قلنا في المقال السابق إن الإعلام الخاص( صحفا وفضائيات) بني مجده علي أكتاف الإعلاميين العاملين في المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة, في الصحافة مثلا: انظر إلي( ترويسة) أية صحيفة خاصة ستجد معظم رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارة ومديري التحرير من المؤسسات القومية الكبري, فضلا عن جيش جرار من شباب الصحفيين خريجي كليات وأقسام الإعلام الباحثين عن فرصة عمل وقد تم استغلالهم أسوأ استغلال من ذلك مثلا: حقق أحد الصحفيين المشهورين الملايين مستغلا شبابا صغيرا باحثا عن فرصة ومستعدا للعمل مجانا لشهور أو سنوات مقابل فرصة. كذلك تم تفريغ ماسبيرو من مخرجيه ومصوريه وفنيي مونتاج وإضاءة وديكور ومهندسي صوت لمصلحة القنوات الخاصة التي حصلت مجانا علي خبرات ثمينة تدربت وتعلمت بأموال الشعب المصري. والغريب أنه قد حدث تواطؤ بين ملاك المؤسسات الإعلامية الخاصة والطيور المهاجرة من مؤسساتها الإعلامية إليهم إما تحت إغراء الرواتب المليونية أو بمبادرة من رجال أعمال يعرفون كيف يخططون للسيطرة علي سوق الإعلام المصرية. كما بدأ الإعلام الخاص يخطط للسيطرة علي سوق الاعلانات وإخراج ماسبيرو من الساحة ولنعرف حجم الاجرام في حق اعلام الدولة يكفي ان نعرف ان التليفزيون المصري كان يستحوذ علي40 بالمائة من اجمالي حجم الاعلانات قبل الثورة عن طريق وكالة صوت القاهرة واعلاناتها اضافة إلي بعض الرعاية للبرامج. ثم تراجعت الإعلانات في تليفزيون الدولة للدرجة صفر بعد خروج برنامجي مصر النهاردة ومن قلب مصر إضافة إلي خروج الشركة التي كانت ترعي بعض برامج قطاع الأخبار وبعدها انسحب موظفو وكالة صوت القاهرة في خيانة واضحة ودون حساب من احد لتستعوذ وكالتان علي اغلب إعلانات السوق.. وبنفس المنطلق انطلقت قناة تابعة لوكالة إعلانية كانت أحد أهم المعلنين قبل الثورة للتليفزيون المصري وبالتالي سحبت إعلاناتها إلي قناتها وخسر تليفزيون الدولة موردا خطيرا اثر سلبيا علي جودة الشاشة. ولأن قنوات ما قبل الثورة كانت تعتمد في تمويلها علي الصراعات بين الحرسين القديم والجديد التابعين للحزب الوطني وسعي كل حرس منهما برعاية مالية لقنوات بعينها من الباطن لضمان تسريب أوراق وملفات لضرب الفصيل الآخر فقد تم الامر نفسه قبل تولي الاخوان السلطة والسيطرة علي البرلمان ثم الوصول لكرسي الرئاسة حيث تم إغراء قنوات بعينها ورعاية برامجها بشكل غير مباشر لغلق الابواب أمام محاولات الحرسين القديم والجديد للاستمرار في السيطرة علي الاعلام لتشويه الثورة واستغل الاخوان في لعبتهم رجال اعمال ايضا ليكونوا في الصورة واللعب علي وتر تربيحهم ومساندتهم وتمليكهم الاقتصاد في مرحلة ما بعد تحقيق اهدافهم وكان هناك تمويل آخر لقنوات أخري في صور حوارات اعلانية من جهات اخري يتردد انها خارجية ومن خلال تعاقدات شراكة بحجة التبادل الإعلامي!. ثم أخطأ الإخوان واصطدموا بالقنوات فجأة فيما عدا قناتين فتم فتح السوق الإعلانية من جديد أمام بعض أعضاء الحرسين القديم والحديث وكان هذه المرة في صورة تحالف وليس خلافات وكانت الخطة في كل مرحلة تعتمد علي القيام بعملية تمويت متعمد للتليفزيون المصري لانه لن يمكن اختراقه ليكون تحت سيطرتهم والخوف من ان يؤدي نهوضه لتقديم اعلام متوازن قادر علي كشف الحقائق للمشاهدين. أستاذ الإعلام بجامعة المنيا رئيس جمعية حماية المشاهدين