يعتبر استمرار إغلاق البنوك من أهم المشكلات التي يعانيها جميع المتعاملين معها من مستثمرين ومواطنين, نظرا لأن النقود هي عصب التعاملات في القطاعات المختلفة ولا يمكن الاستغناء عنها لتلبية احتياجات الحياة اليومية للمواطن. بالإضافة إلي تلبية الاحتياجات الخاصة بالعمل الصناعي والتجاري التي تعمل بدورها إلي دفع عجلة التنمية للأمام, وتقوية الاقتصاد القومي الذي يمكن أن يتأثر بشكل سلبي في حالة استمرار اضطراب الأوضاع بالقطاع المصرفي المصري. في البداية يؤكد الدكتور حافظ الغندور عضو مجلس إدارة البنك الأهلي السابق أن البنوك تلعب دورا رئيسيا في الحالة الاقتصادية للدولة, وبالتالي فهي التي تحدد ملامح الاقتصاد القائم في أي دولة, مشيرا إلي أن استمرار إغلاق البنوك في مصر نظرا للظروف التي طرأت في البلاد والتداعيات الخاصة بها من تظاهرات فئوية بمختلف القطاعات أثرت بشكل سلبي علي عملاء البنوك من مستثمرين ومستوردين, فضلا عن تأثيرها علي المواطن العادي, ومن ضمن هذه الآثار السلبية عدم إمكان العملاء فتح الاعتمادات الخاصة بعملية الاستيراد التي تضطر المستورد لإلغاء الصفقة المتفق عليها, وبالتالي يؤثر ذلك علي المستورد وكميات السلع التي من المفترض توريدها, مما يؤدي لحدوث عجز في كميات هذه السلع, كما أن هناك التزامات مالية علي العديد من الشركات التي لا يمكن توفيرها في ظل غلق البنوك. ويشير الغندور إلي أنه من ضمن الآثار السلبية لاستمرار غلق البنوك معاناة العديد من العملاء من عدم إمكان إيداع أموالهم في البنوك في ظل الظروف الأمنية المضطربة, فهناك عملاء لديهم مبالغ نقدية كبيرة بخزائن شركاتهم ويريدون إيداعها في البنوك بسبب الظروف الأمنية الصعبة, لكن نظرا لغلق البنوك أبوابها لا يمكنهم القيام بعملية الإيداع, موضحا أنه كان من المفترض أن يقوم البنك المركزي بغلق البنوك بطريقة جزئية كما حدث في البداية من خلال فتح عدد من فروع البنوك, أو قيامه بتوفير بعض من الخدمات الخاصة بالقطاع المصرفي, ومنها التحويلات الخارجية الخاصة بالاعتمادات المتعلقة بالعملية الاستيرادية, بالإضافة إلي قبول الإيداعات. ويوضح الدكتور عبدالرحمن عليان أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس أنه من الآثار السلبية لاستمرار غلق البنوك اهتزاز الثقة في القطاع المصرفي, وسيطرة فكرة أن البنوك لديها مشكلة خاصة بالسيولة علي المستويين الداخلي والخارجي, وأن هناك مشكلة في عملية تدفق الأموال من وإلي البنوك في مصر, مشيرا إلي ان استمرار غلق البنوك يؤثر علي المستثمرين, وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلي تأثر مجال الاستثمار في مصر بشكل سلبي, فضلا عن حدوث حالة من الإحباط للمواطن العادي الذي لا يمكنه الاستغناء عن السيولة لتلبية متطلبات الحياة اليومية, خاصة أن قرار غلق البنوك جاء فجأة فلم يستطع المواطنون اتخاذ التدابير اللازمة لضمان توافر السيولة الكافية لديهم. ويضيف عليان أن البنوك تعتبر عصب الاقتصاد القومي, فمن خلالها يستطيع المصريون العاملين بالخارج تحويل أموالهم, وبالتالي فإن غلقها يؤدي إلي انخفاض نسبة التحويلات الخاصة بهم والتي يعتمد عليها الاقتصاد المصري, فضلا عن تحويل المستثمرين لأموالهم التي تتم بعملات أجنبية, وبالتالي فإن نسبة العملات الأجبنية تنخفض أيضا, مشيرا إلي أن البنك المركزي كان من المفترض أن يستمر في فتح عدة فروع للبنوك, كما حدث خلال الأسبوع الماضي, لضمان استمرار الحركة الاقتصادية التي أصيبت بالشلل التام من جراء غلق البنوك بشكل كامل خلال الفترة الخاصة, خاصة أن العملاء سيضطرون للانتظار حتي يوم الأحد المقبل, لأن البنوك بطبيعة الحال تكون إجازة يومي الجمعة والسبت, وبالتالي فإن الحركة الاقتصادية ستتوقف حتي تنتهي هذه الفترة. ويشير إلي أن البنك المركزي من المفترض أنه قام بإعداد الدراسات اللازمة لاتخاذ قرار إغلاق البنوك, موضحا أنه في حالة اتخاذ مثل هذه الإجراءات بطريقة عشوائية أو بدون دراسات كافية من قبل متخذي القرار بالبنك المركزي, ستكون هناك آثار سلبية متراكمة, وستؤثر بشكل واضح علي الاقتصاد القومي خلال الفترة المقبلة. ويقول الدكتور صلاح الدين فهمي رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر: إن قرار البنك المركزي بغلق البنوك جاء نتيجة الظروف الأمنية والسياسية خلال هذه الفترة وتداعياتها, فبعد إعلان المركزي المصري أن الأوضاع مستقرة في البنوك, وقام بفتح فروع لبعض البنوك وإمكان سحب النقود من خلال ماكينات الصراف الآلي, وجد عمليات سحب غير عادية نتيجة تخوف العديد من المواطنين من غلق البنوك مرة أخري, لكن في ظل الغياب الأمني وحدوث تظاهرات فئوية في جميع القطاعات المختلفة, بالإضافة إلي التظاهرات الخاصة بالعاملين بالبنوك, قرر البنك المركزي غلق البنوك لتهيئة المناخ أمام البنوك حتي تفتح أبوابها مرة أخري في مناخ موات, خاصة أن البنوك تعتبر بمثابة القلب للاقتصاد القومي, فإذا توقف القلب انهار الاقتصاد بالكامل. ويؤكد فهمي أن الوضع المالي للبنوك في مصر مستقر, فالبنك المركزي استطاع أن يخفض قيمة الدولار أمام الجنيه, وبالتالي فإن القطاع المصرفي لم يفقد الثقة في قدرته المالية, لكن استمرار الاعتصامات والتظاهرات الفئوية يؤدي لتخوف مهاجمة البنوك في ظل الغياب الأمني الذي لم يوجد حتي الآن بالصورة التي تضمن للبنوك عدم تعرضها لعمليات تخريب وسرقة, وبالتالي فإن الأسلوب غير المسئول من العاملين بالمؤسسات المختلفة الذي جاء نتيجة طبيعية للفساد الإداري والمالي في تلك المؤسسات والهيئات, يمكن أن يكون سببا في استمرار غلق البنوك خلال الفترة المقبلة. ويري فهمي أن استمرار غلق البنوك سيؤثر علي الاقتصاد القومي بشكل ملحوظ, فبعد تحقيق معدلات نمو خلال السنوات الماضية تتراوح بين5% و7% يمكن أن ينهار الاقتصاد القومي, فلابد أن تفتح البنوك أبوابها مرة أخري, مشيرا إلي ضرورة تفهم المواطنين أن استمرا رمثل هذه التظاهرات سيؤثر بالسلب علي الاقتصاد الذي ينعكس بدوره علي المواطن العادي, فلابد أن تعود الحياة العملية مرة أخري لسابق عهدها, خاصة أن مصر بعد25 يناير أصبحت مختلفة تماما, فعهد الفساد الإداري والمالي لم يعد موجودا, وبالتالي فإن العدالة الاجتماعية والاقتصادية ستؤتي ثمارها, وسيجنيها جميع المواطنين, فيجب أن تعم سياسة ضبط النفس لدي العاملين بجميع القطاعات والمؤسسات والهيئات المختلفة.