خمسة أشهر مرت علي بدء انعقاد مجلس النواب الذي يأتي من رحم ثورتين وبرلمانات سابقة سيطر عليها الحزب الوطني المنحل ثم الجماعة المحظورة.. وهي الفترة التي شهدت شدا وجذبا وجدلا وحالة من الغضب لدي الشارع الذي لم يحقق له المجلس جديدا علي الأرض. في المقابل كان هناك من يري أن البرلمان الحالي ولد في ظروف استثنائية أهمها أنه جاء بعد30 يونيو وأنه جاء بلا لائحة ودون أغلبية موجهة ووجد نفسه أمام دستور جديد لم يطبق في الواقع و345 قرارا بقانون صدرت في غيبته ولابد من اعتمادها خلال15 يوما. البرلمان له ما له وعليه ما عليه كان محور حديثنا مع النائب السابق وأستاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس ومساعد رئيس حزب الوفد الدكتور ياسر الهضيبي الذي صدر قرار مؤخرا بتعيينه مستشارا لرئيس مجلس النواب للشئون الدستورية والتشريعية.. وكان هذا هو الحوار الأول معه: بداية كيف تري كشف الحساب الذي قدمه الرئيس السيسي خلال لقائه التليفزيوني مع الإعلامي أسامة كمال؟ - أنا أري أن السيد الرئيس تحدث بأريحية كبيرة في هذا اللقاء وعقل متفتح وتوازن نفسي كبير وذكر إنجازات كثيرة تحققت خلال العامين اللذين تولي فيهما المسئولية علي المستويين الداخلي والخارجي. وبالنسبة للسياسة الخارجية أري أن الرئيس أعاد مصر لدورها الريادي العربي والإفريقي والإقليمي بقوة وأحدث توازنا كبيرا في وضعنا الدولي بحيث أصبحت مصر تنال مكانتها واحترامها لدي كل الدول الكبري وهو ما أجبر أوروبا وأمريكا علي أنها تعدل من نظرتها لمصر بعدما كانوا يعتبرونها شبه دولة. وكذلك أجبرهم علي الاعتراف بثورة الشعب في30 يونيو واستطاع كسر حالة العزلة التي كانت مفروضة علي مصر في ذلك التوقيت وقام بتعديل الصورة الخارجية لمصر أمام العالم ويحسب له أيضا أنه عطل المؤامرة التي كانت تحاك ضدنا في الخارج ومازالت مستمرة حتي أن الرئيس نفسه يقول إن مصر مازالت مستهدفة وهذا معناه أن المؤامرة مازالت مستمرة. هذا علي المستوي الخارجي فماذا عن الداخل؟ - نعم علي المستوي المحلي نجد الملف الأهم لدي جموع الشعب هو الملف الأمني وهو يأتي قبل الاقتصادي فلا اقتصاد ولا استثمار دون أمن وهذا الملف حدث به تحسن كبير جدا ومازال التحسن مستمرا إضافة إلي انحصار الإرهاب في3% من أرض سيناء وهي التي تمثل الشريط الحدودي. وبذلك نستطيع القول ان سياسة الرئيس بمساعدة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية الأخري نجحت في أن تخرج مصر من المشكلة الأمنية بشكل كبير ولم يعد هناك إرهاب بشكل منتظم بل إرهاب متقطع علي فترات. وإن كنت هنا أبدي استيائي من بعض الحالات الفردية لتعامل بعض رجال الشرطة مع المواطن المصري ولابد من التأكيد مرارا وتكرارا علي حسن معاملة المواطن العادي والبسيط في الأكمنة وأقسام الشرطة والمواقع الخدمية الأخري. وماذا عن الملف الاقتصادي؟ - في تلك النقطة تحديدا أعتقد أن الخطر علي مصر ليس من الإرهاب بل الخطر الحقيقي من وجهة نظري سيكون من خلال الملف الاقتصادي. والمشكلة الاقتصادية عندنا لها أكثر من شق فهناك أزمة في عدم وجود سياحة وأزمة في انخفاض إيرادات قناة السويس وأزمة في الدولار وتأثر في تحويلات المصريين العاملين بالخارج وعدم وجود صادرات بالشكل الكافي وهذه الأزمات أثرت من ناحيتها علي التنمية في مصر وذلك لأنه لا يوجد تنمية إلا من خلال زيادة الإيرادات لذلك لا يمكن أن نضع مصر علي مدارج التنمية الزراعية والاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية إلا بالدخل القومي. لذلك يحاول الرئيس ربما أن يحقق هذا من خلال المشروعات الاقتصادية العملاقة؟ - لا الرئيس بيعمل هذه المشروعات العملاقة والطرق الرئيسية بها عشان هو عارف إن مفيش اقتصاد ولا تنمية إلا من خلال بنية تحتية سليمة فلو عندك مستثمر لازم يجي يلاقي كهرباء وطرق ومرافق وهنا الرئيس يضع بيئة صحية سليمة راسخة لدولة مصرية عصرية تكون جاذبة للاستثمار وليس طاردة له. وانظر مثلا للعاصمة الإدارية الجديدة ستجد أنها تحل مشكلة مؤرقة مثل مشكلة المرور لانه مفيش مستثمر هيجي وياخد ساعتين أو3 من ميدان التحرير لمصر الجديدة.. هيجي ليه؟! لذلك لازم نهتم ببلدنا ونخليها زي الإمارات التي أصبحت في صورتها البهية هذه خلال عدة سنوات فقط. وطبعا العاصمة الجديدة هتوفر كتير علي المواطن بدل مايطلع من شغله تعبان وياخد في الطريق3 ساعات هتبقي نص ساعة فقط وبذلك نوفر في البترول والوقود والوقت وفي نفسية المواطن نفسه. بحديثنا عن البرلمان نجد أنه مر علي انعقاده ما يقرب من خمسة أشهر حتي الآن. ما انطباعك علي تلك الفترة؟ - أنا أري أن هذا البرلمان ولد في ظروف صعبة جدا أهمها أنه ولد بلا لائحة تنظم عمله وولد بدستور جديد لم يطبق علي أرض الواقع وولد بدون أكثرية أو حزب له أغلبية منظمة داخل البرلمان يحوز ويوجه البرلمان في اتجاه الكتلة الحاكمة وولد ليجد350 قرارا بقانون من السيد الرئيس يجب اعتمادها طبقا للدستور خلال15 يوما وبذلك هو ولد أمام أربع مشاكل رئيسية لا دخل له فيها بل وجد نفسها أمامها وتلك ظروف صعبة للغاية وبالتالي كان هناك ضغط شديد جدا علي أعضائه. لذلك وصفت هذا المجلس في تصريح لك بأنه مجلس مظلوم؟ - نعم مجلس مظلوم نتيجة الضغوط التي ذكرتها في إجابتي علي السؤال السابق. لكن البعض قد يرد عليك ويقول انه ليس البرلمان الذي كانت تنتظره مصر بعد ثورتين؟ - من أي ناحية تقصد؟!. من ناحية الآداء الذي يصفه المواطن في الشارع بأنه مازال ضعيفا وبطيئا وربما لم يحقق الطموحات المرجوة منه حتي الآن؟ - أولا: هذا مردود عليه لأن البرلمان أتي في ظروف صعبة ورغم كل ما يقال يحسب لهذا البرلمان أنه أنجز450 اتفاقية وقانون منهم ال350 قانون التي صدرت في غيبته وهذا البرلمان لأول مرة في التاريخ يستضيف6 رؤساء دول وعدد كبير من رؤساء الحكومات الأجانب والسفراء والوفود الأوروبية والأمريكية والعالمية وهذه ظاهرة جديدة تعتبر فرحة بوجود برلمان مصري تتجه إليه أنظار العالم بعد6 سنوات عجاف. ثانيا: أرد عليهم بأن مدة مجلس النواب طبقا للدستور5 سنوات وهو قضي حتي اليوم أقل من خمسة أشهر وهي مدة قصيرة لا يمكن الحكم فيها علي البرلمان بأنه حقق آمال الشعب أو لم يحققها فكيف لبرلمان مدته5 سنوات أن تحكم عليه في خمسة أشهر؟ هذا لا يستقيم مع العقل والمنطق ويجب أن يتمهل الناس ويصبروا علي هذا البرلمان وعدم إصدار أحكام سابقة للأحداث وعلينا أن نحكم عليه في نهاية المدة هل هو أدي ما عليه أم لم يؤد. لكن المؤشرات تقول إن أداءه مرتبك وهذا واضح من التصويت الذي يعاد أكثر من مرة في الجلسة الواحدة وكذلك كثرة المشاحنات والصوت العالي؟ - إعادة التصويت كان يتم لأن التصويت الإلكتروني أمر جديد ومستحدث علي النواب وبالتالي من العادي أن يحدث مثل هذا وبالنسبة للمشادات والمشاحنات فهي أقل مما تحدث في الكثير من برلمانات العالم وآخرها ما رأيناه في البرلمان التركي من مشادات وصلت لحد التعدي بالأيدي. هذا أيضا يأخذنا لسؤال مهم حول رغبة غالبية النواب في التحدث بجميع الموضوعات وهذا يطيل أمد المناقشات؟ *النائب موضوع تحت ضغط من أبناء دائرته أنه لا يتحدث وظنهم أن النائب ولد ليتحدث وإن لم يتحدث يطلقوا عليه لقب النائب الصامت أو أبو الهول كما ينشر في الإعلام وبالتالي من حق النائب أن يعبر عن رأيه ورأي أبناء دائرته ومن انتخبوه في كل القضايا ولا يمكن أن نناقشه في هذا الواجب لأنه التزام عليه وليس علي سبيل المتعة ويجب علي المجلس أن يفسح له الوقت بالقدر الذي يستطيع. وكيف تقيم إذن أداء الدكتور علي عبدالعال وطريقة إدارته للجلسات؟ - الأستاذ الدكتور علي عبدالعال قيمة كبيرة وهو أستاذ قانون دستوري ومن العشرة الذين وضعوا الدستور المصري ويتمتع بأخلاق عالية للغاية وأدب جم ويحظي بإحترام جميع النواب وأتوقع له خلال الأدوار القادمة من الانعقاد أداء جيد للغاية. أما عن طريقة إدارته للجلسات فأنا أري أنه يديرها بقدرة تتزايد معدلاتها من يوم إلي آخر وأن جميع رؤساء البرلمانات الذين كانوا قبله ومن بينهم المحجوب وكامل ليله وفتحي سرور يتساوي معهم في مرحلة البدايات وأذكر أن الدكتور فتحي سرور قال لي إن أول مرة يطلع أمام هذا الحشد من النواب كانت ترتعد فرائسه. بمناسبة ائتلاف دعم مصر البعض يراه إمتدادا للحزب الوطني المنحل. أنت كيف تراه؟ - الحزب الوطني مات ودفن بحكم المحكمة الإدارية العليا كما أنه بعث وحوسب ولم يعد هناك أي وجود للحزب الوطني الديمقراطي لا في الواقع ولا في القانون وانتهي للأبد حتي لو كان هناك بعض النواب السابقين المنتمين إليه موجودين في المجلس الآن فقد نجحوا مستقلين أو من خلال أحزاب جديدة. نأتي لعلاقة البرلمان والحكومة. فكيف تقيم اداء الحكومة بعد موافقة المجلس علي بيانها مؤخرا؟ - قولا واحدا أداء الحكومة حتي الآن لا يرضي المواطن المصري. أخيرا ماهي المهام الملقاة علي عاتقك بعد صدور قرار بتعيينك مستشارا لرئيس مجلس النواب؟ - سيجمعني لقاء بالسيد رئيس المجلس هذا الأسبوع إن شاء الله بعد عودته من المغرب لتحديد هذه المهام.