عدت روح سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الرفيق الأعلي يوم الأثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة11 هجرية حين اشتد الضحي( يراجع روضة الأنوار في سيرة النبي المختار , لصفي الرحمن المباركفوري) وكانت سنته محفوظة في الصدور أو مكتوبة, وكان الصحابة شديدي الحرص علي السنة فلا يقبل قول عن سيدنا رسول الله إلا بشهود, وتثبت بالغ, والحيطة التامة, وكانوا ينهون من يكثر الحديث عن حضرة النبي صلي الله عليه وسلم مخافة الوقوع في الخطأ. وظلت السنة في حماية الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين, إلي العام التاسع والتسعين من الهجرة في زمن أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز, فكتب إلي عامله علي المدينة أبي بكر بن حزم ليجمع السنة, وكتب إليه( خفت دروس العلم وذهاب العلماء), وكانت هناك سنة مكتوبة عند عمرة بنت عبدالرحمن الأنصاري, والقاسم بن محمد بن أبي بكر, وكلف أيضا محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ليجمع السنة, فجمعت السنة من غير تبويب علي ابواب العلم, في كتب وأرسلت الي الأمصار. وكان في زمن جمع السنة بعض الصحابة علي قيد الحياة لآن آخر صحابي توفي عام110 للهجرة. بدأ جمع السنة, ووضعت شروط وضوابط علمية, كما هو الحال في الأبحاث العلمية في العصر الحديث, منها أن يكون الحديث معروف المصدر( أي متصل السند), فيجب ان يبين راوي الحديث المصدر الذي سمع منه الحديث, والمصدر الذي روي له يجب ان يوضح مصدر الحديث, إلي آخر راو يجب ان يوضح ان مصدره حضرة سيدنا رسول الله, فمصدر الحديث هام جدا يجب ان يكون معروفا, ومتصلا غير منقطع, والراوي تتوافر فيه العدالة, فيجب ان يكون الراوي موثوقا في دينه, معروفا بالتقوي والورع وخاليا من اسباب الفسق وخوارم المروءة, وان يكون حافظا متيقظا لما يرويه, حافظا إن روي من حفظة, ضابطا لكتابه إن روي من الكتاب, عالما بمعاني مروياته وبما لا يغير المعني عن المراد إن روي المعني, ويسلم الحديث من الشذوذ, بألا يخالف الثقة من هو أوثق منه وأرجح فإن خالفه فهو شاذ, ويسلم من العلل, والعلة سبب خفي يقدح في الحديث ويكون ظاهرة السلامة ويجب الا يخالف الحديث القرآن الكريم. وهذه شروط البحث العلمي السليم في العصر الحديث, من توافر المصادر العلمية, وسلامة عقل الباحث وقدرته علي الحفظ, وألا يكون البحث العلمي شاذا من منظور العقل, فلا يقبل أي رواية علي أنها حديث عن حضرة النبي صلي الله عليه وسلم, والشروط السابقة لو طبقت علي أي تراث شفاهي مما بين أيدينا من كتب, تكون النتيجة العلمية أنها مزورة, أو ملفقة. ووجد أن هناك أحاديث رواها جمع غفير من المسلمين التي تنطبق عليهم الشروط السابقة, ومختلفين الأماكن, فلا يمكن أن يجتمعوا علي الكذب, وسميت هذه الأحاديث متواترة, وهناك أحاديث رواها جمع كبير من المسلمين التي تنطبق عليهم الشروط السابقة ولكن لايصل العدد الي عدد رواة الحديث المتواتر سميت مشهورة, واحاديث رواها أقل من العشرة سميت أحاد. واشترط علماء المسلمين الا يخالف الحديث حديث اقوي منه في الرواية.