أنا رجل في منتصف الأربعينيات تزوجت من إحدي قريباتي وسرعان ما تدفق حبها في قلبي إذ كانت طوال فترة زواجنا التي اقتربت من العشرين عاما مثالا للزوجة الصالحة التي تقف إلي جوار زوجها فساندتني وحملت عني أعباء ثلاثة أبناء حتي ترقيت في عملي وحققت فيه نجاحا كبيرا. تعرفت منذ خمس سنوات علي سيدة مطلقة جذبتني في البداية بقوة شخصيتها واختلافها الشديد عن زوجتي, وفرضت الظروف أن أتعرف عليها عن قرب فأبهرتني صفاتها حتي أفقت لأكتشف أني غارق في حبها. في البداية حاولت التهرب اعتقادا أنها نزوة أصابتني لكن مع الوقت تأكدت من أنني لا أستطيع الحياة دونها فألمحت لها بمشاعري ثم صارحتها بها فلم أجد منها اعتراضا علي الزواج لأنها تبادلني نفس المشاعر فوجدتني في غاية الحيرة, فأنا لا أريد أن أتسبب في الأذي للمرأة التي وقفت إلي جواري في بداية حياتي وتحولت مشاعري نحوها إلي مودة ورحمة, وفي الوقت نفسه حاولت لسنوات طويلة الابتعاد عن الأخري وكلما ابتعدت كلما أدركت عمق حبي لها, ولا أعلم ما الذي يجب علي عمله؟ وهل يستطيع الرجل أن يحب اثنتين في نفس الوقت؟ فما رأيك؟ سيدي كثير من الرجال عندما يتخذون قرار الزواج يفكرون فقط بالارتباط بالزوجة الصالحة المتسقة مع المعايير الدينية مثال: الحسب والنسب والخلق وذات الدين وهي معايير صحيحة ورائعة وهي من أساسيات نجاح الزواج, لكنهم يتناسون ويقللون من أهمية الاحتياجات الدنيوية التي تكمل المنظومة وهي احتياجات الشهوة والغريزة مثل شهوة الجمال والانجذاب الخاصة بالتكوين الجمالي الجسدي للمرأة والإحساس بالرغبة تجاهها والتي تكمل منظومة الزوجة الكاملة, وفي العادة يتحول زواج العقل والاختيار علي أسس دينية فقط إلي حياة روتينية مبنية علي حسن العشرة ووجود الأبناء تتطلب أن يكون الزوجان علي قدر كبير من الرضا بما قسمه الله لهما فيكتفيان بما في أيديهما وإما أن يكونا علي قدر من الذكاء والخبرة فيفطنان إلي أهمية تعلم فنون الحياة الزوجية, ويجددان ويبدعان في علاقتهما الحميمة لتكون تلك العلاقة رابطا قويا يجمع بينهما ويحصن كل منهما الآخر من الوقوع في براثن الآخرين المتربصين سواء من النساء أو الرجال. وفي حالتك يا سيدي فأنت كما ذكرت تزوجت زواج العقل واخترت من تكون لك البيت والعائلة وتنجب لك الأولاد وتناسيت أن ترضي نفسك لتكتفي بما بين يدك وبالتالي تغض بصرك وتصون الأمانة التي وضعتها زوجتك بين يديك وهي أن تصونها وأن تحصن نفسك بها! وبحثت عن مبرر للحب الثاني فحاكت لك نفسك قصة الإعجاب بأخري وبعقلها وطريقة تفكيرها واختلافها عن زوجتك, والحقيقة هي أنك ترغب فيها لأنها مختلفة وقد تكون أجمل من زوجتك وأكثر رشاقة منها ونسيت أن الرغبة أساسها الخيال والفانتازيا لأنك لم تجربها وبعد التجربة تتحول إلي روتين وسرعان ما ستزهدها وتتعود عليها وعندها ستدرك تسرعك بعد أن تكون فقدت زوجتك, وحينها لن ينفع الندم لأنك ستفقد الاثنتين. صديقي العزيز لقد أوصانا رسولنا الكريم بالظفر بذات الدين لأنها أصيلة, وإن كان ينقصها الدلال والدلع وفنون الزواج فقف بجانبها وعلمها وأعطيها الأمان لتكون لك الزوجة الكاملة, ولا تنس أن تسأل نفسك: إن كانت امرأتك الثانية ذكية وكاملة فما الذي منعها أن تكون كذلك مع زوجها الأول؟ وإن كان الطلاق ليس بسببها هي وأوقعها سوء حظها مع رجل ضعيف غير فاهم للزواج, فلم تصبر عليه وتطلقت منه فأنت أيضا مثله!! نعم, فقد كنت ضعيفا أمام شهواتك وفشلت في إمتاع نفسك مع من اخترت وتحججت بما ينقصها كذريعة للذهاب إلي امرأة غيرها, أما سؤالك عن إمكانية أن يحب الرجل اثنتين في وقت واحد فهذا وارد لأن الحب مرتبط بالعطاء والإشباع وبالتالي فكل الرجال يجدون أن امرأة واحدة لا تكفي ولكن.. تذكر أنك أيضا لست كاملا وأن زوجتك قد تكون في معاناة معك من قلة عطائك لها ولكن الفرق بينكما أنها راضية وأنت غير راض, لذلك أنصحك أن تتقرب إلي زوجتك وتأخذ بيديها وتعلمها, وابحث فيها عن جوانب الجمال غير المرئي أو الملموس واعلم أن مشاعرك تجاهها حاليا كما وصفتها المودة والرحمة هي من أسمي المشاعر وأعظمها عند الخالق سبحانه وتعالي فتمسك بها ولا تقلل من قدرها.