أحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة وموعد الإعلان الرسمي    نقابة المهندسين بالإسكندرية تستعد لأكبر معرض للسلع المعمرة بمقر ناديها بالإسكندرية    المركزي يقبل أذون خزانة ب6.2 مليار جنيه وفائدة 26.001% لمدة 273 يوما    اتحاد المصريين بالسعودية: أغلبية المرحَّلين لعدم حملهم تصاريح الحج مصريون    تنبيه هام من «البترول» لسكان الوراق: «لا تنزعجوا من رائحة الغاز»    «جانتس» يستقيل من حكومة الحرب الإسرائيلية    الأونروا: وصلنا لطريق مسدود في غزة.. والوضع غير مسبوق    موسيمانى: لا مانع من العودة للدورى المصرى    مجموعة مصر| تعادل جيبوتي وإثيوبيا بتصفيات كأس العالم    مصطفى عسل يتوج بلقب بطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش    تحويلات خارجية.. كيف خطط 4 متهمين لغسل 100 مليون جنيه؟    أول تعليق من أحمد العوضي على مشاركة ياسمين عبد العزيز في دراما 2025 | صورة    مهرجان جمعية الفيلم ينظم حفل تأبين ل صلاح السعدني وعصام الشماع ونادر عدلي    لمواليد «الأسد».. توقعات الأبراج في الأسبوع الثاني من يونيو 2024    ليلى عبد اللطيف تتوقع انفصال هذا الثنائي من الفنانين    جانتس: نترك حكومة الطوارئ وننضم إلى المعركة لضمان أمن إسرائيل    نصائح مهمة تحمي طفلك من الموجة الحارة القادمة    البابا تواضروس الثاني يستهل زيارته الفيوم بصلاة الشكر في دير الأنبا أور (صور)    هيثم رجائي: الملتقى الدولي لرواد صناعة الدواجن سيكون بمشاركة عربية ودولية    مباشر مجموعة مصر - جيبوتي (1)-(1) إثيبويا.. بداية الشوط الثاني    «مكافحة المنشطات» تنفى الضغط على رمضان    سيدات مصر لسلاح الشيش يتوجن بذهبية ببطولة أفريقيا للفرق    علاء الزهيري رئيسا للجنة التدقيق الداخلي للاتحاد العام العربي للتأمين    قرار قضائي بشأن المتهمين بواقعة "خلية التجمع"    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة أسيوط الأزهرية بعد اعتمادها رسميًا    وزارات جديدة ودمج بعض الحقائب.. أحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة وموعد الإعلان الرسمي    إدخال 171 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة معبر كرم أبو سالم جنوب رفح    منتدى دولي لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    إصابة كيليان مبابى قبل ودية منتخب فرنسا الأخيرة استعدادا ل يورو 2024    قيادات "الاستعلامات" و"المتحدة" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" في المساء مع قصواء.. اليوم    تعرف على فضل يوم عرفة وأهميته    متى يبدأ التكبير في عيد الأضحى ومتى ينتهي؟    منها مباشرة الزوجة وتسريح الشعر.. 10 محظورات في الحج يوضحها علي جمعة    تنسيق مدارس السويس.. 225 درجة للثانوية العامة و230 للبنات ب"المتقدمة الصناعية"    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    «اقتصادية الشيوخ»: الرقابة المسبقة سيؤثر إيجابيا على الاستثمار في مصر    مياه القناة: استمرار أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحى بالإسماعيلية    غدا.. "صحة المنيا" تنظم قافلة طبية بقرية حلوة بمركز مطاي    حجازي: جار تأليف مناهج المرحلة الإعدادية الجديدة.. وتطوير الثانوية العامة    مدحت صالح يستعد لإحياء حفل غنائي 29 يونيو بالأوبرا    محافظ الشرقية يهنئ لاعبي ولاعبات الهوكي لفوزهم بكأس مصر    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها والأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    بسمة داود تنشر صورا من كواليس "الوصفة السحرية"    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    كرواتيا تحقق فوزا تاريخيا على البرتغال    موعد يوم التروية 1445.. «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة للحاج في هذا التوقيت    انتقدت أسيرة إسرائيلية.. فصل مذيعة بالقناة 12 الإسرائيلية عن العمل    البابا فرنسيس يحث حماس وإسرائيل على استئناف المفاوضات ويدعو لإنقاذ شعب غزة المنهك    تطبيق ضوابط خاصة بامتحانات جامعة مصر للمعلوماتية؟.. نائب رئيس الجامعة يوضح    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان‏..‏ والصعود نحو الهاوية‏22‏

وماذا بعد؟‏!‏ تناولنا علي مدار تلك الحلقات مسيرة الإخوان منذ التأسيس عام‏1928‏ وحتي الآن‏,‏ رصدنا التطور والتنامي الحركي والفكري للجماعة علي مدار مايقرب من ثمانين عاما‏
‏ونتوقف أخيرا امام خمس قضايا رئيسية‏,‏ تمثل عوامل مهمة في الحكم علي مصير الجماعة المحتوم‏(‏ الصعود الدائم نحو الهاوية‏)‏ وهي قضايا الموقف من السلطة وعالمية الجماعة‏,‏ واقتصاديات الإخوان‏,‏ والإخوان بين الدين والسياسة‏,‏ والديمقراطية الداخلية‏.‏
هذه القضايا التي تؤكد ما أشرنا إليه دائما من وجود لغط تاريخي‏,‏ عرف طريقه ليس فقط للرافضين والمنافسين للإخوان‏,‏ بل وصل إلي أعضاء وكوادر من المؤسسين للجماعة‏.‏
أولا‏:‏ الموقف من السلطة‏:‏
حركة الإخوان الآن‏,‏ والتحديات الخطيرة التي تواجهها‏,‏ تختلف جذريا عن تفاعلهم السياسي القديم قبل ثورة يوليو‏,‏ وفي مرحلتي عبدالناصر والسادات‏,‏ ذلك ان الخريطة الدولية فضلا عن المحلية قد تغيرت وتبدلت ملامحها‏,‏ وظهر امتحان من نوع جديد‏,‏ يتطلب اجابات عن اسئلة مختلفة عن تلك التي كانت مطروحة من قبل‏.‏
كيف تتعامل الاتجاهات المختلفة داخل حركة الإخوان مع التاريخ السياسي والفكري للجماعة؟ وكيف يحللون ويقيمون ما تعرضوا له من اضطهاد ومحن وما وجه اليهم من انتقادات؟‏!‏ المسألة ليست اجتهادا شخصيا بطبيعة الحال‏,‏ لكنها تعبير عن موقف سياسي وفكري شامل‏.‏
الحرس القديم ممثلا في رؤيتي مصطفي مشهور ومأمون الهضيبي اللتين مازلتا تعملان من خلال رؤيتي عاكف ومحمود عزت‏,‏ يريا الأمر في إطار الابتلاء القدري‏,‏ ولا مفر من الرضا به والتسليم بتبعاته‏,‏ ولا يفكران في مراجعة مسبباته والاستعداد لممارسة النقد الذاتي وتصحيح المسار‏.‏
الحملات الأمنية العنيفة عندهما‏:‏ ابتلاء لم يتوقف من الاربعينيات‏.‏
وهو ما يوافقهم عليه بالكامل السيد مهدي عاكف مؤكدا أن كل الابتلاءات التي اصابت مصر في السنوات الخمسين السابقة كانت بسبب اضطهاد السلطة للإخوان‏,‏ ويشدد عاكف في احدي رسائله الأسبوعية للإخوان علي أن عدوان‏1956‏ كان سببا مباشرا لاضطهاد عبدالناصر للإخوان في محاكمات‏1954,‏ وهزيمة‏1967‏ كانت سببا مباشرا لاضطهاد السلطة للإخوان في عام‏1965,‏ وحذر عاكف من كارثة جديدة يمكن ان تنتج عن اعتقالات الإخوان الأخيرة في مايو من عام‏2005(‏ عبدالرحيم علي‏:‏ الإخوان المسلمون‏..‏ أزمة تيار التجديد‏).‏
والسبيل الوحيد للمواجهة بعيد تماما عن فكرة المواجهة الحقيقية الجادة‏:‏ نحن نحاول زرع الصبر علي الابتلاء في قلوب الإخوة‏,‏ مؤمنين بأن النصر قادم لا محالة لأننا علي الحق‏:‏ ولانهما ينطلقان من إيمان يقيني لاتعرفه الممارسة السياسية‏,‏ فإن المشاكل التي تعرض لها الإخوان ليست إلا مقدمة للنصر الحتمي الذي لا يتكيء علي معطي مادي‏:‏ طريقنا صحيح مائة في المائة‏,‏ لأننا اقتبسناه من سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم ونحن أهل للقيادة‏,‏ لاننا تعرضنا لمحن عديدة وصمدنا وحافظنا علي الجماعة فلم تنهر‏,‏ بل اتسعت دائرتها في جميع أنحاء العالم‏,‏ ونحن الآن نعد القاعدة المؤمنة الصلبة القائمة علي الجلد والصمود استعدادا لوقت تتحسن فيه الظروف‏(‏ عبدالرحيم علي المرجع السابق‏).‏
الخلط قائم بين المعاناة الذاتية التي تتطلب الصبر والجلد والصمود‏,‏ وبين الموقف السياسي الذي يتجاوز الأفراد وقدراتهم علي التضحية والتحمل‏.‏
وفي هذا السياق‏,‏ يبدو منطقيا ان يكون تاريخ الإخوان نقيا صافيا بلا أخطاء او شوائب‏,‏ وان تختفي فكرة المراجعة وإعادة النظر في الثوابت والمرتكزات القديمة‏,‏ عندما يتطرق الحديث إلي أعمال العنف التاريخية التي قام بها الإخوان‏,‏ وبخاصة عمليتي الاغتيال اللتين استهدفنا في نهاية الاربعينيات من القرن العشرين كلا من محمود فهمي النقراشي والخازندار‏,‏ تأتي الإجابة دفاعية تبريرية‏:‏ هذه الحوادث حدثت والجماعة غير موجودة تنظيميا‏,‏ فقد تم حلها واعتقال قيادييها وأغلب كوادرها قبل تنفيذ هذه العمليات‏,‏ وجاءت هذه الأحداث تعبيرا عن غضب يموج داخل اوساط الجماعة‏,‏ ولكن عبر اجتهاد فردي‏,‏ وقد أعلن الاستاذ البنا وقتها انهم ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين‏.0‏ ريتشارد ميتشيل‏,‏ الإخوان المسلمون ج‏1).‏
بمثل هذا المنطق يمكن الدفاع عن كل الأخطاء المنسوبة إلي الإخوان‏,‏ ويكتسب التاريخ الإخواني قداسة لا تعرفها السياسة‏,‏ والجمود الفكري والتنظيمي هو المحصلة الحتمية للتفكير الدفاعي المحافظ‏,‏ فلا مبرر لإعادة النظر او التغيير او التطوير‏.‏
في المقابل‏,‏ يري مختار نوح‏(‏ احد رموز تيار السبعينيات‏)‏ ان العمل السياسي يعني وجود أخطاء مشتركة لا ينفرد بها طرف دون آخر‏:‏ فلا يعقل ان يوجد
عمل حركي أو آخر سياسي لا توجد به أخطاء والاعتراف بها أول الطريق لمعالجتها‏.‏
وجدير بالاهتمام‏,‏ ما يعلنه مختار نوح من تأييد حماسي وصريح لما سبق أن أعلنه القيادي الناصري حمدين الصباحي‏:‏ أقول لك ما قال حمدين صباحي‏,‏ ما أوافق عليه‏,‏ فقد قال إنه مدين باعتذار للشعب المصري عن بعض ما حدث في الفترة الناصرية‏,‏ وقال‏:‏ إن الحديث عن التاريخ بينما العدو علي الأبواب نوع من أنواع الهزل وقال‏:‏ إننا لا نعبد أشخاصا‏,‏ ولكن نعبد أفكارا‏,‏ وإننا يجب أن نلتزم كقوي وطنية بمبادئ محدودة وآليات محددة‏,‏ كل هذه المقولات أعتبرها أنا ميثاق عمل جديدا يجمع القوي الوطنية في مصر بما فيها الدولة‏,‏ وأنا مؤمن بهذا‏,‏ واعتبرها علي لساني‏.(‏ محضر نقاش مع مختار نوح‏).‏
الإخوان إذن مدينون للشعب المصري باعتذار عن ممارستهم السلبية والتجاوزات التي يعترفون بها‏,‏ والإخوان بالتبعية بشر يعملون في السياسة‏,‏ يخطئون في اجتهاداتهم ويصيبون‏,‏ ويعتذرون كمقدمة للإصلاح والتغيير‏.‏
ويؤمن د‏.‏ عصام العريان‏(‏ واحد ايضا من المحسوبين علي تيار السبعينيات‏)‏ ان التغيير المنشود لن يتحقق بمعجزة تأتي من السماء‏,‏ وهو بذلك يتحاوز المفهوم الاستسلامي القدري ذا النزعة الاستشهادية‏,‏ وهو مفهوم تقليدي يخلط بين الذاتي والموضوعي‏,‏ وبين الديني والسياسي ولا يجد العريان حرجا في رفض قداسة أفكار ومواقف حسن البنا‏,‏ فهي عنده رهينة بمرحلة تاريخية معينة‏,‏ ولا معني للالتزام الحرفي بها‏:‏ هناك أناس مازالت لديهم تحفظات‏,‏ فهم يثيرون علي سبيل المثال إشكالية الوجود الدولي للجماعة وطبيعة مهام المرشد‏..‏ فهل المرشد يدخل الحزب أم لا‏,‏ باعتباره مرشدا للإخوان في العالم كله وليس مصر وحدها؟ هناك تخوف شديد من مثل هذه الأمور ايضا علي سبيل المثال هناك أناس مقتنعون ببعض المقولات التي قالها الإمام حسن البنا في توقيت معين‏,‏ لذا فأنا واحد من الذين طالبوا مرارا بدراسة التجارب الحزبية للإخوان في اليمن والجزائر والكويت‏(‏ محضر نقاش مع‏:‏ عصام العريان‏).‏
الاقتناع بمقولات البنا ليس فريضة حتمية‏,‏ فالنظر إلي الواقع والتواصل معه قد يقود إلي رؤي واجتهادات مختلفة‏,‏ تتوافق مع المتغيرات التي لم يعايشها البنا‏.‏
ويري أبو العلا ماضي‏(‏ أحد قادة تيار السبعينيات‏)‏ أن الأمر يحتاج إلي مراجعة شاملة تتضمن التاريخ والحركة والفكر‏,‏ وأعني بالمراجعة الشاملة‏:‏
أولا‏:‏ المراجعة التاريخية‏:‏ وتتضمن دراسة الأخطاء الكبري وأهمها إنشاء النظام الخاص والأعمال الإرهابية التي قام بها‏,‏ وكذا الصدام مع عبدالناصر ومسئولية الجماعة عنه‏,‏ ومشروعية عودة الجماعة في السبعينيات وطريقة اختيار المرشد وقتها‏,‏ كذا الطريقة التي اتبعها رجال النظام الخاص في الاستحواذ علي القرار داخل الجماعة‏,‏ مما دفع إلي إبعاد عدد كبير من قادة الجماعة التاريخيين‏,‏ وأخيرا إهدار الفرصة التاريخية التي عرضها عليهم الرئيس السادات حينما طلب منهم إنشاء حزب ورفضوا‏.‏
ثانيا‏:‏ المراجعة الحركية‏:‏ وتتضمن تحديدا دقيقا وحاسما للشكل التنظمي الذي يجب أن تعمل الجماعة من خلاله‏,‏ وهل هو شكل الجماعة الدعوية أم الحزب السياسي‏,‏ فالشكل الأول ملك للأمة‏,‏ وناصح أمين لها‏,‏ ومعين علي اختياراتها‏,‏ أما الثاني فمنافس للقوي الموجودة يجب عليه تبني برامج محددة حتي يتاح للأمة حسن تقييمه‏,‏ ولا يجوز بالطبع الجمع بين الشكلين‏,‏ حيث لا يمكن أن تكون داعيا ناصحا وفي ذات الوقت منافسا سياسيا شريفا‏,‏ هذا بالإضافة إلي إعادة النظر فيما يطلق عليه التنظيم الدولي‏,‏ وحجم الضرر العائد من ورائه والذي يفوق حجم النفع بكثير‏.‏
ثالثا‏:‏ المراجعة الفكرية‏:‏ وتشمل مراجعة أفكار قادة الجماعة بمن فيهم مؤسسها حول قضايا المرأة والعمل الحزبي والمجتمع الجاهلي واستخدام القوة في التغيير‏,‏ كذا مراجعة أفكار الجماعة حول المواطنة والتعددية والنظرة إلي السلطة الحاكمة‏,‏ وقضايا قبول الآخر والديمقراطية والمرجعية الإسلامية‏,‏ وهل ستكون دينية أم حضارية؟‏0‏ محضر نقاش مع‏:‏ أبو العلا ماضي‏).‏
مراجعة بلا ضفاف‏,‏ ومطالبة بإعادة النظر في كثير من الثوابت الراسخة‏,‏ وطموح إلي تنظيم جديد يواكب روح العصر‏,‏ ويقتحم المناطق الحرجة المسكوت عنها‏.‏
ثانيا‏:‏ الموقف من السلطة وطبيعة العلاقة معها‏:‏
تأتي آراء قيادات الإخوان حول الموقف من السلطة وطبيعة العلاقة معها‏,‏ لتكشف في الأغلب الأعم عن رؤية لا تخلو من السطحية والسذاجة‏,‏ أو علي الأقل هي تبسيط مخل لا يدرك تعقيد المسألة‏,‏ وما تتسم به من تركيب وتداخل من ذلك مثلا تصريحات المرشدين السابقين‏,‏ الهضيبي ومشهور عن نجاح الاخوان في حشد الجماهير لمعارضة الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني‏:‏ الحكومة تصورت أن الذي يستطيع أن يجيش الناس لهذه القضية يستطيع أن يجيشهم أيضا ضدها‏(‏ تقرير الحالة الدينية الجزء الثاني‏,‏ مركز الأهرام للدراسات‏).‏
لا يمكن ان تكون الحكومة علي هذا المستوي من السذاجة‏,‏ ولا يعقل أن تكتشف فجأة قوة الإخوان فتكيد لهم‏.‏
وتستمر المعالجة السطحية فيما يقوله المرشد العام عن الأفق المستقبلي للصراع مع السلطة والصدام الذي يكتوي الإخوان بنيرانه‏:‏ نحن نعمل حتي يأتي فرج الله‏!(‏ المرجع السابق‏).‏
قد يكون مثل هذا النمط من التفكير سديدا علي المستوي الفردي‏,‏ لكن الادارة السياسية الرشيدة تعي أن فرج الله رهين بإدارة البشر ووعيهم‏.‏
ويصل التبسيط إلي ذروته في مقولة تختزل الصراع وتستطحه‏:‏ المسألة ببساطة اننا أناس تعاديهم الدولة‏,‏ فإما أن يكون هؤلاء الناس علي خطأ وإما أن تكون الدولة علي خطأ‏(‏ نفسه‏)‏
لماذا لا تكون قيادات الإخوان مسئولة؟ ولماذا لا يكون الخطأ مشتركا بين السلطة والإخوان معا؟‏!‏ نمط التفكير هنا ليس سياسيا أو عقلانيا أو عمليا‏,‏ ويخلو من المرونة والإدراك الحقيقي لطبيعة الواقع السياسي في مصر‏.‏
يختلف الأمر جذريا عند مختار نوح‏,‏ فهو من دعاة الوفاق بين الدولة والجماعة‏,‏ وتنهض فكرته من منطلق عملي علمي‏:‏ عملي يدرك خصوصية الحياة المصرية‏,‏ وعلمي يؤمن بأن السياسة ليست صراعا مطلقا بين الخير والشر‏.‏ يقول نوح‏:‏ الحل في خلق واقع من التراضي‏,‏ وليس شكلا قانونيا‏,‏ فالواقع لدينا أهم من الشكل‏,‏ فيحدث أحيانا أن يكون هناك شكل حزبي قانوني‏,‏ ولكن علي الجانب الآخر هناك واقع تصادمي مع هذا الحزب‏(‏ الشكل القانوني‏),‏ وفي دول العالم الثالث ينتصر الواقع ويغلق الحزب‏,‏ ولذا ينبغي التركيز علي الأساس الذي يتيح الحركة وليس الشكل‏..‏ أنا أريد أن تكون العلاقة بين الإخوان والدولة مركزة علي قضية الترخيص أو التصريح بالعمل في إطار قانوني للجماعة‏,‏ ولكن أريد التركيز علي أن يكون هناك واقع تراض ومناخ صحي بين الطرفين‏,‏ فمع وجود التراضي دون وجود الشكل القانوني سأضمن البقاء‏,‏ ولكن في ظل وجود شكل قانوني دون تراض‏,‏ فأنت لا تضمن أي شئ‏.(‏ محضر نقاش مع‏:‏ مختار نوح‏).‏
تختلف أو تتفق مع هذه الرؤية‏,‏ ولكنها تبقي رؤية متوازنة لا تتعالي علي الواقع‏,‏ ولا تقنع بشعارات غير قابلة للتنفيذ البطولة عنده لطبيعة الممارسة‏,‏ ولا مفر من التوازن والتنازل‏,‏ ولا معني لصدام غير متكافئ يفضي بالضرورة إلي هزيمة جديدة وخسائر جسيمة‏.‏
من المرتكزات المهمة في رؤية نوح‏:‏ إزالة عناصر الالتهاب وتمهيد الطريق لميثاق جديد في التعامل بين الدولة والجماعة‏.‏
ويطالب بتلاقي سلبيات الماضي‏:‏ فقد أصبحت مقتنعا بأهمية جمع المعلومات قبل أن ابدأ في الحركة‏,‏ بمعني أن لدي استعدادا للصبر مائة عام قبل أن أتحرك بجهل علي الصعيد المعلوماتي‏,‏ وهذه من وجهة نظري نظرية جديدة‏:‏ جمع المعلومات مقدم علي بداية الحركة‏.‏ ويصل الدكتور عصام العريان إلي اعتقاد بضرورة تطوير برامج الإخوان وخطط عملهم لاعتماد المصالحة مع النظم الحاكمة والمشاركة مع القوي السياسية وهذا شرط أساسي للإصلاح‏(‏ محضر نقاش مع‏:‏ عصام العريان‏).‏ لا تروق مثل هذه الأفكار الإصلاحية الجريئة للحرس القديم بطبيعة الحال‏,‏ ذلك أنهم قانعون بميراثهم ومتشبثون به لا شك في رفضهم لما يقوله أبو العلا ماضي لا يوجد تنظيم في الدنيا يعيش خارج نسق النظام‏.‏
ويواصل أبو العلا حملته النقدية‏:‏ لا يوجد أي أسلوب للمحاسبة‏,‏ ولا توجد أدني شفافية في الجانب التمويلي‏,‏ لدرجة أن أعلي قيادة في الجماعة كانت لا تعرف شيئا في بعض الأحيان حول بعض بنود صرف الأموال‏,‏ وعندما كنا نثير هذا الموضوع كانوا يقولون نحن نعاني من المطاردات الأمنية‏,‏ ولا يجوز والحال كذلك أن نعلن عن مصادر تمويلنا‏.(‏ محضر نقاش مع‏:‏ أبو العلا ماضي‏).‏ ونواصل‏,‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.