يعتبر الفراعنة أول من عرف قيمة الألوان وتأثيرها علي شخصية ومزاج الإنسان. فاللون طاقة مشعة جذابة, تؤثر علي الجهاز العصبي, وينتج عنها إحساس العين بأن هناك حياة مختلفة الأنماط ذات معني ومغزي. وتسجل الذاكرة تأثير اللون منذ سنوات الطفولة الأولي, كما تنشط الألوان خلايا المخ وتمنح العقل مجموعة من الإيحاءات التي تسعده أو توتره, تماما مثل الموسيقي. وقد اهتم علماء النفس بالألوان كمصدر للعلاج النفسي والعضوي, فلكل لون ترددات معينة في الجسم منها السلبي ويسبب الاضطراب, ومنها الإيجابي وينتج عنه إحساس بالراحة. والأبيض والأسود تحديدا لونان متضادان, ويري الجاحظ أن الألوان كلها إنما هي السواد والبياض. ويرمز اللون الأبيض للنقاء والفرح والبراءة, فملابس المسيح عليه السلام والحج والعمرة والعروس بيضاء, وكفن الميت أبيض, وكلها دلالات علي الصفاء والطهارة. كما يلبس الطبيب وطاقم العلاج اللون الأبيض كرمز للرحمة وبث إحساس الهدوء والطمأنينة والسلام في نفس المريض. وتنصح نتائج بعض الدراسات بالنظر لمدة3-5 دقائق للون الأبيض لتفريغ مشاعر الغضب وتهدئة النفس. حتي الطبيعة أوحت لنا بهذا الارتباط, فإشراقة الشمس نور وأمل وراحة. وأصل الألوان هو اللون الأبيض وهو الضوء, فعندما يقع الضوء علي قطعة زجاج يخرج ألوان الطيف, حتي الآيات القرآنية أكدت هذا المعني وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون. أما الأسود فهو رمز الكآبة والسلطة والموت, وهذا الارتباط لم يأت هباء فالسواد اقترن بظلام الليل حيث يستكين الإنسان, ويتوقف النشاط وتهدأ الحياة, ولذا يستخدم اللون الأسود في علاج الأشخاص نشيطي الحركة, ويقول تعالي إذا بشر أحدهم بالأنثي ظل وجهه مسودا وهو كظيم. معني ذلك أن الألوان التي تحيط بنا في كل مكان تؤثر علي نفسيتنا وشخصيتنا وعواطفنا وسلوكنا بشكل عام. والدليل استخدام اللون الأحمر في مطاعم الوجبات السريعة لأنه لون الطاقة والإثارة ويبعث النشاط, كما يمنع استخدام اللون الأحمر في العيادات النفسية لأنه يؤثر سلبا علي الأشخاص ذوي النشاط الزائد ويسبب لهم هياجا. أما اللون الأخضر فهو يهدئ النفس وهو مرتبط بالأشجار والأزهار ومفيد لمرضي الاكتئاب والإحباط, ولذا ينصح الأطباء بزيارة الأماكن الخضراء لأنه لون مرتبط بالأمل ويهديء الآلام خاصة مع مرضي السرطان. واستغل الصينيون القدامي الألوان في العلاج لجلب الطاقة الإيجابية, أو ما يسمي الفونغ شوي حيث يجلس المريض في غرفة كل أثاثها وجدرانها من لون واحد, ويركز حواسه في ألمه لفترة محددة, ومع التأمل والانصهار مع اللون يشعر بالراحة. ويري الصينيون أن الألوان مرتبطة بجسم الإنسان, فاللون الأحمر علي سبيل المثال مرتبط بالقلب. باختصار الألوان لا تقتصر علي الديكور والفنون فقط, بل ترتبط بمزاج الإنسان وتؤثر في سلوكه, فإذا نجحنا في توظيف جملة الألوان المحيطة بنا لصالحنا لاستطعنا أن نعدل مزاجنا.فكل عين تري من اللون مالا يراه غيرها, ويتدخل الإدراك النفسي والفسيولوجي والثقافة والخبرات السابقة والطبيعة في ترجمة الإحساس بمغزي اللون, فإذا ارتاحت النفس للون ما فرحت وإذا رفضته شعرت بالكآبة. فلا تجعل أحدا يلون حياتك لربما كان لونه أسود.