بعد الحرب العالمية الثانية.. اشتركت السينما المصرية بأفلامها العديدة في مهرجان كان في دورته عام 1946 لعودة دوراته السينمائية بأفلامها ونجومها في لجان التحكيم.. من النجم يوسف وهبي.. وأول فيلم مصري يشارك في المهرجان كان فيلم دنيا للمخرج محمد كريم.. في دورته العائدة بعد الحرب الثانية.. وبعد ثلاث سنوات كان فيلم دنيا للمخرج محمد كريم.. في دورته العائدة بعد الحرب الثانية.. وبعد ثلاث سنوات.. ظهر هذا الشاب الذي يسير مع زوجته علي الشريط الأحمر.. وهو ينظر يسارا.. ويمينا.. وهو واثق الخطوة.. وتلاحقه فلاشات الكاميرات.. وهو ينظر إليها.. وهم يتساءلون.. من هو هذا الواثق الذي يسير أمامنا الآن؟! وكان الجواب علي السؤال.. إنه المخرج الشاب.. يوسف شاهين الذي يشارك بفيلمه في المسابقة الرسمية في المهرجان.. وهو فيلم.. ابن النيل بطولة شكري سرحان!! واشتركت السينما المصرية في مهرجان كان سنوات دوراته الأولي بعد الحرب.. تساند المهرجان.. بعدد 14 فيلما من أبدع افلامها..بنجومها ونجماتها الكبار وأصحاب الشهرة الكبيرة في مصر والعالم.. وكلها لها حكايات سينمائية ذكرناها في مشوار السينمائيات الماضية وهذه حكايتي منها مع هذا الشاب الذي رحل.. عن عمر يناهز 82 عاما في يوم 27 يوليو عام2008 وحكايتي السينمائية مع يوسف شاهين.. كانت من خلال صداقتي معه.. صحفيا.. وفنيا سينمائيا.. وحكايتي مهمة في فيلم حدوتة مصرية بطولة نور الشريف.. وكنت أقدم فيه.. شخصية الدكتور مجدي يعقوب.. الذي يعالج نور الشريف!! وفي احد المشاهد المهمة في لقائي مع عمر الشريف في عيادتي للمرضي.. وكان المشهد يبدأ تصويره من العاشرة صباحا حتي نهايته.. وكان المخرج يوسف شاهين حريصا جدا في مواعيده!! وبدأنا تصوير المشهد.. الذي استمرت مدته إلي الساعة الرابعة بعد الظهر.. وعندما وصل التصوير عند المشهد الأخير من المشاهد النهائية فيه.. قال المخرج يوسف شاهين.. استوب.. وقال لي.. يا صديقي لقد هربت منك شخصية الدكتور في اللقطة الأخيرة للمشهد.. وأديت اللقطة بشخصية أخري.. وهي شخصية سعيد.. الذي هو أنا.. وليس الدكتور الذي قدمته طوال المشهد.. إلا اللقطة الأخيرة!! قلت له.. معك حق يا أستاذ.. فأنا تعبت من مدة تصوير المشهد والذي بدأ من العاشرة صباحا حتي الآن.. الرابعة بعد الظهر.. قال لي.. اذهب يا نجم إلي حجرة النوم التي في الاستوديو.. واسترح.. وبعد الراحة.. سنصور اللقطة الأخيرة معك أنت الدكتور الذي قدمت شخصيته طوال المشهد!! وفعلا ذهبت.. وأمضيت ساعتين في نومي.. واستيقظت وذهبت إلي مكان اللقطة الأخيرة في المشهد.. والتي انتظرها المخرج وباقي الزملاء.. وكانت قد عادت إلي الشخصية التي اقدمها.. طوال المشهد.. واكتشف المخرج هروبها!! ورحب بي.. المخرج.. وقال لي.. أنا سأقوم بتصويرك في اللقطة الأخيرة الآن.. وفعلا أمسك بالكاميرا.. وبدأ يصور اللقطة.. وقمت بتصويرها وفي نهاية اللقطة.. صاح بهدوئه.. استوب يا دكتور سعيد.. لقد كنت فعلا الدكتور المعالج للمريض بإبداعك الذي تشتهر به.. وقلت له.. كيف اكتشفت أن الشخصية هربت مني في اللقطة الأخيرة.. قال لي يا صديقي النجم.. العيون لا تكذب!! وعيونك حاولت الكذب علي في نهاية المشهد وفي اللقطة الأخيرة!! وكان هذا هو حكايتي المهمة جدا عن دور العيون التي تكذب.. ودور العيون التي لا تكذب في كل أعمالي السينمائي.. والتليفزيونية والمسرحية.. والصحفية.. والحياتية!! وقدمت معه أكثر من فيلم.. وأعلن جملته الشهيرة.. بعد كل مشواره السينمائي وكل جوائزه التي حصل عليها.. قال.. بعد كل ما حصلت عليه من عذابات استطيع أن أقول انني اخذت من السينما, وكل ما أخذته منها بقدر ما أعطيتها.. وكانت رحلتي مع السينما المصرية كانت تستحق ما قدمته كله من أجلها!! والعيون.. أبدا.. لا تكذب!!