لاشك أن عودة مصر إلي البرلمان الإفريقي بعد انقطاع دام أكثر من ثلاث سنوات يؤكد الاهتمام المصري بالقارة الإفريقية والجهود المبذولة من قبل القيادة السياسية ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي لدعم الوجود في القارة السمراء وسعي القاهرة بمختلف أجهزتها إلي استعادة مكانتها المرموقة بالقارة وفي مقدمتها الوجود الفعال والقوي داخل الأجهزة الرئيسية للاتحاد الافريقي ومنها عضوية مصر في مجلس السلم والأمن وأيضا عودة التمثيل المصري داخل البرلمان الافريقي. وأعتقد أن الإشادة الأفريقية بعودة مصر إلي أحضان افريقيا من جديد والتي جاءت علي لسان رئيس البرلمان الأفريقي روجر انكودو دانج تكشف مدي الأهمية الكبيرة التي توليها دول القارة للدور المصري في دعم قضايا القارة المختلفة خاصة ما يتعلق منها بالجانب الاقتصادي بعد استضافة مصر مؤتمر التكتلات الاقتصادية الثلاثة الكبري في القارة الكوميسا والايكواس والساداك- بمدينة شرم الشيخ في يوليو الماضي وتوقيع الاتفاق المبدئي بين التكتلات الثلاثة بالإضافة إلي جهود القاهرة في دعم التكامل الاقتصادي بين الدول الافريقية من خلال تعزيز التعاون التجاري والاستثماري ودعم العمل بمبادرة النيباد لتطوير البنية الأساسية في دول القارة. ولذا فإن مشاركة مصر في أعمال البرلمان الأفريقي بوفد رفيع المستوي وبحضور الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب الجلسة الافتتاحية وإلقائه كلمة مصر بها جاءت في توقيت بالغ الأهمية حيث تتعرض القارة لموجة مفزعة من الإرهاب في العديد من دولها سواء من قبل جماعات الشباب الصومالية الإرهابية في الجنوب أو من جماعة بوكوحرام في الغرب أو من قبل تنظيم داعش الإرهابي في الشمال وبالتالي فان الدول الأفريقية تعول كثيرا علي الدور المصري في التصدي للإرهاب من خلال موقعها في مجلس الأمن الدولي كعضو غير دائم العضوية وأيضا من خلال عضويتها بمجلس السلم والأمن الإفريقي حيث تسعي مصر بالتنسيق مع الدول الكبري في القاهرة لحشد المجتمع الدولي لمساندة القارة في التصدي للإرهاب بكل أشكاله وصوره. والمؤكد أن البرلمان الإفريقي في ظل وجود مصر ممثلة بخمسة نواب سيكتسب أهمية أكبر خاصة فيما يتعلق بدور البرلمان في التصدي لقضايا القارة المختلفة وفي مقدمتها حقوق الإنسان والتي تشمل حق المواطن الإفريقي في التعليم والمسكن والحياة الكريمة بكل معانيها وهو ما يتطلب بذل المزيد من الجهود من قبل الدول الإفريقية والتنسيق مع البرلمان الإفريقي والذي يقوم بدوره بالتنسيق مع البرلمانات الوطنية لدعم الجهود المبذولة لمواجهة القضايا الرئيسية والملحة في القارة السمراء بهدف تحقيق صالح المواطن الإفريقي والذي مازال ينتظر دور أكبر من البرلمان الإفريقي في التعبير عن همومه وقضاياه. ويقينا فإن الدور المصري البرلماني في القارة يمكن أن يكون هو احد الركائز الأساسية في دعم التعاون مع كل الدول الإفريقية في جميع المجالات حيث يوجد في البرلمان ممثلون لجميع الدول بواقع خمسة أعضاء لكل دولة باستثناء المغرب والتي انسحبت من عضوية الاتحاد الافريقي وبالتالي فان توثيق العلاقات والاتصالات مع هؤلاء الأعضاء سيسهم بشكل كامل في دعم الوجود المصري في القارة في جميع المجالات ويؤكد التنسيق بين البرلمان وبين الحكومة فيما يتعلق بمصلحة المواطن المصري. والواقع يؤكد أن البرلمان الإفريقي يواجه تحديات عديدة أهمها العجز الكبير في الموازنة العامة للبرلمان والتي تدفعه إلي الاستعانة بدعم مالي من قبل عدد من الشركاء والمانحين الدوليين حتي يستطيع البرلمان الوفاء بالتزاماته والقيام بأنشطته المتعددة خاصة انه جزء أساسي من الاتحاد الافريقي والذي يعاني أيضا من أزمة مالية طاحنة وهو ما يسعي البرلمان خلال المرحلة المقبلة للتغلب عليه. [email protected]