مبادئ مهمة: لا ينكر المختلف فيه, بل ينكر المجمع عليه.( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم) اجرؤكم علي الفتيا أجرؤكم علي النار حديث نبوي. مفهوم الطلاق في الشريعة: رفع قيد النكاح في الحال أو المال بلفظ مخصوص أو ما يقوم مقامه ومما يتصل بموضوعنا: الصيغة: حين تطلق الصيغة فالمراد بها عند الفقهاء: الألفاظ والعبارات الدالة علي التصرف, ذلك أن القول هو الأصل في التعبير عما يريده الإنسان, إذ هو من أوضح الدلالات علي ما في النفوس ومن المقرر شرعا: أن العقود منوطة بالقول غالبا: التوضيح: لما كانت الأقوال تعريفا ودلالة علي ما في نفوس الناس جعل الشارع للعقود والمعاملات صيغا لا تتم بالقول بها, لأن هذه العقود لا تصح إلا بالرضا, كما قال الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) وقول رسول الله صلي الله عليه وسلم إنما البيع عن تراض والرضا أمر خفي لا يطلع عليه, فنيط الحكم بسبب ظاهره والقول الذي هو الإيجاب والقبول. أثر الطلاق القولي: صيغة إيقاع الطلاق متي استوفت شرائطها ترتب عليها ما تضمنته وكانت هي الأساس الذي يعتمد عليه القاضي في صدور الأحكام وينبغي فهم عدة أمور فيما نحن بصدده: الأصل في صيغة إيقاع الطلاق الألفاظ التي قررها الشارع في النصوص الشرعية, أي القرآن الكريم والسنة النبوية, وهي: الطلاق والفراق والسراح, وهي تستعمل في الطلاق الصريح وما عداها كنائي مرده إلي النية والعرف. هذه الألفاظ جاءت عامة فلا تخصص بمخصص إلا من الشارع نفسه, كذا الحال جاءت مطلقة فلا تقيد إلا من الشارع ذاته. ما يقوم مقام الصيغة القولية: الكتابة والإشارة المفهمة, فأما الكتابة المستبينة لأن القلم أحد اللسانين كما يقول الفقهاء, فنزلت الكتابة منزلة اللفظ والإشارة المفهمة فأما الكتابة والإشارة قيامها مقام الأصل الذي هو القول اتفاقا. الصيغة الكتابية في محررات عرفية أو حكومية بمثابة أعمال إجرائية إدارية للتوثيق, وليست إلغاء للصيغة القولية بحال من الأحوال, فقد تقرر: إعمال الكلام أولي من إهماله. إن الصيغة القولية في شأن الطلاق تواترت عليه الأمة المسلمة من لدن سيدنا محمد والصحابة رضي الله عنه ومن بعدهم في جيل وشعب وقبيل, وعصر ومصر, وهذا ما تواتر يستحيل إلغاؤه. حيث إن الصيغة القولية في أمر الطلاق هي الأساس لما ذكر, فإنها التي يعتد بها في إيقاع الطلاق ديانة إجماعا, أما المحررات لدي الدولة فنظم إدارية لشئون قضائية لأغراض منع التجاحد وحفظ الحقوق التي تترتب علي آثار الطلاق للطرفين في أمور النسب والنفقات والعدة والحضانة والرجعة وغير ذلك. إدعاء الاجتهاد في أصول الأحكام الشرعية المستقرة غير مقبول لأن هذه الأمور المتواترة يقينا هي مسلمات شرعية هي هكذا في الماضي والحاضر والمستقبل بمثابة مسلمات عقلية بدهية, وعلي فرض عمل إجتهاد بشروطه المرعية فمرده إلي هيئات فقهية تخصصية وليس لآحاد الناس بالغا ما بلغ. أخريا: إن الأمور العلمية الدقيقة يجب أن تكون بأيدي العلماء بأدوات البحث العلمي وأخلاقياته في قاعات البحث والدراسة, وليس لعوام الناس في وسائل الإعلام لمن يفقه ومن لا يفهم. أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر بالقاهرة