بعيدا عن قلب الإسكندرية, المدينة الساحرة التي يعرفها الجميع بلقب عروس البحر الأبيض المتوسط, يوجد عشرات المناطق الآخري المنسية, التي لا يعرفها زائرو المدينة ولا يعبرها المسئولون بسيارتهم الفارهة أثناء ذهابهم للعمل كل صباح, ومن بين تلك المناطق منطقة جبل مهران, ب طابية صالح, والتي تقع علي أطراف المدينة الساحلية من ناحية الغرب, ويقطنها آلاف المواطنين رغم كونها منطقة غير آهلة للسكن, بسبب طبيعة البيئة الجبلية والمعرضة للانهيار, كما ورد بتقرير صادر عن وزارة التضامن الاجتماعي. ويعيش ما يقرب من50 ألف شخص بمنطقة جبل مهران وسط نقص حاد في الخدمات, فالمنازل التي يقطنها الآهالي عبارة عن غرف مجاورة لبعضها البعض وآيلة للسقوط, كما أن المنطقة حتي الآن بدون مياه أو شبكة صرف صحي, ويعتمد الأهالي في الحصول علي احتياجاتهم من المياه علي حنفيات عمومية في الشارع. الأهرام المسائي, انتقلت إلي منطقة جبل مهران, لرصد معاناة المواطنين علي أرض الواقع, فبداية كان الوصول إلي المنطقة صعبا للغاية بسبب الطرق غير الممهدة والتي تمتلء بالحفر بشكل كامل. وبمجرد وصولنا إلي المنطقة فوجئنا بأننا بمنطقة خارج إطار الزمن حيث كان المشهد الأبرز مجموعة كبير من العشش والغرف المتجاورة التي يقطنها الأهالي وأطفال وصبية يمرحون حول أمهاتهم اللاتي تفترشن مداخل المنازل, غير عابئين بما يعيشه الأهالي من مآسي, وأعداد كبيرة من الفئران والثعابين, المرئية بسبب كثرتها والطبيعة الجبلية للمنطقة, فضلا عن انتشار الصرف الصحي في البيوت والشوارع, وتلال من القمامة تحاصر الشوارع والمنازل, لتحول حياة الأهالي لجحيم محقق. التقينا بعدد من الأهالي قال محمد مسعود, أحد قاطني المنطقة, جبل مهران, مقامة فوق جزء من الجبل, خلال فترة الثمانينيات حيث أن أغلب قاطنيها من العمال الذين كانوا قد قدموا من عدد من المحافظات الأخري للعمل بالإسكندرية واستقر بهم الحال هنا. وأضاف: وبسبب أن المنطقة مقامة بشكل كامل علي جبل, فإن الأهالي يعانون دائما من حدوث انهيارات كثيرة للمنازل وسقوط ضحايا بشكل متكرر, وسط غياب كامل للمسئولين. ويلتقط حسن محروس, أحد الأهالي خيط الحديث فيقول: أعيش بالمنطقة منذ ما يقرب من ال30 عاما, عاصرت خلالها الكثير من حوادث الانهيارات التي وقعت بالمكان وراح ضحيتها العشرات من الأهالي, ولا أحد سأل فينا من المسئولين ولا كأننا موجودون علي الخريطة من الأساس, لافتا إلي أنهم خاطبوا رئيس حي غرب الإسكندرية أكثر من مرة لنقلهم إلي مساكن آدمية ولم يعرهم اهتماما. وتشير لطيفة السيد, عجوز من قاطني المنطقة, إلي معاناة الأهالي من لدغات الثعابين والقوارض, مضيفة:إحنا مبقناش عارفين نعيش من كتر ما بنتلدغ من الثعابين والقوارض وآخر مرة من شهر قرصني ثعبان وأخدت3 حقن تمن الواحدة100 جنيه. ويكشف محمود سعيد, أحد الأهالي عن تحول المنطقة إلي ملتقي للباحثين عن الآثار, حيث يقع أسفلها الجبانة الغربية للمصريين في العد الروماني وتعج بالقطع الأثرية, مضيفا:كل شوية نلاقي ناس جايين وبينقبوا عن الآثار تحت البيوت وفي الجبل, بيدفعوا فلوس للأهالي علشان توافق وتسكت, وكمان الناس هنا بتنقب تحت بيوتها مما يعرضها للتصدع والتهدم. ويضيف العام الماضي نجحت أسرة من قاطني المنطقة في العثور علي مقبرة تعود للعصر الروماني تحت بيتها بس تم القبض عليهم من الشرطة واتسجنوا وتم التحفظ علي المقبرة والقطع الأثرية المستخرجة منها. وتوضح السيدة أم محمد, ان الأهالي لا يريدون سوي منازل آدمية بديلا عن العشش والغرف غير الآدمية التي يعيشون فيها وسط الفئران والحيوانات الضالة, مضيفة نعيش أسوأ عيشة ممكن حد يعيشها ومش عايزين غير الستر وشقة تلمنا بسوتابعتنواب مجلس الشعب محدش منهم عملنا حاجة رغم الشكاوي الكثيرة اللي بعتناها ليهم, وكمان المسئولين قدمنا ليهم عشرات الطلبات علشان ناخد شقق في مساكن المحافظة بس مبنخدش منهم غير وعود وبس. من جانبه قال محمد فهيم, رئيس حي غرب الإسكندرية, أن منطقة جبل مهران, هي إحدي المناطق العشوائية التي تم بناؤها بعيدا عن أعين ورقابة الدولة, كما أنها خارج المناطق السكنية للمحافظة ولذلك لا يوجد بها خدمات. وأضاف فهيم, في تصريحات خاصة لالأهرام المسائي, لدي المحافظة بشكل عام خطة كبيرة تستهدف نقل قاطني المناطق العشوائية وخاصة الآيلة منها للسقوط إلي مناطق أخري أدمية وحضارية, لافتا إلي أنه تم بالفعل نقل مئات الأسر علي مراحل متعددة. وفيما يتعلق بجبل مهران, أشار فهيم, إلي أن لدي المحافظة خطة لنقلهم ولكن في انتظار بناء البديل الحضاري لهم بعد توفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك.