بالبناء والتعمير تواجه مصر جماعات الهدم والتدمير, وها هو الرئيس السيسي يفتح باب أمل جديد, عندما أطلق أمس إشارة البدء في واحد من أهم المشاريع العملاقة, وهو مشروع تنمية شرق بورسعيد, ليثبت أن طاقة المصريين علي البناء تتعاظم في ظل التحديات, وها هو يشيد واحدا من أكبر المشاريع الإنتاجية والخدمية والعمرانية, في وقت قياسي. يعكس مدي الثقة في النفس والقدرة علي العطاء, والطاقة الحضارية التي يختزنها المصريون, وتتجلي خلال المحن في أبهي الصور, وتحيل المحنة إلي أمل وإنجاز. ما يبعث علي التفاؤل ليس فقط الحجم الضخم للمشاريع, والتي تضم ميناء عالميا و10 مناطق صناعية وأحياء سكنية ومزارع سمكية, وأنفاقا للربط بين شرق مصر وغربها وشبكة الطرق الحديثة فيها وحولها, وإنما روح التحدي والإصرار, والتي ستنجز كل هذه المشروعات الضخمة خلال عامين فقط, وبأيادي المصريين وأموالهم من خلال10 شركات وطنية, تؤازرها القوات المسلحة التي تثبت كل يوم قدرتها علي العطاء والمؤازرة في شتي ميادين التنمية والخدمات, إلي جانب التطور الكبير في التسليح والتدريب. المشروع الجديد ليس سوي باكورة مشروعات مماثلة سوف تشمل جميع المناطق المحيطة بقناة السويس من خليج السويس وحتي بورسعيد, مرورا بالإسماعيلية والقنطرة, لتشكل منطقة جذب سكاني جديدة, ونموذجا لمصر المستقبل, سواء باستخدام أحدث التكنولوجيا, إلي التخطيط الدقيق والحديث للمناطق العمرانية والصناعية والخدمية, وتكامل المرافق. أهم ما قاله الرئيس السيسي أنه اختار الطريق الصعب, وهو التنمية الشاملة, بينما كان بإمكانه توزيع مبالغ علي الشباب لإقامة مشروعات صغيرة, سريعة العائد. لقد اختار الرئيس أن يؤسس لمنظومة اقتصادية وتنموية شاملة, لتكون قاطرة قوية وقادرة علي دفع المجتمع إلي الأمام, أهمها توزيع الكثافة السكانية علي مجمل مساحة مصر, ووضع حد للتكدس الخطير في الوادي والدلتا, والذي يلتهم ما تبقي من الأراضي الزراعية, ويشكل ضغطا علي المرافق, ويزيد من معدلات التلوث, ويعرقل التطور الزراعي والصناعي. تركيز الرئيس علي الموانئ الضخمة وشبكات الطرق الحديثة أحد أهم أدوات التنمية الشاملة بعيدة المدي. والتي ستجعل المنطقة المأهولة بالسكان ترتفع من6% إلي30%, بواقع5 أضعاف المساحة الحالية. وقد أشار الرئيس إلي أننا نواجه تحديين كبيرين هما الإرهاب والفساد, وهما وجهان لعملة واحدة تهدد مصر, لكنه أكد أن الحرب علي الإرهاب والفساد لن تشغلنا عن البناء والتنمية, داعيا رجال الأعمال إلي التخلي عن الهواجس والمخاوف غير المبررة, وأن يشاركوا بكل قوة في عملية البناء, مؤكدا أن كل الضمانات متوافرة, وأن رجال الأعمال أمامهم فرص كبيرة ليؤدوا دورهم الوطني. وألا يلقوا بالا لتلك الشائعات التي تستهدف تخويفهم وتهريب أموالهم, مؤكدا أن القانون هو المعيار الملزم للجميع, وأن البرلمان الجديد سيكون أداة مهمة في الرقابة علي الجميع. كما أكد الرئيس أن المياه والصرف الصحي سوف تحظي بأهمية كبيرة, وستظهر نتائج تطويرها قريبا, حتي لا يتكرر ما حدث في الإسكندرية والبحيرة وغيرهما. هكذا نجد أن التحديات الراهنة أو التركة الثقيلة من الإهمال والفساد لم توقف طموح المصريين وقدرتهم علي البناء, بل الانطلاق في طريق الطموح الكبير, الذي سوف يحقق حلم الدولة القوية والقادرة والعادلة.