هبطت الطائرة علي الممر ولكن لسبب غير مفهوم, تزايدت سرعتها بدلا من ان تتناقص ثم ارتطمت بحاجز خشبي وجرفته واستمرت في السير. .حاولت ان اطمئن نفسي ان قائد الطائرة لابد ان يستعمل مكابح السرعة ويتوقف ولكن لفزعي اقترب بسرعة مذهلة من حائط للخرسانة, وفجأة صرخ بصوت ناعق في الميكروفون: أقرأوا الشهادة. قرأت الشهادة انتظرت في صمت وترقب مرعب ان تتحول الطائرة الي كتلة من نار ودعوت الله ان انتقل لرحمته بدون ألم..مر بعض الوقت بدون حدوث شيء ثم استيقظت وحمدت الله بشدة وسجدت شكرا علي السلامة ولكني فكرت لباقي اليوم في تفسير الحلم. أنا اؤمن برأي فرويد ان الأحلام هي تعبير عن صراعات ومخاوف داخلية يظهرها العقل الباطن في صورة أحلام, هل كان الحلم يعبر عن قلق علي حال البلاد..أم انه ربما تعبير عن مخاوف شخصية..أم هو مجرد أضغاث أحلام؟..بماذا يرمز السير في طريق مسدود وهل تعمد قائد الطائرة عدم التوقف..أم ان المكابح كانت قد تعطلت؟..بقيت ذكريات الحلم- الذي حلمته منذ شهرين- عالقة لفترة حتي نسيته تماما ثم تذكرته فور حادث الطائرة الأخيرة, فما كان بالنسبة لي كابوسا كان للأسف الشديد حقيقة مرعبة لركاب الطائرة..فمن الثابت ان هناك دقائق قليلة فصلت بين إنذار الدخان داخل الطائرة وسقوطها من حالق..كيف كان شعور الركاب وهم يعلمون ان دقائق معدودات تفصلهم بين الحياة والموت؟..تأملت صور وقصص حياة بعضهم بأسي بالغ..زوجة تصارع المرض الفتاك وينتظرها اطفالها في القاهرة بعد رحلة علاج في باريس وفي لحظة يختطف الموت المريضة وزوجها ويتيتم الأطفال..رجال ونساء وأطفال وراء كل منهم قصص ولا شك مليئة بأماني لم تذعن وآمال لم تتحقق وطموحات لم تر النور..خالص التعازي لأسر الضحايا ودعواتي ان يتغمدهم ارحم الراحمين برحمته الواسعة. لدي بعض الملاحظات: من المفهوم ان هناك ثلاثة اسباب لسقوط الطائرات..عامل بشري او خلل فني او عمل ارهابي..ومن المنطقي ان تحديد السبب بالتفصيل هو دور الخبراء المتخصصين وليس كل من هب ودب من الهواة. حتي لو بدا ان العمل الارهابي هو الاكثر ترجيحا فمن الطبيعي ألا تهمل التحقيقات اي محور..وكما حدث في حادث الطائرة الروسية عندما أعلن ان التحقيق لابد ان يأخذ وقته, فمن المفهوم ان حدثا جللا كهذا يحتاج الي وقت كاف للالمام بكافة ملابساته. قرأت مقالات رأي تهاجم بشدة الشامتين وتتهمهم بأحط الصفات..وبالطبع فمن يشمت في مصاب هكذا هو من أحط وأحقر خلق الله, ولكن أين هم؟..لقد قرأت أكثر من خمس مقالات رأي تهاجم الشامتين ولم اقرأ اي مقالة او تويتر او تعليق علي مواقع التواصل تعبر عن تلك الشماتة المزعومة..وهذا يجعلني أتساءل: هل هذه طريقة أخري لشيطنة الآخرين؟..وهل تلك الشيطنة تصب في الصالح العام أم ان نتيجتها خسارة الكل؟ نعلم انه في حوادث القتل يقوم فريق البحث الجنائي بدراسة جميع الاحتمالات ولا يستبعدون اي شخص من إمكانية ان يكون هو الجاني بمن فيهم أسرة القتيل نفسه..قد يبدو التحقيق مع أسرة القتيل وسط أحزانهم الخاصةأمرا غير إنساني ولكن لا يستطيع ضابط المباحث الكفء تجاوزه فهو لازم للوصول إلي الحقيقة..أليس كذلك؟ لهذا السبب لم أفهم حقيقة سر الغضب الشديد من فحص سيرة قائد الطائرة- رحمه الله- ولم أر في ذلك محاولة علي الإطلاق للتشكيك في كفاءته ونزاهته. مرة أخري خالص العزاء لأسر طاقم الطائرة وركابها..ودعواتي بالرحمة للجميع.