لا أعرف أسبابا علمية أو منطقية تفسر السياسات الخاطئة التي تنتهجها وزارة الإسكان, خاصة في طرح أراضي الإسكان في المدن التي كانت جديدة. فمدن القاهرة الجديدة والشروق وبدر وأكتوبر لا يصح أن نطلق عليها لفظ( الجديدة) بعد مرور أكثر من أربعين عاما علي إنشائها. والغريب أن الله انعم علي مصر بسعة في أراضيها ولكن وزارة الإسكان مصرة علي ألا تعترف بنعمة الله وتطرح قطع الأراضي السكنية بالقطارة لغرض في نفوس القائمين عليها وهذا ما دفع بأسعار متر الأراضي السكنية من180 جنيها منذ إنشائها في بداية الثمانينيات ليصل إلي خمسة آلاف جنيه في أراضي القرعة بالقاهرة الجديدة! هل هذا منطق؟! وزارة الإسكان طرحت هذا الشهر قطع أراض سكنية بنظام القرعة العلنية, ولكننا نجد أن المستفيد الوحيد من هذه القرعة وما سبقها هم تجار الأراضي وحدهم حققوا مكاسب بالمليارات فتجار الأراضي هؤلاء يجمعون أكبر قدر من البطاقات الشخصية يدفعون بأصحابها لشراء كراسات الشروط وكل تاجر يدفع نحو50 شخصا ويدفع لهم مقدمات الحجز ومبلغا ماليا نظير ذهابه الي بنك الإسكان للتقديم. وعندما تعلن نتيجة القرعة يفوز علي الأقل خمسة أشخاص أو عشرة أو أقل حسب نصيبه فيدفع لكل فائز50 ألف جنيه عندما يبيع القطعة الفائز بها ويكسب التاجر في القطعة الواحدة في مدينة مثل القاهرة الجديدة أو أكتوبر ما يربو علي2 مليون جنيه!! اذن نظام القرعة نظام فاشل وخادع للمواطن متوسط الحال الذي يجمع تحويشة عمره ليتقدم لحجز قطعة أرض لبناء مسكن عليها له ولأبنائه ويتلاشي حلمه تحت وطأة مؤامرة التجار. والأكثر غرابة ما طرأ علي كراسة الشروط لهذه القرعة الأخيرة ففي آخر صفحة من الكراسة هناك سؤال للمتقدم وهوكم تستطيع أن تدفع نقدا من قيمة الأرض في حالة فوزك؟ وتتباين الإجابة حسب المقدرة المالية للمتقدم وطبعا المواطن متوسط الحال يكتب انه يستطيع سداد25% من قيمة سعر الأرض, أما التجار فيكتب وكلاؤهم أنهم يستطيعون سداد100% من ثمن الأرض فيكون لهم أولوية الفوز بدون القرعة! وهذا ما قاله لي مدير أحد فروع بنك الإسكان وطلب مني عدم ذكر اسمه عندما أكد لي أن لجنة الفرز ستجنب كل كراسات الشروط التي أبدي أصحابها الاستعداد لدفع100% من سعر الأرض لتمنحهم الأرض ولن يدخلوا القرعة. ولهذا أقول لوزير الإسكان وفريقه المعاون عن أي قرعة تتحدثون؟! إنها قرعة الوهم لأنها لا توفر تكافؤ الفرص بين المتقدمين, وسوف تذهب أراضي القرعة لمافيا تجار الأراضي ولا عزاء للمواطن الغلبان الذي جمع تحويشة عمره علي أمل الحصول علي قطعة أرض. (يا ناس يا هوووه) ربنا موسعها علينا والتسعون مليونا يكتظون في6% فقط من مساحة مصر فلماذا لا تغير وزارة الإسكان سياساتها وتلغي نظام القرعة بعد ان أثبت الواقع العملي فشلها. لماذا لا يبتكر وزير الإسكان نظاما جديدا يعتمد علي توصيل المرافق لعدد كبير من قطع الإسكان وبعملية حسابية بسيطة يخرج علينا ويقول إن تكلفة توصيل المرافق لكل قطعة( كذا) وكل من يريد يتقدم بالرقم القومي حتي لا يحصل المواطن إلا علي قطعة واحدة بهذا نقضي علي مافيا الأراضي ونزيد الانتماء بعيدا عن قرعة الوهم.