يؤكد الكاتب محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة الاتحاد الإماراتية خريف الإخوان أن محاربة داعش وضرب الارهاب, ومنع قوي الأمر الواقع من التسلط علي البلاد والعباد يكون بضرب الفوضي بصيغتها الخلاقة والفتاكة مشيرا في كتابه الجديد إلي ان أهداف الجماعات الدينية متماثلة أيا كان انتماؤها المذهبي. ويوضح الحمادي أنه مهما حاولت الجماعات الدينية بمختلف أسمائها ومسمياتها وآلياتها أن تسبغ علي نفسها صفات الطهارة الدينية والإخلاص الوطني فإنه لم يعد بمقدورها اليوم تطهير الدنس الذي لحق بها جراء انغماسها في مشروع تفكيك المجتمعات والأوطان والدول لحساب مشروع الشرق الأوسط الجديد/ الكبير عن طريق الفوضي الخلاقة أولا ومرحلتها الثانية الفتاكة. ويشير إلي أن الفوضي الخلاقة كانت وسيلة يمكن من خلالها خلط الأفكار والأولويات وجداول العمل عند حكومات المنطقة وشعوبها لتتبدل الوقائع وموازين القوي وتتشكل طبقات سياسية جديدة علي مستوي الحكم والنخب السياسية لا تملك من التعريف الكلاسيكي للطبقة إلا الاسم فقط. شدد علي أن دول الخليج لم تكن استثناء فقد وصلتها تأثيرات الربيع العربي وتعاملت كل دولة بطريقتها مع محاولات التغيير فيها واختراقها, مشيرا إلي أن محاولات التغيير كانت ومازالت مستمرة, وأن هناك عملا منظما يتم خلف الستار وتقوم به جهات عديدة خارجية وداخلية من أجل ايجاد ثغرات للتغيير مجرد التغيير في هذه الدول. وأضاف, أن ما يساعد علي اختراق بعض المجتمعات أن مستويات الانفتاح الاجتماعي فيها وصل إلي درجة يسهل معها رصد وانتقاد كل الأخطاء وكل أوجه التقصير مهما كانت صغيرة. واستعرض الحمادي في كتابه مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أطلقته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس في عام2003 وكانت تري فيه أن خريطة الشرق الأوسط ستتغير بدءا من المغرب العربي حتي خليج البصرة وستشمل22 دولة, متسائلا عن آخر أحجار الدومينو التي تسقط في المنطقة وأمنية الكثيرين أن تكون سوريا هي آخر الأحجار. وعرج الحمادي إلي التشابه بين الإخوان في مصر وتركيا قائلا إن مشكلة تتركز في النهج الذي يؤدي إلي مزيد من الخسائر. أضاف أن جماعات الإسلام السياسي بكل تشكيلاتها لم تضف جديدا إلي الحياة السياسية ولم تقدم أي مشروع واضح للعالم للحكم أو إدارة الدولة الحديثة لأنها ببساطة لا تمتلك هذا المشروع, متناولا الأسباب الذاتية التي أدت إلي سقوط العفة السياسية عن الإخوان. وأشار الحمادي إلي استبدال الجماعات الدينية مفهوم الشوري الذي نادوا به منذ عشرات السنين إلي صندوق الاقتراع, لافتا إلي أن الناخبين في تجربة مصر وتونس من غير الاسلاميين اكتشفوا أنهم تعرضوا لعملية خداع كبري علي صعيد البرنامج الذي تم تقديمه قبل الانتخابات والبرنامج الذي تم إخراجه من الأدراج بعد ظهور النتائج, منتهيا إلي أن العنف مكون أول من مكونات الأيديولوجيا الإسلاموية. وتطرق الحمادي في كتابه خريف الإخوان إلي الغوغاء التي أصبحت نخبا كاشفا عن الحوار الدائر بين أصحاب الرأي في العالم العربي حول تلك السطوة التي تفرضها الغوغاء انطلاقا من الشارع ومنابر الإعلام لكي تروج لمعتقداتها وتسفه أفكار الآخرين بأسلوب ينقصه التهذيب ويعززه التعذيب. وتناول تبرؤ الإخوان من أحد رموزهم في عام2006 عندما راحت الانتقادات تنهال فوق رأس حسن الترابي أحد قياديي الجماعة في السودان والذي كانت له اليد الطولي في إقامة الدولة الإسلامية في السودان بعد الانقلاب المعروف عام1989 وتحالفه مع العسكر آنذاك لكن فتاواه في قضايا الحجاب وزواج المسلمة من غير المسلم وغيرها من الفتاوي المخالفة لفتاوي الجماعة وضعته في صدام مباشر مع جماعته. ويستدل الكاتب علي تلك الواقعة بنهج الجماعة في تبديل أحصنتها كلما دعت الحاجة واستخدامهم منهج الغاية تبرر الوسيلة البرجماتية وكانت الطاعة العمياء والتسليم المطلق لقادة الجماعة هي وسيلة زعماء الجماعة لمصادرة إرادات وعقول الأنصار والموالين. كما تناول أساليب الجماعة في القضاء علي الخارجين من عباءتهم باتهامات سابقة التجهيز وفي مقدمتها أن شذ عن الجماعة ومن شذ فهو في النار وأنه تم شراؤه وعميل لأجهزة الأمن وأصبح ليبراليا ملحدا. كما تناول محاكمة التنظيم السري في الإمارات ونزاهة القضاء الإماراتي وإعلان الإمارات أن الإخوان جماعة إرهابية ضمن القائمة التي أعلنتها, مضيفا إلي تناوله تحريض القرضاوي ضد الإمارات في يناير2014 بقوله إن الإمارات تقف ضد كل حكم إسلامي. ويفسر الحمادي ضم الإمارات لجماعة الإخوان علي رأس قائمة الإرهاب التي تضم84 منظمة دينية وخيرية واجتماعية, لأنها أساس الإرهاب الذي نعيشه اليوم, وهي البوتقة التي خرجت منها كل الجماعات الإرهابية التي تقتل باسم الدين الإسلامي الحنيف. وقال الحمادي إن من أخطر التحديات التي مرت علي الإمارات وأكثرها حساسية هي قضية التنظيم السري للإخوان المسلمين ومع انطلاقة ما يسمي الربيع العربي بدأ إخوان الإمارات يسقطون أقنعتهم الوديعة ويكشرون عن أنيابهم ضد وطنهم ويطالبون بالتغيير. وأضاف, أن العالم بأسره كان يمر بمرحلة تغيير إلا بعض الدول العربية والمحظوظ من حجز لنفسه مكانا في حركة التغيير التي كانت تبدو أنها قادمة.. وفي الإمارات كانت هناك حاجة للتغيير وهناك رغبة في التغيير, لكنه تغيير لا يكمن في استبدال شيء بآخر, وإنما الانتقال من حالة إلي أخري, والتقدم إلي الأمام خطوات وتحقيق انجازات إضافية للوطن والمواطن في ظل دولة الاتحاد واختتم بالقول إن المدينة الفاضلة لم يستطع أفلاطون ايجادها وليس هناك بلد فاضل علي هذه الأرض فكل بلد فيه أخطاء ومشاكل وهذا ليس عيبا, فالبشر خلقوا خطائين, ولكن المهم ألا يتواصل الخطأ, وأن يستمر العمل والبناء وهذا ما تم فعلا في الإمارات لتحصد المراكز المتقدمة بين دول المنطقة واستعرض الحمادي ديماجوجية الإخوان المصاحبة للصراخ والعويل, وأنهم أسسوا ماكينة دعائية ضخمة لتسويق أنفسهم كشهداء في أذهان الرأي العام وترويج شعارات تشبه الطبول وقادرة علي إحداث ضجيج بسبب خوائها, وأن أكثر الطرق نجاحا في تدمير أي أمة هي الديماجوجية وهي سياسة تملق الشعب لتهييجه. وأشار إلي لعبة تحرير القدس لاستمالة مشاعر المسلمين دون فعل حقيقي وشعار الإسلام هو الحل لم يطبقوه ولن يطبقوه لأنه فقط لخدمة الأهداف. اتهم الإخوان باختطاف التدين الشعبي وهي المظاهر التي صاحبت صعود تيار الإسلام السياسي لتصبح ظاهرة اجتماعية قبل أن تكون ذات أصل أو فرع ديني ويشرح بشكل موسع الأصول والفروع لدي الجماعة من خلال دعوة الإصلاح التي تأسست في الإمارات وإدعاءاتهم وترهيبهم للرأي العام وادعائهم أن الغرب أعداؤهم ويفند الحمادي كل تلك الدعاوي ووصفهم بالعابثين في قعر السفينة وربط الكاتب بين أحداث الإرهاب في العالم والمنطقة مستعرضا مصطلح الحرب علي الارهاب ونشأته إبان أحداث11 سبتمبر.2001 ويري الحمادي أن اللاهثين وراء خديعة ووهم التغيير والمأسورين بإغوائها ووقعها الرنان, كانوا يعملون في الخفاء وفي الظلام لتنفيذ مخططات وأجندات خارجية مشبوهة, ويستطرد: من يعش في الإمارات, يدرك أن زمن التغيير الحقيقي فيها بدأ في عام2006, فمنذ ذلك العام والمواطن الإماراتي يعيش زمنا مختلفا عن كل الأزمان السابقة, ليس علي الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وحسب, ولكن كانت هناك تغييرات حقيقية علي المستوي السياسي, فقد كان الجميع يستعد لأول انتخابات برلمانية في تاريخ الإمارات. ولفت إلي أن الإخوان في الإمارات لا ينطلقون من رغبات وطنية شفافة ومخلصة, حيث كانوا ومنذ عشر سنوات يتواصلون وينسقون مع إخوان الخارج, ولم يتوقفوا عن تبادل التوجيهات والدعم المالي ومواصلة العمل السري, حيث كشفت محاكمة أعضاء التنظيم السري للإخوان في الإمارات عن ضيق أفقهم وسوء نواياهم, وعن محاولاتهم المدبرة لشق الصف الإماراتي, والتي باءت بالفشل بعد أن وقف أبناء البلد مع قيادتهم في نسيج نادر من الولاء والانسجام والتناغم القائم علي هدف حقيقي, وهو إعلاء قيمة الوطن وحمايته من الفوضي والفتنة والعبث.