د. شريف الجيار.. رئيس قطاع النشر بالهيئة العامة للكتاب..ناقد وأكاديمي وعضو هيئة تدريس بقسم اللغة العربية في كلية آداب بني سويف, تخصص النقد والأدب المقارن... له مؤلفات وترجمات عدة وشارك في عشرات الندوات واللقاءات الثقافية..ألتقته الأهرام المسائي وطرحت عليه عددا من التساؤلات حول صناعة النشر ومعاييرها ودور الدولة فيها, ومستقبل الثقافة في مصر في ظل التحديات التي تواجه الدولة المصرية والأمة العربية وعلي رأسها الإرهاب, فضلا عن دور الثقافة في مواجهته فكان هذا الحوار. بداية كيف تقيم صناعة النشر في مصر؟ تمر صناعة النشر في مصر, بحالة مرضية إلي حد كبير; حيث تقوم مؤسسات الدولة, لاسيما مؤسسات وزارة الثقافة( الهيئة العامة للكتاب, الهيئة العامة لقصور الثقافة, المجلس الأعلي للثقافة, المركز القومي للترجمة, النشر الإقليمي, وغيرها) بدور كبير في حركة النشر, قياسا بحجم المنجز الإبداعي المصري يوميا, فضلا عن هذا; لا يمكن أن نغفل دور النشر الخاصة, التي أسهمت, بشكل كبير, في استيعاب جزء كبير مما يبدعه كتاب مصر, ولا سيما الأقلام الشابة. عملت مديرا للنشر, كيف تقيم دور وزارة الثقافة في المساهمة في تعزيز صناعة الكتاب؟ أعمل منذ عامين رئيسا لقطاع النشر بهيئة الكتاب, وأري أن هناك جهدا كبيرا يبذل; من مؤسسات وزارة الثقافة; لتعزيز صناعة الكتاب في مصر, لاسيما في هيئة الكتاب, ومشروع مكتبة الأسرة, والهيئة العامة لقصور الثقافة, والمركز القومي للترجمة; وغيرها, خدمة لمبدعي مصر, لاسيما الأصوات التي حرمت لفترات طويلة من النشر في مؤسسات الدولة, والمتابع في الفترات الأخيرة يشعر بأن هناك محاولات جادة لتطوير الكتاب التابع لوزارة الثقافة; شكلا ومضمونا, وهو ما يمثل إضافة لكل ما بذل قبل ذلك. ما رؤيتك حول الدور الذي تقوم به المؤسسات الثقافية خاصة هيئة الكتاب الآن في مقابل الدور الثقافي لبعض الأماكن غير الرسمية؟ الهيئة العامة للكتاب, واحدة من كبريات دور النشر, في العالم العربي; لذا فالمأمول منها كثير; نحن نحاول دائما تطوير الأداء داخل الهيئة, فإدارةالنشر التي أشرف بالإشراف عليها, قمت بإعادة هيكلة إداراتها, بعد مرور شهر من تسلمي لموقعي, بمساعدة زملائي داخل الإدارات التابعة لإدارة النشر, وهو ما انعكس بشكل واضح- علي آليات التعامل مع المبدعين, وكان له الأثر الأكبر في زيادة المنجز المقدم للجمهور, وتطويره شكلا ومضمونا. إلي جانب ذلك, قامت إدارة النشر بالهيئة, بتدشين مسابقة عربية لأول مرة في هيئة الكتاب; وهي( مسابقة النشر للإبداع العربي لأدب الطفل), وكان ذلك في يوليه2015 م, وكان المقصود من ذلك هو تطوير الكتاب المقدم للطفل المصري والعربي, واكتشاف أسماء جديدة في إبداع أدب الأطفال. وجوائز هذه المسابقة هو نشر الكتب الفائزة, وقد تمت الدورة الأولي بنجاح, وفاز ثمانية مبدعين, من مصر والعالم العربي, والأعمال الفائزة بصدد الصدور. وسبق أن طرحت إنشاء موقع خاص لنشر الكتب إلكترونيا, مثلما نري في كل بلاد العالم. إلي جانب الدخول إلي شبه القارة الهندية, من خلال مشروع قدمته بعد عودتي من معرض نيودلهي للكتاب فبراير2015م, حيث تم الاتفاق مع ثلاثة أقسام للغة العربية في ثلاث جامعات هندية, بمساعدة المستشار الثقافي المصري في دلهي, حيث نقدم مختارات من الإبداع العربي للترجمة, لهذه الأقسام التي تقوم بترجمتها إلي الإنجليزية والهندية والأوردو, بلا مقابل مادي, وتقوم الهيئة بالنشر, ولكن المشروع لم يظهر للنور في تلك الفترة. وأعتقد أن هيئة الكتاب, تقوم بدور لا يمكن أن يغفله أحد, ونأمل منها الكثير, من خلال تضافر القوي, والتخلص من آليات روتينية عفا عليها الزمن, وذلك بتطوير وميكنة الإدارة المركزية للنشر, وغيرها من الإدارات, وهو ما يوفر وقتا طويلا في سرعة نشر الكتاب. ما هي المعايير التي تقيمون بها الأعمال التي تقدم لكم لإجازة نشرها؟ بالنسبة للكتب التي نقوم بنشرها داخل الهيئة, يتم نشرها وفق خطة, يراعي فيها التنوع, آخرها خطة للستة أشهر الأخيرة, من يناير حتي يونية; حيث تتم إجراءات نشر الكتاب كالتالي: يتم تسلم الكتاب من الكاتب, في إدارة المتابعة, ويأخذ إيصال استلام, ثم نضع الكتاب ضمن خطة النشر المطروحة, التي يتم عرضها علي رئيس الهيئة, للموافقة, ثم يحول الكتاب للفحص, وإذا أجيز نبدأ فورا في إجراءات النشر التالية, حتي يصدر الكتاب. بعض المواقع نشرت أنكم لا تعملون بمعايير مهنية واحدة في تقييم ما ينشر من أعمال وضربوا عدة أمثلة مثل طارق المهدي والدكتور علي محمد عبد المنعم والشاعر محمود موسي والكاتبة سميرة أبو طالب؟ رغم ما يبذل من مجهودات واضحة, تجد موقعا ينشر تحقيقا صحفيا, غير دقيق علي الإطلاق, ولا يراعي المهنية, حيث لم يرجع إلي إدارة النشر; كي يتحقق من المعلومات, فكل ما ذكره من كتب قدمت للفحص, ورفضت من الفاحصين, وليس من مسئولي النشر بالهيئة, مثل كتاب طارق المهدي, ود.علي عبد المنعم, ومحمود موسي وغيرهما. وقد قدمت الكتب بتقاريرها إلي نائب رئيس الهيئة, فنحن نتعامل بموضوعية شديدة, فكل كتاب يأتي إلينا يقدم للفحص, ونلتزم بما يقرره الفاحصون, لذا بعد نشر هذا الخبر غير الصحيح, قدمت لرئيس الهيئة, ردود إدارة النشر علي كل ما ذكر, بل أرسلت الرد للموقع, وللأسف لم ينشر الرد. ما رأيك في أزمة اتحاد الكتاب؟ أزمة اتحاد الكتاب; أزمة مؤقتة, والحل في أقرب جمعية عمومية, تقوم باختيار مجلس إدارة متناسق ومتناغم, يعمل من أجل الشأن العام, ويركز في تقديم الخدمات لأعضاء النقابة, ويحافظ علي شكل المثقف المصري أمام باقي الاتحادات العربية والعالمية. لك جولات مهمة في النقد, فما رؤيتك للواقع النقدي في مصر مقارنة بالحالة في الوطن العربي؟ أري أن النقد في مصر بخير, وليست هناك مشكلة نقد, مازالت مصر تقدم نقدا من جيل الأساتذة ومن جيل النقاد الشباب, المشكلة في عدد النقاد مقارنة بكم المنجز الإبداعي اليومي, الذي يحتاج إلي متابعة دقيقة. فعدد النقاد الذين يشاركون في الندوات, وفي متابعة ما ينجز, قليل. ورغم ذلك فنقادنا يسهمون مع غيرهم من نقاد العالم العربي, في معظم المحافل العلمية العربية والعالمية. تري ما مستقبل الثقافة في مصر وهل لديك خطة منهجية في ذلك؟ من وجهة نظري أن تقوم السياسة الثقافية المصرية, علي ديمقراطية الثقافة, بإنهاء حالة المركزية في العمل الثقافي والاهتمام بالتنوع الثقافي والعناية بالثقافات الفرعية, فضلا عن إعادة هيكلة بعض قطاعات وزارة الثقافة; حتي تتوافق مع المرحلة الجديدة في تاريخ مصر, ومع تطلعات الجماعة الثقافية المصرية, ومع الاحتياجات الفعلية لتطوير العمل, وتحديث البنية الأساسية للمنشآت الثقافية, والعمل علي تطوير القائمين عليها, إلي جانب الوصول بالمنتج الثقافي والبرامج والأنشطة إلي كل الجماهير بمختلف أعمارهم بالتعاون مع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في المجال الثقافي ودعمها بالمساهمات العينية; لدعم دورها الثقافي بما يؤدي لتوسيع رقعة الجهات التي تحمل الرسالة الثقافية وتعظيم الاستفادة من المنظمات الإقليمية والدولية العاملة في مجال الثقافة. وكيف يمكن توسيع وتطوير دور الإدارة المركزية للنشر؟ هذا بالتأكيد ضروري جدا, ومن عناصر هذه الرؤية وضع آلية للتسويق الثقافي, وتوزيع عادل لإصدارات وزارة الثقافة, لتشمل كل محافظات الجمهورية وإمدادها بأحدث الإصدارات وتنظيم مجموعة من المعارض والفعاليات الثقافية بالمناطق الحدودية, دعما لها والعمل علي تنميتها ثقافيا, بما يتناسب وخصوصية وضعها الجغرافي والعناية بالثقافات الفرعية( النوبة, سيناء, سيوة, حلايب وشلاتين) والتعامل مع هذا التنوع باعتباره عنصر إثراء وقوة للثقافة المصرية تضيف إليها ولا تنتقص منها وتنفيذ إصدارات وأنشطة متعددة حول تنمية الوعي البيئي, والمواطنة, وحقوق المرأة والطفل, وتعزيز مفهوم الديمقراطية والحوار في المجتمع وعقد منتديات سياسية واجتماعية للمرأة( الهيئة العامة لقصور الثقافة), في كل فرع ثقافي بقصور وبيوت الثقافة المنتشرة في جميع محافظات مصر; لدفعها إلي المشاركة السياسية والاجتماعية وتحسين دخل الأسرة والأهم في تقديري تقديم رسالة ثقافية لتنمية الوجدان المصري; ليصبح قادرا ومبادرا ومبدعا ومعبرا عن ذاته بحرية مسئولة. والعمل علي الارتقاء بالوعي الثقافي لدي المواطن يستطيع بعدها التمييز بين كل غث وثمين من المنتج الثقافي. كما تشتمل هذه الرؤية خاصة في ظل التكدس الوظيفي, وانعدام بعض الكوادر والخبرات, والتكلفة المالية بلا طائل( التسريب المالي), داخل معظم مؤسسات وزارة الثقافة; علي اقتراحات بوجود التدريب التحويلي, لإضافة مهارات لازمة لأشخاص معينين; للاستفادة منهم في عمل آخر أكثر ملاءمة كما نقترح أيضا- تفعيل أقسام التنمية البشرية, في المؤسسات المختلفة لإعداد الكوادر اللازمة, وإكسابها المهارات التي يحتاجها العمل.