الشاهد ان الرياضة عندما يتعمق العقل الإنساني في محاولاته المتتالية لادراك أبعادها وأصولها سيكتشف العديد من القيم التي تتعلق بأبعاد ومحاور الممارسة الرياضية. والممارسة الرياضية كمصطلح أقصد به في هذا المقام هو محاولة تخطي فكرة النشاط الرياضي ذي الأبعاد الفنية إلي الوصول لمضمون النشاط الرياضي ذي الأبعاد الإدارية. فقناعاتي العلمية دائما ما تنسحب إلي ضرورة وضع كافة المفاهيم التي ترتبط بتنظيم الرياضة تحت مصطلح الممارسة الرياضية. في ظل اعترافنا أن نجاح العملية الرياضية ماهو إلا مزيج من مقومات فنية وإدارية. من ثم فإن النجاح في تحقيق تكاملية الجمع بين المفهومين قائما علي قدرتنا الذاتية والعقلية والإبداعية في إدراك واستيعاب قيم الرياضة. وهنا في هذا الإطار فانني أستقصد قيما بذاتها تتمثل في القيم الإدارية والقانونية باعتبار أن الظهير التشريعي والإداري يمثل ضلعا في غاية الأهمية لنجاح أي منظومة عمل رياضي وخاصة إذا كانت هذه المنظومة بإدارة الرياضة ككل. والباحث في نظم رسم الإستراتيجيات المرتبطة بتطوير الهياكل الرياضية وتطوير نظم العمل الإداري الرياضي يجب ان يكون مدركا لفكرة المطلق والنسبي وعلاقتهما بفلسفة القيم بصفة عامة وقيم الرياضة بصفة خاصة. فإذا كان المطلق لا يرتبط بزمان او مكان ولذلك يتم توصيفه بالعالمية فإننا نجد ان النسبي يعاكس هذا المفهوم في كونه نظم عمل تنسب إلي الغير وترتبط بالزمان والمكان ولذلك نطلق عليها صفة المحدودية. هذه الفلسفة المتمثلة في إدراك الفارق بين المفهومين تمثل أحد أهم المعايير التي نستطيع من خلالها التخطيط الاستراتيجي لتقدم الرياضة في الدول واحد أهم المعايير الأساسية في صياغة قوانين وتشريعات الدول الرياضية. لذلك يجب علينا ان يتبادر إلي أذهاننا للوهلة الأولي عندما نشرع في وضع تنظيم قانوني للرياضة سؤالا في غاية الأهمية, ماذا نستهدف من صياغة قانون جديد للرياضة ؟ والاجابة عن هذا السؤال تمثل مسألة معقدة ولكنها قابلة للتطبيق في ظل توجه الدول إلي الاعتماد علي العلم في أساليب الصياغة العلمية للقوانين الرياضية. وتكمن هذه الصعوبة في ان الرياضة هي الوحيدة التي تعتبر نشاطا يتخطي في مفهومه وتطبيقاته الحدود الوطنية للدول لذلك وفقا لهذا المفهوم هي نشاط يختلف عن كافة المناحي الحياتية في الدول فقانون ينظم العمل أو شئون الزراعة او الصناعة او التعليم او اي مجال نجد أن من المنطقي ان مثل هذه القوانين ستكون وفقا للنطاق الوطني للدول ولكن الرياضة تختلف شكلا وموضوعا في هذا الأمر في ظل عالمية قوانينها المنظمة لها. ولذلك عند صياغة النصوص التي تنظم الحركة الرياضية في الدول يجب ان نكون مدركين لضرورة التحرك في إطار مفهوم قيم المطلق التي تفرضها علينا القواعد الدولية وقيم النسبي التي تفرضها علينا القواعد الوطنية وبين هذا وذاك تكمن إبداعات الصياغة النصية للقواعد التي تنظم الحركة الرياضية.