أنا سيدة في الخامسة والأربعين من عمري أعمل موظفة حكومية, تزوجت من سنوات طويلة برجل كان يعتبر مطمعا لفتيات الحي الشعبي الذي أسكنه بوسامته اللافتة واعتقدت وقتها أن اختياره لي هو رضا من الله خاصة أنني عادية الجمال وعشت معه سنوات طويلة لم أشعر خلالها بحبه لي مرة واحدة, بل كان يتعمد معاملتي بدونية كأنه يعاقبني علي نقص جمالي, ومع ذلك فقد تدلهت في حبه وتفانيت في الإخلاص له وأنجبت منه البنين والبنات, لكن في العامين الأخيرين ازدادت المشاكل بيننا ولم أعد أحرص علي إرضائه مثلما كنت أفعل طوال حياتي معه يأسا من أن يبادلني الحب أو حتي الاحترام في ذلك الوقت ظهر مديري في العمل الذي بدأ يحاصرني بنظرات الاهتمام فوجدتني فجأة أقع في غرامه وأصبح هو رجل أحلامي فطلبت من زوجي الطلاق الذي كنت سأطلبه في جميع الأحوال, وحصلت عليه بالفعل فقد كانت حياتنا الزوجية شبه منهارة, وبعد طلاقي تهرب مني رجل أحلامي لفترة ثم عاد ليعرض علي الزواج العرفي دون أن تعرف زوجته ولا حتي أبنائي الذين أصبحوا شبابا في آخر سنواتهم الدراسية, فرفضت ولم يكرر عرضه سيدي.. أنا الآن أعاني من حالة من الاضطراب أشعر معها بأنني ساخطة علي حياتي كما أشعر بالضياع, فهل تري لي أملا في البدء من جديد؟ وكيف ؟ سيدتي يقول الإمام الغزالي الكبير الزواج ليس لمفاتن أنثي ولا لوسامة رجل! وإنما هو لإعمار بيوت علي المودة والسكينة والرحمة محاطة بأسياج من طاعة الله وأنت يا سيدتي لم تتبعي هذه القاعدة في اختيارك وإنما فضلت أن تفوزي بالشاب الذي كان مطمعا لبنات حيكم الشعبي كأنك أردت الفوز بالجائزة دون النظر لأن كانت تناسبك أم لا, وبالتالي فالخطوة الأولي لم تكن صحيحة وهذا ما نؤكد عليه عند الإقدام علي الزواج وهو حسن الاختيار والتكافؤ. ثم ألم تلحظي تعامله معك بدونية وتعالي قبل إتمام العقد؟ ألم تشعري بهذا السيناريو قبل الزواج أوفي مراحله الأولي؟ أم كان كل همك هو الحصول عليه فقط فأوقفت عقلك عن التفكير السليم! وإن كان كذلك, فماذا فعلت بعد إتمام العقد لإصلاح حياتك معه؟ هل سعيت لإقناعه بأن يحسن معاملتك وأن يري محاسنك الأخري كحسن المعشر والطيبة والأخلاق الحميدة والإحسان لعائلته؟ أم اكتفيت بالبكاء علي حظك العاثر والشكوي منه ومن سوء معاملته لك ؟. النتيجة كانت كما هو متوقع: تبدأ بالشكوي ومحاولات متفرقة للإصلاح ثم يصاب الإنسان بالإحباط ثم يبدأ في التخلي عن مبادئه ومن بعدها يقع فريسة سهلة للإغواء من الآخرين وهذا ما حدث معك بالضبط! فوقعت في نفس الغلطة وأغفلت إعمال عقلك للمرة الثانية وتركت المجال مفتوحا للدخول في علاقة غير مدروسة بررتها لنفسك بالاحتياج والهروب من الوحدة ولم تعقلي ما أنت مقدمة عليه وهو الارتباط برجل متزوج, رجل عرفك وأنت متزوجة, رجل صارحك بأنه يرغب فيك وأنت زوجة لغيره ووجد منك تجاوبا, فصدقت فعلا أنه يريدك زوجة ويريد طلاقك ليتزوجك. أما بخصوص السؤال الذي ربما يكون مازال قابعا في قاع عقلك الباطن دون إجابة: لماذا تزوجني زوجي وهو يعلم جيدا أنني لست بجمال الأخريات ممن هم حوله؟ فإجابته هي أن بعض الرجال بعد أن يصولون ويجولون مع الجميلات لإشباع الإيجو الخاص بهم, يتزوجون بصاحبة الخلق الحميد والسمعة الطيبة ممن تستطيع أن تؤسس البيت وتنجب الذرية وتصون العرض, وفي الواقع معظم رجالنا مصابون بهذه الازدواجية فهم يرددون عكس رغباتهم الحقيقية: يحبون الجمال ويرغبون في اللهو لكنهم في نفس الوقت يبحثون عن الفضيلة وفي داخلهم لا يستطيعون الجمع بين التناقضين!! سيدتي.. لقد ظلمت نفسك بسوء اختيارك, فلا تظلميها مرة أخري وابتعدي عن هذا الرجل المتزوج وقري في بيتك وانتظري هدية السماء, وإن شاء الله يرزقك بمن هو أهل لك ويكون سندك في الحياة ويعوضك عن زيجتك الفاشلة ويكون سترا لك ولأولادك.