من المؤكد أن موقف الغرب الداعم لإسرائيل والمناصر علي طول الخط لعدوانها علي جيرانها العرب فضلا علي عبثها بمقدساتهم وفي مقدمتها القدس كان له تأثير مباشر علي تنامي ظاهرة الارهاب الدولي..فطوال أكثر من60 عاما وإسرائيل تواصل جرائمها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل... وتواصل تهويد الأراضي العربية المحتلة في عدوان5 يونيه1967.. والغرب يتفرج أو يشجب أو يحث قادة إسرائيل علانية. لكنه يدعمها بالمال والسلاح تكفيرا عن جريمة المحرقة التي ارتكبها أدولف هتلر ضد اليهود في أوروبا. هذا الدعم اللامحدود علي طول الخط للعدوان الاسرائيلي أفرز حالة من السخط والتمرد علي السياسات الغربية وأظهر تناقضها ففي حين تسارع عواصم العالم إلي إدانة أي عملية استشهادية ضد جنود الاحتلال وتدافع عن حق إسرائيل في العيش بأمان نري هذه العواصم لاتحرك ساكنا وتتفهم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس مما أتاح لقادتها ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم إبادة ضد إخواننا في فلسطين دون أن يحرك لويس مورينو أو كامبو, المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية, ساكنا.. رغم أنه أصدر مذكرة اعتقال ضد الرئيس السوداني عمر البشير قبل عامين بزعم ارتكابه جرائم حرب وإبادة في دارفور. وقام بإصدار مذكرة ثانية بهذا الشأن قبل أشهر.. في المقابل أقامت إسرائيل الدينا ولم تقعدها بسبب تقرير القاضي اليهودي الجنوب افريقي ريتشارد جولد ستون الذي كشف عن جرائمها إبان العدوان الإسرائيلي الأخير علي قطاع غزة(2008 2009) ... فقد رفضت إسرائيل التعاون مع لجنة جولدستون مثلما رفضت من قبل استقبال بعثة الأممالمتحدة للتحقيق في إحدي مذابحها في قطاع غزة ونفس الشيء بالنسبة لعدوانها عام2006 علي لبنان وقتل المدنيين بأحدث آلات القتل والفتك الموجودة في الترسانة الأمريكية. { نفس المشهد تكرر العام الماضي مع جريمة العدوان علي أسطول الحرية الذي كان ينقل مساعدات إلي قطاع غزة الذي تفرض عليه حصارا مشددا منذ سيطرة حركة حماس عليه في14 يونية2007, وهي جريمة يعاقب عليها القانون الدولي باعتباره شكلا من أشكال العقاب الجماعي... لكن مرت جريمة اسطول الحرية كسابقتها دون أن يحاسب أحد إسرائيل وطبعا البركة في الحماية الغربية لها وتحديدا الفيتو الأمريكي الذي طالما استخدمته الولاياتالمتحدة لإجهاض مشروعات القوانين العربية الساعية إلي إدانة إسرائيل في مجلس الأمن. إن الدعم اللامحدود لإسرائيل من الغرب يولد الإحساس بالظلم تماما مثلما حدث في واقعة اطلاق النار علي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية.. فورت هود والتي أسفرت عن مصرع13 عسكريا أمريكيا برصاص الرائد نضال حسن ذي الجذور الفلسطينية.. ولولا هذا الاحساس كما ارتكب الضابط الأمريكي هذه الجريمة التي تعد الأسوأ من نوعها منذ سنوات... لقد تلاعبت الحكومات الإسرائيلية بعملية السلام التي انطلقت منذ18 عاما وحرصت الولاياتالمتحدة علي رعايتها تارة مع الآخرين من خلال اللجنة الرباعية الدولية... وتارة بمفردها مثلما حدث في مؤتمر أنابوليس عام2007 وكذلك في إطلاق المفاوضات المباشرة العام الماضي.. وهي المفاوضات التي وصلت إلي طريق مسدود بسبب تعنت إسرائيل وغياب أي ضغوط أمريكية حقيقية... إن الولاياتالمتحدة التي ضربت رقما قياسيا في استخدام حق النقض الفيتو لحماية إسرائيل في مجلس الأمن... لم تمارس أي ضغوط حقيقية علي إسرائيل منذ عام2000 في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس بيل كلينتون الذي استضاف خلالها محادثات كامب ديفيد الثانية بين الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي حينئذ ايهود باراك.. ومنذ هذه المحادثات نجحت إسرائيل في كسب الوقت تحت خداع عملية السلام وتواطؤ الراعي الامريكي... فخريطة الطريق التي طرحها بوش الابن عام2005 أفرغتها ملاحظات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون من مضمونها.. وعرفات الذي كانت تصوره الميديا الغربية كأحد طرفي سلام الشجعان تحول إلي عقبة أمام السلام في أيامه الأخيرة. .. وجري الحديث عن فرصة سانحة للسلام مع خلافة الرئيس محمود( عباس أبومازن) لعرفات.. لكن هاهي السنوات تمضي... ويكاد أبو مازن يلقي مصيرا مشابها لمصير عرفات.. فأبومازن الذي راهن علي عملية السلام لإعلان الدولة الفلسطينية لم يحصد سوي الخزلان من واشنطن والتعنت من وزراء حكومات إسرائيل حيث لجأ شارون إلي الحلول الأحادية للتهرب من استحقاقات السلام وأولمرت لم يكن من القوة للتوصل إلي اتفاق سلام... أما نتانياهو فهو لايؤمن أصلا بجدوي السلام.. ويكفي أنه رفض ربط استئناف المفاوضات بتجميد المستوطنات... كما أقنع الرئيس أوباما بتبني مواقفه من الصراع مع الفلسطينيين حيث تراجع عن مطالبته بوقف الاستيطان.. كما مارس ضغوطا علي أبو مازن لإطلاق المفاوضات غير المباشرة ثم المفاوضات المباشرة والنتيجة أنه لم يتحقق أي تقدم علي صعيد التوصل إلي اتفاق ولاتزال عملية السلام أسيرة التصريحات الإعلامية منذ انهيارها في نوفمبر الماضي علي خلفية استئناف بناء المستوطنات في القدسالشرقية والضفة الغربية. إن سكوت أمريكا والغرب علي الممارسات الإسرائيلية العدوانية وكذلك امدادها بكل أنواع الدعم المادي والعسكري يخلق حالة من التشدد علي الجانب الآخر للخروج من المفاوضات العبثية التي تحولت إلي ستار لتكريس الحقائق علي الأرض وفرض الأمر الواقع وبمرور الأيام لن يجد الفلسطينيون شيئا يتفاوضون عليه. .. فهل تتحرك واشنطن وحلفاؤها قبل أن تتدحرج المنطقة إلي دورة جديدة من العنف والعنف المضاد؟ إن الظلم الذي يكابده الفلسطينيون تحت الاحتلال وانتهاك حقوق الانسان في العراق وأفغانستان علي أيدي القوات الأمريكية وحلفائها أقوي أدوات تجنيد الارهابيين ضد الغرب.. لأن مواجهة الإرهاب تختلف عن مواجهة الجيوش النظامية.. وهي الحقيقية التي لاتزال غائبة عن جنرالات أمريكا ممن يخططون للحرب بالعراق وافغانستان.. فخلف كل قتيل يولد ألف ناقم علي سياسات هذه الدول ولديهم الرغبة في الانتقام.