انهمكت الأم في إعداد الطعام لزوجها الي ان لمحت بطرف عينيها عقارب الساعة التي كانت تشير للواحدة والنصف ظهرا فألقت ما بيديها وأسرعت لإعداد غذاء رضيعها ياسين ذي العام ونصف العام بعد ان ارتفع بكاؤه وبعد ان انتهت من ارضاعه توجهت لتلقي نظرة علي شقيقه احمد ذي الأعوام الثلاثة قبل تركهما بالشقة بمفردهما والذهاب الي السوق لقضاء احتياجاتها المنزلية واحضار صغيرتها رودينا من الحضانة بشارع مصر والسودان في حي العباسية هكذا كانت تقضي الام نهارها قبل عودة زوجها من العمل ولكنها لم تدرك ان هذه ربما تكون نظرة الوداع الاخيرة التي تلقيها علي صغيريها. لحظات الموت ثلاثون دقيقة مضت علي خروج الام من منزلها بشارع الدرديري والصغيران بمفردهما في الشقة وفجأة شعرت الام بانقباض صدرها علي طفليها فتسارعت خطواتها وفي يديها صغيرتها رودينا عائدة الي منزلها وقبل ان تطأ قدميها حيها هلعت من صوت صفير سيارات المطافئ والاسعاف الذي اصم اذنيها وما ان اقتربت بخطواتها حتي شاهدت اعمدة من الاتربة المتصاعدة في سماء المنطقة وجذب انتباهها صراخ وعويل السيدات والفتيات وتجمع حشود من المارة والاهالي حول مسكنها لتفاجيء بركام منزلها فسقطت علي الارض مغشيا عليها تلك المشاهد تروي حال ام ثكلي تقطن بعقار العباسية المنهار. ومنذ اللحظات الاولي كانت الأهرام المسائي في موقع العقار المنكوب لكشف ملابسات انهياره ولترصد لحظات الرعب والخوف ومشاهد الاسي والالم التي عاشها قاطنو المنزل واهالي الحي والعقارات المجاورة التي تضررت جراء الانهيار. وعلي بعد أمتار من الركام يجلس رجل في منتصف الاربعينيات من عمره بملابس مهلهلة يتجمع حوله الاهالي يربتون علي كتفه تبدو علي وجهه ملامح الوجوم والدهشة غير مصدق ماحل بأسرته الصغيرة ينظربعيون زائغة علي الحجارة في انتظار كلمات تطمئنه بالعثور علي طفله احمد حيا بين الانقاض وبكلمات تدغدغها الدموع يقول محمد احمد كمال: الحمد لله علي ما أصابنا انا كنت في شارع عباس العقاد بمدينة نصر اباشر عملي كفني مصاعد بإحدي الشركات الي ان وردت لي مكالمة من أحد الجيران يبلغني فيها بانهيار منزلي. ضياع أسرة وبصوت مبحوح اتهم محمد, صاحب العقار بالتسبب في ضياع عائلته وفقد طفليه تحت الانقاض بعد ان قام بتخريب اساسات المنزل المقام علي حوائط حمل بهدف هدمه واخلاء سكانه واستغلاله في بناء عقار جديد وبعبارات من الاسي ونبرات من الحزن ردد حسبنا الله ونعم الوكيل.. والتقطت منه طرف الحديث دينا مكرم شقيقة زوجته هبة قائلة الحمد لله علي نجاة ياسين وربنا يطمن قلبنا علي احمد واضافت ان شقيقتي هبة ام لثلاثة اطفال هم رودينا واحمد وياسين وتركت صغيريها بالمنزل وذهبت معها لشراء احتياجات منزلها من السوق المجاور واحضار رودينا من الحضانة وعند عودتنا فوجئنا بانهيار العقار وبعبارات حادة قالت ان شقيقتي وزوجها كثيرا ماطلبا من صاحب المنزل ياسر عبدالمؤمن اعطائهما مبلغا من المال اوتوفير سكن بديل مقابل ترك الشقة ولكنه دائما ما كان يتهرب منهما. تقاعس المسئولين ويقول كمال يوسف42 سنة مدير بضرائب الحدائق أحد مستأجري الدور الرابع بالعقار المنهار ويقيم حاليا بعين شمس بعد ان خاف علي حياة اسرته المكونة من زوجته سناءعوض وكيلة مدرسة ونجليه يوسف وماجد من انهيار المنزل, إنه كان يتردد بين الحين والاخر علي المنزل للاطمئنان علي عفشه, مشيرا الي ان مساحته90 مترا وكان مكونا من خمسة طوابق كان يقيم بالدورين الاول والثاني صاحب العقار والثالث العائلة المنكوبة والخامس جون قرياقص وزوجته وانه مبني علي حوائط حمل وسبق قيامي بتحرير في النيابة الادارية لتواطؤ حي الوايلي مع صاحب المنزل وقيامهم بقطع المرافق عن المنزل لإجبار قاطنيه علي اخلائه لاستغلال قطعة الارض. واضاف ان المنزل صادر له قرار تنكيس وترميم في عام2012 الا ان مالكه قام بتقديم تظلم املا في إصدار قرار إزالة حتي صدرت له رخصة هدم. ويقول قرياقص لوس والد جون مستأجر شقة بالدور الخامس ان صاحب المنزل ياسر عبدالمؤمن يحاول هدمه منذ4 سنوات من خلال ترك المياه مفتوحة في الطابقين الاول والثاني وجلب عمال لازالة الحوائط للتأثير علي الاساسات علي امل الحصول علي قرار ازالة وحررنا ضده محضرا بالمحافظة ولم يتم البت فيها واضاف ان ابني جون الذي يعمل بمعهد اعداد القادة وزوجته مريم فهيم مدرسة شاءت الاقدار ان يكونا خارج المنزل في اعمالهما وقت انهياره متسائلا مامصير ابني؟!!!