أجمع أساتذة وخبراء في القانون الدستوري والعام في تصورهم للنظام التشريعي المطلوب في دولة مصر الحديثة, علي أن نظام المجلس الواحد هو الأكثر ملاءمة لظروف مصر الحالية, واتفقوا علي إلغاء مجلس الشوري, والاكتفاء بمجلس الشعب, وأن تتوافر فيه اختصاصات وصلاحيات المجلسين. وقالوا إن مجلس الشوري لم يكن له دور مؤثر وحقيقي في العملية التشريعية, وإنه تم إنشاؤه لأسباب شخصية, كما أن استمراره يعتبر عبئا علي ميزانية الدولة, وأكدوا أن مصر تصنف من الدول البسيطة, وقالوا إن ذلك يبرر ضرورة وجود مجلس واحد. كما أن مجلس الشوري في مصر يعد مستودعا للمجاملات من خلال التعيينات التي تتم فيه, وأن نظام المجلسين تأخذ به الدول الفيدرالية مثل أمريكا وسويسرا وألمانيا. *** د. ثروت عبدالعال: يفتقد التأثير لأن ثلث أعضائه بالتعيين وبدون سلطات يؤكد الدكتور ثروت عبدالعال أستاذ القانون الدستوري وعميد حقوق جنوبالوادي, أن نظام المجلس الواحد هو الأكثر ملاءمة لظروف مصر, باعتبار أن نظامها الدستوري يقوم علي وحدة نظام الحكم, وأن النظام النيابي الذي تأخذ به مصر يقوم علي وجود برلمان منتخب بكامل أعضائه من قبل الشعب, وأن يمارس المجلس سلطات حقيقية في مجال التشريع والرقابة بحيث تأتي القوانين معبر عن الإرادة العامة, كما أن من شروط المجلس أيضا أن يكون لمدة مؤقتة. وأشار عبدالعال إلي أن نظام المجلسين يتناسب فقط مع ظروف دول أخري, خاصة الدول الفيدرالية بحيث يكون هناك مجلس يتناسب مع عدد السكان في كل ولاية, ومجلس آخر يقوم علي المساواة بين كل الولايات كما هي الحال في أمريكا, أما في مصر فإننا لا نأخذ بهذا النظام, ومن ثم يكون من الأكثر ملاءمة وجود مجلس واحد منتخب كله من الشعب. وأضاف أستاذ القانون الأسبق أن نظام مجلس الشوري المعمول به في مصر يسمح لرئيس الجمهورية بتعيين ثلث أعضائه, كما أنه لا يمارس سلطات حقيقية في مجال التشريع, ومجلس الشوري بهذا الشكل هو أقرب ما يكون إلي المجالس التي تمثل البقية الباقية من نظم الحكم الملكي, كما هي الحال بالنسبة لمجلس اللوردات في انجلترا, حيث يسمح للملك بتعيين عدد من الأعضاء غير منتخبين في الشعب, وهو ما يتنافي مع نظم الحكم الديمقراطي التي تعطي السيادة كلها للشعب باعتباره مصدر السلطات. وأضاف عميد حقوق جنوبالوادي أن كل النظم المقارنة في الدول الديمقراطية تميل إلي الأخذ بنظام المجلس الواحد وإعطائه سلطات حقيقية باعتباره منتخبا من قبل الشعب, أما المجالس الأخري المعينة بصفة كلية أو جزئية فهي في طريقها إلي الزوال, كما أن جميع الدول الحديثة التي نشأت في النصف الثاني من القرن الماضي تأخذ بنظام المجلس الواحد الذي يتفق مع مقومات الديمقراطية. د. عبدالحميد زيد: كان بلا أنياب.. وتحديد صلاحياته شرط لاستمراره يري الدكتور عبدالحميد زيد أستاذ علم الاجتماع السياسي بكلية الآداب جامعة الفيوم ووكيل نقابة المهن الاجتماعية وعضو مجلس الشوري الأسبق, أن وجود مجلس الشوري يتوقف علي النظام الذي يحدده الدستور لشكل الحكم في الفترة المقبلة, سواء كان برلمانيا أم رئاسيا. ويضيف أن مجلس الشوري كانت له اختصاصات في ظل القوانين السابقة فيما يتعلق بالتشريع, مؤكدا أنه إذا تم الإبقاء علي مجلس الشوري فيجب أن نزيد من اختصاصاته ونعطي له مزيدا من الصلاحيات حتي يكون موازيا لمجلس الشعب في الرقابة والمحاسبة. وقال إننا في مرحلة جديدة تحتاج لبحث واستقصاء لكل التشريعات القديمة للإبقاء علي الجيد, وتعديل ما هو دون ذلك حتي تتوافق مع المرحلة الراهنة بكل ما تتطلبه من بنية تشريعية تليق بمكانة مصر في الوقت الراهن, ومحاربة الفساد. وأكد أنه إذا كان جادا في محاربة الفساد فلابد أن يكون هناك أكثر من مجلس نيابي معروف الاختصاصات والأدوار, وله صلاحيات حتي يتمكن من كشف ومحاربة الفساد والمفسدين, والرقابة الجيدة علي السلطة التنفيذية في جيمع المجالات, مضيفا أن مجلس الشوري بما له من إمكانات بشرية جيدة, وأساتذة وخبراء متخصصين كانت دائما ما تأتي دراساته وآراؤه أكثر عمقا وتخصصا وشمولية من دراسات وآراء مجلس الشعب. وشدد علي أنه في حالة الإبقاء علي مجلس الشوري فلابد من إلغاء نسبة الثلث التي تتم تبعيتها من قبل رئيس الجمهورية, وأن يكون جميع أعضائه منتخبين انتخابا حرا مباشرا من الشعب, وتحديد العلاقة بين المجلسين, مضيفا أن كثيرا من دول العالم مطبق بها نظام المجلسين, مؤكدا أن المهم في كل الأحوال أن يكون المجلس بصلاحيات تضمن له المشاركة في التشريع والرقابة ومحاسبة السلطة التنفيذية. وأضاف أن المجلس بدون رقابة أو مشاركة في عمليات التشريع يصبح مجلسا بلا نواب, ويتحول إلي مجلس استشاري أقرب إلي المجالس القومية المتخصصة, منوها إلي ضرورة أن تضع آرائه حيزالتنفيذ, وأخذ رأيه في جميع التشريعات, وأن تشرع قوانين تحدد كيفية حل الخلافات في حالة حدوثها بين مجلسين بشكل لا يجور مجلس علي الآخر, ويكون هناك توازن بين المجلسين. د. جمال جبريل: مصر دولة بسيطة.. ويصلح لها مجلس نيابي واحد أكد الدكتور جمال جبريل أستاذ القانون العام بجامعة حلوان أن مجلسا واحدا هو المطلوب خلال المرحلة القادمة, وأرجع ذلك إلي أن مصر تصنف من الدول البسيطة وغير المعقدة أما نظام المجلسين فهو ضروري ولازم ولكن في الدول المركبة مثل أمريكا وألمانيا. وأوضح أستاذ القانون العام أنه نظرا لظروف مصر الاقتصادية وكونها دولة موحدة فإن اختصاصات مجلس الشوري فيها ليست لها قيمة كما أن المجلس كان مستودعا للمجاملات حيث كانت هناك صلاحيات لرئيس الدولة بتعيين ثلث الأعضاء وكان معظم تلك التعيينات مجاملة لأصحاب التعيينات.. وقال إن ذلك يأتي في صورة مخالفة لوضع وجود مجلسي النواب والشيوخ في الدول الأوروبية حيث يشترك المجلسان في العملية التشريعية كما أن لمجلس الشيوخ في هذه الدول أولوية لمناقشة وإقرار ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية فضلا عن أنه غير قابل للحل بعكس مجلس الشوري في مصر. د. محمد شوقي: تجربته الماضية لم تكن مثمرة.. ولن يكون له دور في ظل سيطرة الشعب علي التشريع والرقابة قال الدكتور محمد شوقي أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ان مجلس الشوري تحول خلال تجربته الماضية إلي مجرد ديكور ليس أكثر, ولكنه شدد علي ضرورة الابقاء عليه بشرط تشديد إجراءات الترشيح واعطائه مزيدا من الصلاحيات والسلطات. وقال انه لايمكن الحديث عن مجلس الشوري في المرحلة المقبلة بوصفه السابق فرغم انه كان يضم عددا من رجال الفكر وأصحاب الرأي إلا انه كان في النهاية مجرد كلام في كلام ولم يقدم أي جديد. وأضاف ان مجلس الشوري لابد من الابقاء عليه بشرط اعطاء سلطات حقيقية للأعضاء ومزيد من الصلاحيات علي رأسها ان يكون شريكا اساسيا لمجلس الشعب في التشريع والرقابة مثل وجوده في جميع النظم السياسية في مختلف دول العالم. قائلا: ليس هناك مايمنع استمراره خصوصا ان أعضاء مجلس الشعب يصعب اختيارهم علي اسس سليمة للقيام بعملية التشريع لان هناك بعض الأعضاء لايستطيعون ممارسة حقهم الاصلي في التشريع والرقابة لان اختياره جاء بناء علي سيطرة عناصر القبلية ورأس المال بغض النظر عن نجاحهم بشكل ديمقراطي سليم. فليس بالضرورة ان الانتخابات تفرز الأفضل والاكفأ. وقال انه لابد من تشديد إجراءات الترشيح لمجلس الشوري باعتباره مجلسا للحكماء وبحيث يشترط في المرشح الا يقل مؤهله عن الدرجة الجامعية الأولي وهي البكالوريوس أو الماجستير وان يكون عدد الأعضاء محدودا بحيث لايزيد عدد اعضائه عن مائة أو150 عضوا ولايتم تعيين أعضاء فيه من قبل رئيس الجمهورية او السلطة التنفيذية إذ لايزيد عدد المعينين علي10 أعضاء. ويؤكد أهمية إعطاء مجلس الشوري نفس صلاحيات وسلطات مجلس الشعب وان يشترط موافقته علي القوانين وان تمر عليه سواء قبل عرضها علي مجلس الشعب أو بعدها المهم هو عدم إقرار القانون ودون موافقته وان يسير المجلس بالتوازي مع مجلس الشعب. د. عصام زناتي: وجوده مهم.. ودوره كان مشوها.. واستمراره يتوقف علي الصلاحيات يقول الدكتور عصام زناتي عميد كلية حقوق بجامعة أسيوط ان وجود مجلس الشوري امر مهم ولكن دوره الآن مشوه, مؤكدا انه ضد إلغائه ولكن لابد من إعادة هيكلته بحيث يكون كل اعضائه بالانتخاب لا التعيين مضيفا ان ثلث الأعضاء في المجلس يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية والذي يمثل السلطة التنفيذية, وهذا مخالفة وكان يمكن الاكتفاء بتعيين5 أعضاء علي الأكثر فقط. وأشار إلي ان الدستور الحالي يشترط موافقة مجلس الشوري علي كل القوانين المكملة للدستور قبل اقرارها من مجلس الشعب, مضيفا ان نظام المجلسين موجود ومستقر في العديد من الدول العريقة مثل فرنساوانجلترا وأمريكا. كما انه كان موجودا قبل الثورة. يضيف ان الابقاء علي المجلس يتطلب ضرورة توسيع صلاحياته اضافة لزيادة السلطات للأعضاء باعتباره مجلس حكماء وان يكون له دور أكبر في عملية التشريع, وان يعطي له بعض الصلاحيات والسلطات الرقابية مثل الممنوحة لمجلس الشعب وان يكون دورهما مكملا لكل منهما للآخر. وقال انه يمكن إضافة مادة للدستور تشترط موافقة مجلس الشوري علي جميع القوانين وليس القوانين المكملة للدستور فقط حتي نضمن ان يكون هناك نقاش حقيقي وموضوعي حولها, مضيفا ان مجلس الشوري لم يكن له دور حقيقي في الفترة الأخيرة ولامجلس الشعب أيضا حيث ان كل القوانين التي تم اقرارها كانت مقدمة من الحكومة ولم يقدم أعضاء الشعب أي مشروعات للقوانين رغم ان دورهم الاساسي هو التشريع بمعني ان من تولي مسألة التشريع هي الحكومة وليس الأعضاء مؤكدا ان مجلس الشوري طوال الثلاثين السنة الماضية كان تجربة فاشلة والحل الامثل هو توسيع الصلاحيات وان يتم إلغاء تعيين ثلث الأعضاء من قبل رئيس الجمهورية وتوسيع سلطات الأعضاء. د. إبراهيم إلياس: استمراره يمثل إرهاقا علي الدولة والمجتمع قال الدكتور إبراهيم إلياس أستاذ القانون الدولي العام ومقرر لجنة الشئون السياسية وعضو مجلس النقابة العامة للمحامين إن مجلس الشوري هو مجلس بلا سلطة حقيقية, وأصبح مجلسا للدردشة السياسية, مضيفا أن الأعضاء ليست لهم سلطات لأن المجلس ولد سفاحا من رحم مجلس الشعب. وأضاف أن مجلس الشوري أصبح مجرد باب للمواجهة الاجتماعية دون دور حقيقي يمارسه في المجتمع مؤكدا أن مجلس الشوري يمثل عبئا وإرهاقا للدولة والمجتمع سواء في الانتخابات والميزانيات ومكافآت الأعضاء. وقال إن أعضاء مجلس الشوري أعضاء بدون سلطات فليس لهم توجيه طلب إحاطة واستجواب للحكومة, مشيرا إلي أن مصر في الوقت الراهن لا تتحمل ظروفها وطأة وجود مجلسين ومن ثم لابد من التركيز علي مجلس الشعب فقط وأن نعطيه انتعاشة قوية حتي تعود له روح التشريع وسلطة الرقابة, وحتي تنتقل إلي عصر أفضل وأحسن بحيث لا تكون هناك توجيهات لتشريعات لتصدر لخدمة فئة بعينها دون الأخري. وأوضح أن التجارب العالمية موجود بها مجلسان ولكن بسلطات حقيقية للمجلسين, مضيفا أنه يمكن الإبقاء عليه بشرط توسيع سلطاته في المرحلة المقبلة وأن الوقت الراهن يتطلب علي الأقل تجميد مجلس الشوري والتركيز علي مجلس الشعب لأنه أساس التشريع لإعادة تدشين مجلس جديد يعيد لمصر تاريخها ويحسن رسم حاضرها ومستقبلها.