الأصل في تقديم الدراما تقديم رسالة إيجابية تحمل أفضل معاني المثل العليا والأخلاق وحب الوطن والفضيلة, وتضعها في رسائل بسيطة تصل للقلب والعقل لعامة الناس, ولمختلف الأعمار بسهولة ويسر, تحمل رسالة تربوية في عمل فني مبدع يحقق الاستفادة, ولكن ماذا يحدث اليوم؟ لقد تحولت المسلسلات الرمضانية الي كابوس أسري وأخلاقي, وجرعة زائدة من السقوط والاستهزاء بخلق الله, وهجمة شرسة ضد قيم وأخلاقيات المصريين في رمضان, فما نراه هذا العام شيء غريب حقا. فالمتابع لغالبية المسلسلات يلاحظ التدني الأخلاقي المتمثل في عرض صور للبلطجة والعريوتجارة الآثار, وكل العادات السيئة بحذافيرها, فقد بثت أخلاقيات عشوائية غريبة, وكأن مصر تحولت إلي غابة الكل يتآمر من أجل المال والكل يمتهن القتل والعنف, وهذا في غالبية الدراما الرمضانية سواء في الفضائيات الرسمية أو الخاصة الجميع لم يراع أبسط قواعد الأخلاق التي تتناسب مع روحانيات صيام الفريضة, وأصبحت مشاهد العنف والتدخين العلني للرجال والسيدات وطرقعة الكؤوس وشرب الخمور, والقتل بالجملة والاستهزاء بالفلاحين واظهار المسئول الفاسد المستهتر, كأنها أمر طبيعي, وسلوكيات عادية في المجتمع حتي أصبح الوضع العام للدراما المصرية في غاية السوء تعتمد علي الإثارة الكاذبة والفبركة الساذجة والتي هدفها إبراز الجانب السلبي بالمجتمع المصري مثل البلطجي والفاسد, ومن يلقي النكات الوقحة علي فلاح الكفر, أو تاجر الآثار الذي يبيع تاريخ مصر, وغير ذلك من مشاهد السوء, وانعدام الأخلاق وتصويره بأنه المواطن المصري الطبيعي أو السواد الأعظم من شعب مصر, وهذا غير حقيقي بالمرة, فشعب مصر ليس كما تصوره الدراما الرمضانية الحالية, بل هو شعب عظيم يعشق تراب وطنه ويتصف بالأخلاق الحميدة, والسلام النفسي وطيبة القلب, والرضا, لم أشاهد يوما في عمل درامي أمريكي أي نوع من الاستهزاء بمهنة شريفة كما تفعل أدوار مظهر أبو النجا بالفلاحين, أو كما يريد أن يهرب عادل أمام من المطالبين له بالمال إلي كفر العبيطة وكأنها قرية للبخلاء, بل أن الفلاح الأمريكي دائما يأتي علي صهوة جواد مقتحم للصعاب كراعي للبقر أو منتج للطعام, أما الدرما المصرية فتصور الفلاح المصري في مشاهد هزلية, وكانت النتيجة أن اعتبرت مهنة الفلاحة من المهن الدنيا التي يهرب منها الناس, وأدي ذلك إلي هروب الفلاحين للعمل كأجراء في القاهرة, وحرص الفلاح علي أن لا يرث مهنته أي من أولاده مهما كلفة الأمر, وأصبحت مصر تستورد قوت يومها, كما أن الخطورة تبلغ أقصي مدي من الأعمال الدرامية علي كيان الأسرة المصرية, خاصة الأطفال, حيث ستنعكس حتما تلك الأدوار علي شخصياتهم, وسلوكياتهم مستقبلا سواء داخل البيت أو في الشارع أو في المدرسة, كنت أتمني أن تزداد جرعة الأعمال التاريخية, والوطنية أو حتي رسائل ونماذج التضحية والفضاء والمثل والأخلاق الحميدة, وكنت أتمني أن تكون نهايات نماذج الشر والسوء في المسلسلات نهاية درامية تتناسب مع الأفعال الخاطئة التي قاموا بها في أحداث القصة الدرامية, وكنت أتمني أن تشرح المسلسلات للأجيال الجديدة تاريخ الدولة المصرية, في إطار درامي محبوكمع بعض القيم والمبادئ بالمجتمع المصري من أرض الواقع لكي يتم ترسيخها في وجدان المواطن ولكن للأسف هناك كم هائل من الرسائل السلبية التي حملتها مسلسلات الدراما في شهر رمضان الكريم, والتي مرت دون رقابة أو وازع أخلاقي, وقيمي من المؤلفين أو المنتجين علي حد سواء لتكون الأسرة والطفل والمجتمع ضحية مسلسلات رمضان الكريم.