اللغة شاهد علي العصر وسجل للواقع, تفضح ما فيه من سوءات وكذب وتخلف, مثلما تبرز أيضا جوانب القوة والتفوق والتقدم الحضاري.وكما نعرف الأشخاص علي حقيقتهم إذا تكلموا, فهكذا المجتمعات والدول نعرفها علي حقيقتها من مستوي لغتها; فاللغة مرآة أهلها(1). واللغة هي الهوية, هي الأصالة. وازدهار لغة ما دليل علي تماسك أهليها, ورفعة حضارتهم. كما أن ضعف لغة ما دليل علي ضعف أهليها وتراجعهم; فاللغة بأهليها قوة وضعفا. ولغتنا العربية- في معركة الحضارة المعاصرة- تعاني مشكلات وتصادفها عقبات من أبرزها: تدريس العلوم الطبيعية والطبية بلغة أجنبية. حرمان المكتبة العربية من الأعمال الموسوعية العامة والمتخصصة, وكذلك المعجمات بمستوياتها المختلفة. كنوز المخطوطات العربية المشتتة بين مكتبات العالم لم تحظ بتحقيقها ونشرها ودراستها وتقويمها. حال العربية في دور التعليم وغياب التكامل العلمي في تعليم العربية, فمناهج التربية والتعليم ضد ازدهار اللغة العربية, بل هي سبب مباشر للضعف اللغوي. نزعة المجتمع إلي التغريب. الجانب الأكبر من التراث الإنساني لم يترجم إلي العربية حتي اليوم. لم يتم تيسير سبل تعليم العربية لغير العرب بطريقة علمية حتي اليوم. افتقاد رؤية لمستقبل اللغة العربية, فلا يوجد لدينا تخطيط لغوي للمستقبل. وهذه المشكلات هي هموم اللغويين العرب, وعلي الرغم من امتلاكهم حلول هذه المشكلات إلا أن شيئا منها لا يعرف طريقه إلي النور, وأتساءل مع الملايين العربية: هل لأننا ظواهر فردية لا نحسن العمل الجماعي بروح الفريق؟! ونحن في عصر التكتلات التي تجتاح كل ماهو فردي. أم لأن اللغويين لا يمكن لهم في الإعلام والتربية والتعليم والمؤسسات التي تملك سلطة القرار؟! فتظل جهودهم مجمدة علي الأرفف وكأنهم يؤلفون لأنفسهم! أم أصابهم العجز عن التغيير والتطوير المنشود; بسبب هموم الحياة ووطأة العيشالتي جعلتهم يلهثون لتحصيل حد الكفاف من العيش؟! أم لهذه الأسباب مجتمعة؟!