في ذلك الطول والوزن مع صورة فوتوغرافية. ويحدد الطالب اسم الامتحان الذي يرغب في اجتيازه ومجموع الدرجات الذي يطمح في الحصول عليه. ومنطقي أنه كلما أراد الطالب درجة أعلي زادت تكلفة الخدمة. الخطوة التالية تقوم بها الشركة وهي إعداد جواز سفر مزور كمستند إثبات شخصية للطالب ويحمل صورة الشخص البديل. وبالطبع فإن هذا الشخص يتم اختياره بعناية بحيث يحمل قدر الإمكان مواصفات طالب الخدمة. عندما اكتشفت الجهات الأمنية في أمريكا العمليات التي تقوم بها هذه الشركات أعلنت أن الصين تفوقت علي الجميع وأنها طورت مفهوم الغش; حولته من عمل شخصي غير أخلاقي إلي عمل مؤسسي ممنهج, ومن جنحة إلي جناية لأنه يتضمن كذلك تزويرا وانتحال صفة الغير. اكتشفت تلك الجهات أيضا أن الغش عن طريق انتحال الشخصية أسلوب صيني صميم تحول مع الإنترنت إلي سوق رائجة. ولا تستحي الشركات العاملة في هذه السوق من تنظيم حملات إعلانية باللغة الصينية تغري الطلبة وتنبههم إلي ضرورة طلب الخدمة في وقت مبكر حتي يجدوا بسهولة الشخص البديل المؤهل. ولأن هذه الشركات لا تحصل علي أتعابها كاملة إلا بعد اكتمال الخدمة, فإنهم أيضا يهددون الطلبة الغشاشين من محاولة التهرب من دفع باقي المبالغ المستحقة, وإلا فإن الشركة لن تتورع عن كشف أمرهم لدي الجامعات التي يلتحقون بها. كشفت التحقيقات أيضا عن أن بعض الطلبة الصينيين الموجودين للدراسة في الجامعات الأمريكية يقومون بتقديم خدمات غش مماثلة للطلبة الوافدين حديثا من الصين ويرغبون في اتمام اختبارات اتقان اللغة الإنجليزية. ولأن الاختبارات تتضمن جانبا شفهيا, فقد طورت الجهات المشرفة عليها نظاما لكشف الغش عن طريق بصمة الصوت. وهكذا يبدو الأمر كمسلسل بوليسي في حلقات متتالية بين شركات الغش التي تطور عملياتها باستمرار والجهات التعليمية والأمنية في أمريكا التي تجوب الإنترنت بحثا عن هذه الشركات وتستحدث آليات إليكترونية لكشف عملياتها. وعند افتضاح أمرهم, يتم طرد الطلبة الغشاشين من الجامعات التي التحقوا بها وترحيلهم خارج البلاد. الجدية في ملاحقة الغشاشين ومن يسهلون لهم الغش ضرورة ذات أولوية قصوي ليس فقط إعمالا لمبدأ تكافؤ الفرص, ولكن حفاظا علي القيمة التنافسية لحاملي هذه الشهادات في أسواق العمل, ودفاعا عن سمعة النظام التعليمي والدولة التي تحترم نفسها.