كان هناك قارون الذي أتاه الله من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة....و رغم هذا الفضل الكبير من الله كان قارون يردد' إنما أوتيته علي علم عندي' وهنا تكمن مصيبته ومأساته: أنه نسي أن النعمة من الله والرزق من الله....كان يخرج علي قومه دائما في زينته وكأنه يريد فقع مرارتهم. والأمر لا يقتصر علي قارون فقط فهناك أعداد لا تحصي لديهم مفاتيح ثروات الدنيا وسلطانها ومكانتها الرفيعة فيسيئون استخدام تلك الثروات وذلك السلطان فهم في ذلك يشبهون قارون في كل شيء, وبالتالي نحن نشهد بشرا ذوي سوء خاتمة في الدنيا ونتذكر قول الرسول الكريم' اللهم إنا نسألك العفو والعافية وحسن الختام' ونحمد الله علي انه لدينا فرصة لأن نتطهر من شهوات الدنيا ورغائبها وإلتصاقنا الشديد بزينتها وأن ندرك أن حسن الختام هو نعمة كبري وفضل من الله كبير...ونتذكر قول قوم قارون الذين كانوا يحسدونه عندما كان يخرج عليهم في زينته يا' ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذوحظ عظيم'79 القصص... كان يوجد أيضا حينها مجموعة من قومه أتاهم الله العلم كانوا يقولون' ويلكم ثواب الله خير لمن أمن وعمل صالحا ولايلقاها إلا الصابرون'80 القصص... وعندما خسف الله به وبداره الأرض وأصبح عاجزا لايستطيع أحد نصره وإنقاذه من أمر الله الذي جاء, عندها أصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون' ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون'82 القصص... كفر قارون بنعمة الله وأنكر فضله عليه ونسي ان ما به من نعمة فمن الله وليس نتيجة ذكائه وعمله الشاق وقدراته وعلمه فكانت سوء خاتمته التيأوردها لنا القران الكريم. ويتبقي سؤال مهم: هل هذا هو كل سوء الخاتمة المقصود في دعاء رسول الله عليه السلام؟ يقول حجة الإسلام أبو حامد الغزالي قولا جميلا في سوء الخاتمة' إعلم أن سوء الخاتمة علي رتبتين, إحداهما أعظم من الأخري, فأما الرتبة العظيمة الهائلة: فأن يغلب علي القلب عند سكرات الموت وظهور أهواله: إما الشك, وإما الجحود فتقبض الروح علي حال غلبة الجحود أو الشك فيكون ما غلب علي القلب من عقدة الجحود حجابا بينه وبين الله تعالي أبدا وذلك يقتضي البعد الدائم والعذاب المخلد. والثانية وهي دونها أن يغلب علي قلبه عند الموت حب أمر من أمور الدنيا وشهوة من شهواتها, فيتمثل ذلك في قلبه ويستغرقه حتي لا يبقي في تلك الحالة متسع لغيره فيتفق قبض روحه في تلك الحال فيكون إستغراق قلبه به منكسا رأسه إلي الدنيا وصارفا وجهه إليها. إذن سوء الخاتمة أكبر بكثير من خسف الأرض وذهاب المال في حالة قارون والذين علي شاكلته ومن ذهاب السلطة والجاه مثل حالة تنحي الملوك والرؤساء.. اللهم نجنا في الدارين وأحسن خواتمنا.