رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر و السعودية .. تاريخ يصنع المستقبل
نشر في الأهرام المسائي يوم 06 - 04 - 2016

علي مر التاريخ تكتسب العلاقات المصرية السعودية خصوصية تميزها عن غيرها من العلاقات الدولية, ويحفل سجل العلاقات بين القاهرة والرياض بالعديد من المواقف الوطنية التاريخية التي تعكس حبا متبادلا, واحتراما وتقديرا يجسد حضارة الشعبين, ويؤكد عمق الروابط بينهما, ومهما حاول المتآمرون والحاقدون النيل من هذه العلاقات فإن حبال الود وجسور التواصل بين مصر والسعودية تظل أقوي وأشد.
صفحات مضيئة ومشاهد منيرة ومواقف محفورة بأحرف من نور في سجل العلاقات التاريخية بين مصر والسعودية, تقف شاهدة علي أن ما يربط مصر والسعودية أقوي من أي محاولات دنيئة.
ولا تتسع الصفحات لذكر المواقف النبيلة لقادة المملكة تجاه مصر, وتضيق السطور بما يكنه الشعب المصري لأشقائه في السعودية, ولعل حالة الحفاوة والترحاب التي تعم الشارع المصري بقدوم عاهل المملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان غدا خير دليل علي هذا الحب الكبير, ولم لا وهو من ساند الشعب المصري في مسيرته بعد ثورة30 يونيو ووقف مدافعا ومن قبله شقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله عن ثورة الشعب المصري في موقف تاريخي اعتاد عليه الشعب المصري من الأسرة المالكة في السعودية.
وحينما يحل الملك سلمان غدا ضيفا علي مصر والرئيس عبدالفتاح السيسي, فإن ذلك يعني أن مصر والسعودية علي أعتاب مرحلة جديدة من التعاون والشراكة أكدتها الاجتماعات التنسيقية خلال الشهور الماضية, إذ أن كل المؤشرات تؤكد أن هناك إصرارا من القيادتين علي نقل العلاقات بين البلدين إلي مرحلة الشراكة الشاملة ليس فقط من أجل خدمة مصالح الشعبين الشقيقين, بل مصالح الأمة العربية والإسلامية كلها, والمؤكد أن العالم يترقب ما ستسفر عنه القمة المرتقبة بين الرئيس السيسي والملك سلمان التي لا شك ستكون في مصلحة المنطقة والعالم بأسره.
من البحيرات المرة إلي القاهرة..قضية24 زيارة ل ملوك السعودية
زيارة الملك سلمان إلي مصر تعد الزيارة ال24 لملوك السعودية إلي أرض مصر, والتي بدأت من قمة البحيرات المرة التي التقي خلالها مؤسس المملكة الملك عبد العزيز آل سعود الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في14 فبراير1945 علي متن المدمرة الأمريكية كوينسي.
وكانت تلك الزيارة التي لم يلتق فيها الملك عبدالعزيز أي مسئول مصري هي الأولي التي يطأ فيها ملك سعودي أرضا مصرية, لتأتي الزيارة الرسمية الأولي بعد ذلك في يناير1946, في عهد الملك فاروق, وهي الزيارة التي استمرت لمدة خمسة أيام.
ويعد الملك فيصل بن عبدالعزيز أكثر ملوك المملكة زيارة لمصر, إذ زارها سبع مرات في أعوام1965 و1969 و1970 و1971 و1973 و1974 و1975, وكانت لزياراته إلي القاهرة تأثيرات علي الوضع العربي إجمالا, إذ شهدت تلك الزيارات التنسيق السعودي- المصري لشن حرب أكتوبر1973, إذ جرت محادثات مطولة بين الملك فيصل والرئيس أنور السادات, تناولت- بحسب مؤرخين- كل السيناريوهات المطروحة لشن هذه الحرب, كما تم قبلها المشاركة في مؤتمر القمة العربي الطارئ الذي عقد في21( سبتمبر)1970 لبحث ما يعرف تاريخيا بأحداث أيلول الأسود, فيما كانت أول زيارة للملك الراحل يرحمه الله إلي مصر في الثامن من( سبتمبر)1965 وذلك بعد توليه مقاليد الحكم.
ويأتي في المرتبة الثانية بعد الملك فيصل, في عدد المرات التي زار فيها مصر, الملك سعود بأربع زيارات, في1954 و1956 و1959 و1964, إذ كانت أول زيارة له في1954 والتقي خلالها أول رئيس لمصر محمد نجيب, إضافة إلي مجلس قيادة الثورة.
ويتساوي كل من الملك خالد والملك فهد والملك عبدالله, في عدد زياراتهم لمصر, التي بلغت ثلاث زيارات, إذ قام الملك خالد بأول زيارة له في1975, أتبعها بزيارة ثانية في( مارس)1976, وثالثة في( مارس)1976, وبدأ الملك فهد زياراته إلي مصر في1989, وإن كانت زيارته الأشهر في التاسع من( أغسطس)1990 والذي أكد فيها خلال مشاركته في مؤتمر القمة العربية الطارئ لمناقشة أزمة اجتياح قوات الجيش العراقي للكويت علي الحق السيادي المطلق لدولة الكويت في استعادة أراضيها.
أما الملك عبدالله فقد زار مصر في( أبريل)2008, و(يونيو)2008, والأشهر في تاريخ زياراته هي تلك التي توقف فيها في مطار القاهرة لدي عودته من المغرب في2014, وصعد إليه في الطائرة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر, وهي الزيارة الرسمية الأولي عقب زيارته السابقة لحضور القمة العربية الأخيرة بشرم الشيخ, تأكيدا علي استمرار نهج السعودية ومساندتها لمصر في ما تمر فيه من أزمات, وحفاظا علي أمنها واستقرارها, وأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط إجمالا.
تعاون.. وتكامل
14 اتفاقية جديدة ترسم مستقبل العلاقات الاقتصادية
وتتسم العلاقات الثنائية بين السعودية ومصر بالقوة والاستمرارية للمكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان علي الأصعدة العربية والإسلامية والدولية, فالبلدان هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي كما أن التشابه في التوجهات بين السياستين المصرية والسعودية يؤدي إلي التقارب إزاء العديد من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية.
وتداخلت أبعاد العلاقات الاقتصادية والسياسية عقب ثورة30 يونيو فأعلن خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز رفض التدخل الدولي في الشأن الداخلي المصري, كما أعلن وقوف السعودية بجانب شقيقتها مصر ضد الإرهاب, ملحقا ذلك بتقديم حزمة مساعدات اقتصادية لمصر بقيمة أربعة مليارات دولار وهو ما قابله تعهدات مماثلة من الكويت والإمارات كما وقام الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي بالقيام بزيارة عاجلة لفرنسا ضمن جولته الأوروبية لدعم مصر.
وعلي ذلك تأتي زيارة الملك سلمان لتشهد انعقاد اللجنة المصرية- السعودية المشتركة في دورتها الخامسة, وتوقيع14 اتفاقية ومذكرة تفاهم, من بينها اتفاقيات مع الصندوق السعودي للتنمية لتعمير بعض المناطق في سيناء, واتفاقيات لتجنب الازدواج الضريبي, ورسم الحدود البحرية بين البلدين, وإنهاء المشكلات الاستثمارية, والربط الكهربائي بين البلدين, وتمويل توفير المواد النفطية لمصر لمدة5 سنوات, وسبل تفعيل مبادرة العاهل السعودي بضخ استثمارات من صندوق الاستثمارات العامة, قيمتها30 مليار ريال في الاقتصاد المصري.
وتشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين يوما بعد يوم تطورا ونموا مستمرا تضاعف عدة مرات منذ الثمانينات من القرن الماضي, حيث احتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولي بين الدول العربية المستثمرة في مصر, والمرتبة الثانية علي مستوي الاستثمارات العالمية.
ويقترب حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية لعام(2015 م) من حاجز ال50 مليار جنيه, ويميل الميزان التجاري لصالح المملكة بفارق يصل إلي13 مليار جنيه.
و بلغ إجمالي عدد الشركات السعودية العاملة في مصر يبلغ نحو3302 شركة بإجمالي رأسمال23.9 مليار دولار, وتتنوع الاستثمارات السعودية في مصر بمختلف القطاعات, لتبلغ نسبة الاستثمارات في القطاع الصناعي نحو33.5%, وفي الإنشاءات14.6%, وفي التمويل12.8%, وفي السياحة11.7%, وفي الاتصالات11.5%, وفي الخدمات10.3%, وفي الزراعة5.3%.
وقد تضاعفت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والسعودية عدة مرات خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات والسنوات الأربع الأولي من القرن الحالي, حيث شهدت نموا مضطردا خلال الأعوام الماضية فقد احتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولي بين الدول العربية المستثمرة في مصر والمرتبة الثانية علي مستوي الاستثمارات العالمية.
وتلك الاستثمارات مرشحة للزيادة بشكل ملحوظ في الفترة المقبلة بعد تعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بزيادة الاستثمارات السعودية في مصر بقيمة30 مليار ريال في الفترة المقبلة, وتوفير احتياجات مصر من المواد البترولية لمدة5 سنوات, ودعم حركة النقل بقناة السويس من خلال السفن السعودية.
سلمان علي خطي والده
ما أشبه زيارة الملك سلمان ب سلفه في تفاصيلها حيث تكاد تتطابق ظروفها وتفاصيلها معزيارة مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود إلي مصر عام1946, ومن العجيب أن تأجيل زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلي مصر من يوم الإثنين4 أبريل إلي يوم الخميس7 أبريل جعله يسير علي خطي والده في زيارته الأولي.
فقد وصل الملك عبد العزيز إلي السويس قادما من جدة علي متن اليخت الملكي المصري المحروسة الذي تم إرساله إلي جدة لإحضار الملك عبدالعزيز, ليستقبله الملك فاروق لدي وصوله يوم الخميس10 يناير.1946
وفي اليوم الثاني للزيارة قام الملك عبد العزيز يرافقه الملك فاروق بأداء صلاة الجمعة في الجامع الأزهر, وهو البرنامج الذي يماثل برنامج زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حيث يصل إلي مصر يوم الخميس7 أبريل, ليعقد جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس السيسي, ثم يؤدي في اليوم الثاني للزيارة يرافقه الرئيس السيسي صلاة الجمعة بالجامع الأزهر.
الأمير المتطوع يعود إلي مصر ملكا مخضرما
في الوقت الذي يتأهب فيه الشعب المصري لزيارة لن تنسي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز, تطل إلي الذاكرة مشاهد قديمة ترجع إلي عام1956, حين خاضت مصر معركتها, ضد العدوان الثلاثي الذي قادته فرنسا وإنجلترا الي جانب إسرائيل.
فما إن سمع العالم نبأ العدوان الغادر علي مصر حتي تسابقت الدول العربية الشقيقة حكومات وشعوبا لمؤازرة مصر وتأييدها وفتح ميادين التطوع أمام أبنائها للوقوف مع مصر في معركة حريتها, وكانت المملكة العربية السعودية في المقدمة, فقد بادرت ببذل المعونة المادية لمصر, وأعلنت قطع العلاقات بينها وبين دولتي العدوان فرنسا وإنجلترا, وفتحت المعسكرات لتدريب آلاف المتطوعين السعوديين علي أيدي ضباط من الجيش السعودي تمهيدا لإرسالهم إلي مصر, ليقفوا بجوار إخوانهم المصريين في دفاعهم عن حرية الوطن وكرامة العروبة.
وضرب أمراء البيت السعودي مثلا رائعا للشعب السعودي الباسل فتقدموا صفوف المتطوعين يحملون السلاح ويقفون بين أفراد الشعب في معسكرات التدريب, وكان في مقدمة الأمراء آنذاك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز, وإخوانه وقدموا إلي مصر متطوعين للدفاع عن بلدهم الثاني مصر في مواجهة قوي العدوان.
مشروع الربط الكهربائي.. نقطة مضيئة
يعد مشروع الربط الكهربائي بين البلدين من أهم صور التعاون المشترك حيث يهدف الي الإسهام في تلبية احتياجات الطاقة الكهربائية في مصر والسعودية وتحسين أداء واستقرار الشبكة في البلدين, وذلك من خلال ربط الشبكة الكهربائية المصرية بالشبكة الكهربائية السعودية علي التيار المستمر جهد500 كيلو فولت من محطة تحويل بدر في مصر إلي محطة تحويل شرق المدينة المنورة مرورا بمحطة تحويل تبوك في السعودية بطول حوالي1300 كيلو متر, وبقدرة نقل تبلغ حوالي3000 ميجاوات. وسيؤدي المشروع إلي ربط اكبر منظومتين كهربائيتين في الوطن العربي حيث تزيد قدرتهما الإجمالية عن90 ألف ميجاوات, وسيكمل المشروع عند انجازه منظومة الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الربط الثماني ودول ربط المغرب العربي.
مصر والسعودية..
من التاريخ والجغرافيا إلي السياسة والاقتصاد
أزلية العلاقة التاريخية والارتباط الجغرافي تدفع بتلقائية إلي الحديث عن المصير المشترك, وبالتالي تأتي هذه الزيارة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلي مصر ومباحثاته مع الرئيس عبدالفتاح السيسي, في إطار إيمان قيادات البلدين بوحدة المصير للشعبين الشقيقين ولشعوب المنطقة في ظل التحديات التي تمر بها المنطقة وجعلت من دولها الكبري مثل العراق وسوريا مسرحا لصراع دولي عبثي يهدف إلي تمزيق المنطقة.
وعليه تعد العلاقة بين مصر والسعودية علاقة استراتيجية تحافظ علي البقية الباقية من قوة الوطن العربي بجناحها الاقتصادي ممثلا في السعودية وجناحه العسكري ممثلا في مصر, ليصبح التنسيق والتحالف بين البلدين ضرورة حياة بعد أن تم إغلاق جميع الطرق ولم يعد هناك وقت لرفاهية الاختيار.
وتمثل الزيارة المرتقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر نقطة تحول في مسار العلاقات بين مصر والسعودية فجدول أعمالها, يؤكد ويدلل علي أن حجم الاتفاقات والتفاهمات بين البلدين سيكون كبيرا وهو ما يفند الادعاءات والأكاذيب التي يروجها بعض المغرضين ووسائل الإعلام الغربية, من وجود خلافات مكتومة بين البلدين بشأن بعض الملفات.
فمصر كلها, وعلي قلب رجل واحد, ترحب برجل قدم لمصر ولا يزال يقدم الكثير, يقف في صمت ودون ضجيج ويضع العلاقة مع مصر في مكانها الصحيح, مهما كانت
العواصف التي تستهدف اقتلاعها من الجذور.
ثلاثية المكان والزمان ووحدة المصير
العلاقات بين مصر وبلاد الحرمين متجذرة تاريخيا وجغرافيا, مكانيا وزمانيا, فأم العرب هي السيدة هاجر المصرية والدة نبي الله إسماعيل عليه السلام, جد نبينا محمد صلي الله عليه وسلم, كما أن السيدة ماريا القبطية هي زوجة الرسول صلي الله عليه وسلم وأم إبنه الوحيد إبراهيم, وتلك الروابط الممتدة تاريخيا تعمقت بفعل جغرافيا المكان ليصبح البحر الأحمر وسيلة اتصال وليس فاصلا جغرافيا بين البلدين.
ومنذ الفتح الإسلامي لمصر ظلت مصر هي الركن الأساسي للدولة الإسلامية, ومركز إشعاع وانتشار الإسلام في العالم, حتي قيل نزل القرآن في مكة وقرئ في مصر.
ويعد درب الحج المصري بسيناء أشهر دروب الحج بمنطقة الشرق الأوسط كلها لأنه نقطة الوصل بين غرب العالم الاسلامي وشرقه وكان الحجاج يأتون إلي مصر من المغرب العربي والأندلس لينضموا الي اخوانهم المصريين ثم تبدأ القافلة سيرها من القاهرة الي أرض الحجاز عبر صحراء سيناء تتقدمها كسوة الكعبة المهداة من مصر.
ومنذ تأسيس المملكة العربية السعودية في مطلع الربع الثاني من القرن العشرين شهدت العلاقة بين مصر والسعودية تطورا قويا منذ توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين عام1926 م, فقد أيدت المملكة مطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية ووقفت إلي جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية, وفي27 أكتوبر عام1955 تم توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين.
ووقفت المملكة بكل ثقلها إلي جانب مصر أثناء العدوان الثلاثي علي مصر عام1956 م, حيث قدمت المملكة لمصر في27 أغسطس1001956 مليون دولار بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي وفي30 أكتوبر أعلنت المملكة التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي علي مصر.
وعقب العدوان الإسرائيلي علي الدول العربية مصر وسوريا والأردن عام1967 م توجه الملك فيصل بن عبد العزيز بنداء إلي الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلي جانب الدول الشقيقة المعتدي عليها وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود, واستمرت المساندة السعودية لمصر حتي حرب أكتوبر1973 حيث ساهمت المملكة في الكثير من النفقات التي تحملتها مصر قبل الحرب, وقادت المملكة معركة البترول لخدمة حرب أكتوبر.
ولم تكف المملكة عن عادتها في دعم ومساندة مصر دائما في المواقف الحاسمة ففي أعقاب ثورتي25 يناير2011 م, و30 يونيو2013 م, قدمت السعودية دعمها السياسي والدبلوماسي والمالي لمصر لمواجهة المواقف المناوئة للثورة وحظرت أنشطة الجماعات الإرهابية, وساندت ومازالت تساند الاقتصاد المصري بكل قوة.
من عاصفة الحزم.. إلي رعد الشمال
تعاون عسكري من أجل الاستقرار
تاريخ المشاركة العسكرية بين الجانبين ممتد بين البلدين فخلال حرب تحرير الكويت عام1991 شهدت العلاقات تنامي بشكل ملحوظ من خلال الزيارات العسكرية المتبادلة بين القادة والمسؤولين العسكريين في كلا البلدين لبعضهما البعض وبشكل دوري لتبادل الآراء والخبرات والمعلومات العسكرية والأمنية والإستخباراتيه التي تهم البلدين.
وأعدت القوات المسلحة بين البلدين عشرات المناورات التدريبية المشتركة مثل مناورات تبوك للقوات البرية ومناورات فيصل للقوات الجوية ومناورات مرجان للقوات البحرية للبلدين.
ويعمل الطرفان جاهدين علي أن تشهد التدريبات المستقبلية توحيدا كاملا ليس للعقيدة القتالية فقط وإنما للمصطلحات العسكرية, فالتصريحات المتبادلة بين مسؤولي البلدين تعبر عن إدراك متبادل عن أهمية تكاتف البلدين في مواجهة الأخطار المشتركة وان أمن الخليج من أمن مصر.
وتوجت العلاقات العسكرية بين البلدين في الآونة الأخيرة للأحداث التي تشهدها دول المنطقة حيث ظهرت في المناورات البحرية مرجان15 والمشاركة في تحالف دعم الشرعية الذي تقوده المملكة في اليمن وعاصفة الحزم ومناورات رعد الشمال التي شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مؤخرا البيان الختامي لها الشهر الماضي بمنطقة حفر الباطن بالسعودية.
والتعاون العسكري بين مصر والمملكة هدفه العام إرساء دعائم الامن والاستقرار بالمنطقة وتحقيق المصالح المشتركة لكلا البلدين الشقيقين, وكذا تنمية قدرة القوات المشاركة من الجانبين علي تخطيط وادارة عمليات مشتركة للحفاظ علي أمن وسلامة الملاحة بالبحر الاحمر ضد أي تهديدات باعتباره ممرا دوليا مهما للاقتصاد العالمي.
1.8 مليون مصري في السعودية
العمالة المصرية بشكل عام تمثل رقما مهما حيث تعد من أكبر الجاليات في المملكة بعدد يقدر بنحو8 ر1 مليون مصري, في حين تشير تقديرات أخري غير رسمية إلي أن هذا العدد يزيد عن ثلاثة ملايين مصري.
وبشكل عام يعد هذا الملف من أهم الملفات المهمة علي صعيد العلاقة بين الدولتين, وينتشر المصريون في كل مناطق وأرجاء المملكة, كما يشغل العاملون المصريون قطاعات حيوية مهمة, منها علي سبيل المثال الصيدلة والطب والمحاسبة والتعليم والإنشاءات والمقاولات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.