صادفت أثناء بحثي في مسألة( البرقع والخمار) عددا من حقائق تاريخية رأيت ان نعرج عليها فنحن, في ليبيا, مررنا بظروف جعلت النساء يسرن برؤية من عين واحدة عبر خيمة متنقلة, احيانا بيضاء, واحيانا ترابية, أو سوداء وهي التي تسمي( الجربي) نسبة إلي مدينة( جربة) التونسية. ثم تطور الأمر وصارت النساء, خصوصا الشابات, يسيرن بلباس انيق, يتكون بالطو, غالبا ما يكون اسود اللون, وستارة سوداء تغطي الوجه كاملا, بما في ذلك العينان!! كانت تسمي( البيشة وعرفت ان للتسمية اساسا من العراق فقد كانوا يسمونها( البيجه). ولا يختلف الأمر كثيرا في مصر, ولعل البرقع لم يغب حتي مطلع الخمسينيات, وفي مصر الكثير من السيدات المصريات, من بعد كتابات قاسم أمين سنة1899 م, منهن علي سبيل المثال السيدة نور الهدي محمد سلطان, التي باسم هدي شعراوي, التي قادت المظاهرات تنادي بتحرير المرأة, وهي التي نزع عن وجهها, يوم1919/3/20 م الزعيم سعد زغلول الحجاب, عندما دعا النساء اللائي يحضرن خطبته, أن ينزعن الحجاب. ولكنني لم اجد ذكرا لسيدات تركن بصمات في تاريخ تحرر المرأة الليبية من تسلط الذكورة التركية إلا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي, لعل السيدة حميدة العنيزي, والسيدة خديجة الجهمي. هذا التسلط الذكوري, الذي كبل العالم العربي, بأفكار تركية, طوال أربعة قرون كاملة, مستنده علي تفسير مغلوط للشرع الإسلامي الذي وظف بعض الفقهاء لخدمة الذكور. ومع ذلك هناك بضع بصمات واضحة تركتها نساء جليلات علي العالم الإسلامي.. نساء تعلمن وعلمن في عصور مبكرة, رغم تشدد رجال تلك الحقبة المبكرة, الذي بلغ درجة جعل المحتسب الشافعي, ابن الأخوة, يقول: لا يعلم الخط لمرأة ولا جارية حتي انه شبه المرأة المتعلمة بحية تسقي سما, بل قال احدهم جهارا نهارا: ما للنساء وللكتابة والعمالة والخطابة. هذا لنا ولهن منا أن يبتن علي جنابة! ومع ذلك برزت نساء خطاطات مثل فاطمة بنت الأقرع( توفيت سنة423 ه) وهي التي كتبت نص هدنة بين المسلمين والروم, برزت ايضا مزنة, كاتبة الناصر لدين الله( توفيت سنة622 ه) وبرزت من النساء واعظات, وقارئات, ومحدثات, منحن إجازة العلم للرجال, مثل فائدة الشيخة( توفيت سنة790 ه). وست الكتبة بنت الطراح( توفيت سنة604 ه) شيخة سبط ابن الجوزي, الذي قال فيها: شيختنا سمعت عليها الحديث بدمشق سنة600 ه. ولقد اوصي الإمام الشافعي محمد بن ادريس( توفي سنة204 ه) وهو إمام ابن الأخوة- الذي اوصي بعدم تعليم النساء- أن تصلي علي جنازته أستاذته في الحديث السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد العلوية( توفيت سنة208 ه) وذلك بالرغم من تشدده في معاملة النساء. ومع ذلك تظل عائشة بنت طلحة بن عبيد الله( توفيت سنة101 ه) هي اول من خرجت سافرة, لم تستر وجهها من احد, وعندما عاتبها زوجها فقالت له قولتها المشهورة: إن الله تبارك وتعالي وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس ويعرفون فضلي عليهم, فما كنت استره, و والله ما في وصمة يقدر يذكرني بها أحد ولقد فتشنا بعد هذا السفور ومواجهة صاحبته للناس, فلم نعثر عمن فعل فعلتها قبل قرة العين, أو ذات التاج الذهبي, التي كشفت يديها و وجه كالبدر, وخاطبت الرجال وجها لوجه, ولكنها انتهت نهاية مأساوية [email protected] كاتب ليبي