بالعمل وزيادة الإنتاج يمكن أن نبني مصر القوية الحديثة, ونعزز استقلال إرادتنا, وبدون ذلك سوف يستمر الاعتماد علي القروض والمنح, بدلا من الاعتماد علي مدخراتنا وفوائضنا, ولن نتمكن من النهوض بمستوي الخدمات الأساسية, وسيظل رفع الأجور عبئا يصعب تحقيقه في ظل موارد محدودة. خطوتان مبشرتان هما إنشاء قناة السويس الجديدة, ومؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي كانتا بمثابة جرعة تفاؤل وأمل في إنعاش الاقتصاد المصري, وعلينا أن نعتبرهما منطلقا لطريق إعادة بناء اقتصاد وطني قوي, لن يتأتي إلا برفع قيمة العمل والجودة من خلال العلم والتدريب المهني المتطور في جميع المجالات, مع إدارة سليمة, والقضاء علي الفساد والمحسوبية, ليكون معيار الكفاءة هو أساس الترقي والمكافأة. لقد تعرضت شركات القطاع العام علي مدي عقود لمؤامرات منظمة, كان يديرها من يرون أن هذه الشركات عقبة أمام رجال الأعمال والمستوردين, وأخذوا في تخريبها, وكانت منتجات القطاع العام تباع في كثير من الأحيان بأقل من تكلفة إنتاجها لتخسر, وكانت السلع يجري تكديسها في المخازن لتفسد, ويتم شراء قطع غيار متهالكة, وأخذ تحالف الفاسدين والفاشلين ينخر في جسد شركات القطاع العام, حتي أهدر الكثير من ثروتنا الوطنية, والتي كانت العمود الفقري لاقتصادنا لفترة طويلة, وكان له الفضل في توفير معظم احتياجات الشعب المصري في أوقات السلم والحرب, لكن معظم هذه الشركات تعرضت للديون والإفلاس الواحدة تلو الأخري, ليتم بيع الكثير منها بأقل كثيرا جدا من أسعارها الحقيقية. علينا إنقاذ ما تبقي من شركات القطاع العام, بأن يتولي إدارتها من يؤمنون بدور الدولة في النهوض بالاقتصاد, ونحن نري أعتي الدول الرأسمالية لديها شركات عامة, إلي جانب القطاع الخاص, وهو ضروري أكثر في البلاد الأقل تطورا, والتي يمكن أن تتعرض لأزمات اقتصادية حادة, في حالة ترك السوق لاحتكار رجال الأعمال, وعدم التركيز علي المشروعات الإستراتيجية, والاهتمام برفع معدل تشغيل العاطلين. إننا نأمل أن يضع رجال الأعمال في مصر في مقدمة أولوياتهم نهضة مصر, والإيمان بالدور الاجتماعي, بما يحد من الفجوة المتزايدة بين الفقراء والأغنياء, وأن يسهم القطاع الخاص بدور ملموس في النهوض بمستوي التعليم والصحة, لأنها في النهاية تصب في مصلحتهم. لقد بادر النقابيون بتقديم وثيقةتتضمن رفض العمال للإضرابات العمالية والتعهد بالمزيد من العمل والإنتاج خلال الفترة المقبلة واعتماد الحوار الاجتماعي كآلية لحل المشكلات العمالية, وتأييد مبادرات الرئيس لتشغيل الشركات و المصانع المتوقفة, وتؤكد الوثيقة تعهد العمال بمساندة جميع المشروعات التي أسفر عنها المؤتمر الاقتصادي المنعقد في شرم الشيخ خلال الشهور الماضية. وإذا كانت هذه المبادرة تعكس ثقة وحسن نية في الدولة ورجال الأعمال, فينبغي الرد عليها بما يقدرها, وأن تسعي الجهات المعنية بحل المشكلات العمالية قبل تفاقمها, خاصة ما يتعلق بصرف حقوقهم الأساسية مثل الأجور, فمن غير المعقول أن نجد عمالا لم يصرفوا أجورهم منذ3 أو10 شهور, مثلما حدث في شركات مثل وبريات سمنود ومساهمة البحيرة وغيرهما, ولا يمكن أن نطالب عاملا بالصمت وأسرته جائعة, أو ابنه مريض ولا يملك نفقات علاجه, ونعتبر أن شكواه أو تذمره شيئا غير مقبول, ونتهرب أو نراوغ في صرف الأجور, حتي يصل الأمر إلي حد الاعتصامات والإضرابات. إن من يدفع العمال إلي الشكوي والتذمر والإضراب هم أول من يستحق المساءلة والعقاب, لأنهم قصروا في أداء دورهم, وإذا كان النقابيون قد بادروا بعدم لجوء العمال للإضراب, فعلينا أن نوفر للعمال المناخ المناسب للإنتاج, وأن يحصلوا علي حقوقهم بدون تأخير أو مماطلات, عندها سنجد العمال أكثر استعدادا لرفع الإنتاج وتطويره.