هذه المقالة تمثل إحدي محاولاتي التحليلية المتكررة لتفسير حدود ونطاق سلطة التدخل الحكومي من جهة وعلاقة المنظمات الرياضية بقوانين الدول من جهة أخري- والبحث في الأمرين يحتاج إلي دراسة قانونية متعمقة في ظل الإشكاليات الكبيرة التي تشهدها الساحة الرياضية المصرية والعربية والتي يمثل السبب الرئيسي فيها هو عدم الإلمام الكامل بأبعاد هذه العلاقات القانونية المتشابكة والمعقدة. فالأمر ليس مصطلحا يقال التدخل الحكومي إنما الأمر أبعد وأعمق من ذلك بكثير- فكلنا نردد مصطلحات التدخل الحكومي- الميثاق الأوليمبي- استقلالية الجمعيات العمومية..... وهكذا. ولم يتساءل أحد لماذا سويسرا هي الدولة الوحيدة التي تستضيف هذا العدد الكبير من المنظمات الرياضية الدولية ؟ والذي يصل إلي أكثر من60 منظمة رياضية دولية تأتي علي رأسها اللجنة الأوليمبية الدولية- محكمة التحكيم الرياضية- الاتحاد الدولي لكرة القدم بالرغم من أن هناك العديد من الدول تتقدم علي سويسرا بسنوات عديدة في المجال الرياضي, فبالإضافة إلي كون سويسرا تتميز بالأمن والاستقرار والحيادية الدبلوماسية مع كافة الدول والعمالة المدربة تدريبا متميزا إلا أن سويسرا تتميز أيضا بحزمة من التشريعات القانونية التي تتميز بسهولة التطبيق الأمر الذي يقود تلك القوانين إلي مرونة تشريعية مميزه, فنجد مثلا القانون السويسري المنظم لعمل الجمعيات والذي تتوافق غالبية مواده مع الكثير من نصوص القانون المدني السويسري والذي تخضع الفيفا لأحكامه في ظل شريطة إشهار المؤسسة والتي يصطلح عليها الآتي الفيفا منظمة رياضية غير ربحية تخضع لأحكام القانون السويسري فنجد أنفسنا أمام قانون يتميز بمرونة تشريعية الأمر الذي يمثل ضمانة وسلامة قانونية كبيرة, كما نجد أيضا قانون الضرائب الفيدرالية والذي يعطي امتيازات وإعفاءات ضريبية لكافة الهيئات والجمعيات والمؤسسات التي تمارس وتنظم نشاطا رياضيا لا يستهدف الربح ويحقق المنفعة العامة ومن ثم فإن الشاهد هنا نجده يمثل تعارضا كبيرا بين فكرة المنح المتمثلة في وجود النص القانوني وفكرة التطبيق والتي تتمثل في أن كافة الأنشطة الرياضية التي تنظمها هذه الهيئات وخاصة الفيفا أنشطة تستهدف الربح الأمر الذي يبرهن علي أن الفيفا وكافة المنظمات الدولية بما فيها اللجنة الأوليمبية الدولية تدخل تحت عباءة ومظلة القانون الوطني السويسري ولا تستطيع أن تخرج من نطاق نصوصه وأحكامه في ظل استفادة هذه المنظمات بما تمنحه تلك القوانين والتشريعات والتي لا ترتبط أساسا بالرياضة, وفي نفس الوقت توجه هذه المنظمات الدولية كافة الهيئات الرياضية الوطنية بالخروج في كثير من الأحيان عن مظلة القوانين الوطنية مستخدمة مصطلح التدخل الحكومي وهنا يجدر بنا الإشارة إلي ضرورة إقرار النصوص التي ترسم أبعاد الحاكمية الرياضية في قانون الرياضة المصري والتي بح صوتي في تكرار ترديدها والتي ترسم علاقة وحدود ونطاق السلطة بين نصوص القوانين الوطنية للرياضة في الدولة أي علاقة الهيئة الرياضية الوطنية بالدولة من جهة وعلاقة الهيئة الرياضية الوطنية بأعضائها من جهة أخري وفقا لنصوص وقواعد اتحاداتها الدولية فالفيفا إذا خاضع لأحكام القانون السويسري الوطني ويخضع للقضاء الفيدرالي كما يخضع للتحكيم الرياضي والدليل علي ذلك تدخل المحاكم الفيدرالية في أزماته المالية الأخيرة والتي ترتب عليها عقوبات لأعضائه من لجنة القيم داخل الفيفا والتي أقرتها المحكمة الرياضية الدولية, إذا الذكاء يتمثل في القدرة علي وضع نصوص تمثل الربط بين كافة هذه التشريعات داخل الدولة فلا يوجد تدخل مطلق ولا توجد استقلالية مطلقة ولكن يوجد نصوص تسمي الحاكمية الرياضية.