اقتربت عقارب الساعة من الثالثة عصرا.. كانت درجة الحرارة تصهر الأجساد من شدتها فلا يجد أهالي قرية إمياي سوي التسكع وقضاء وقت الذروة بين ساحات الأراضي الزراعية وتنسم أي هواء بالقرب من مصارف المياه للهروب من لهيبها.. وفجأة وسط حالة السكون بين الزراعات شق صراخ أحد الأشخاص. في بداية خمسينيات عمره طالبا النجدة محاولا الهروب من شابين في العشرينيات يتتبعان خطواته التي كانت تسبقهما بأربعة أو خمسة أقدام, كانت قدماه كلما انغمست في وحل الأرض يحاول الإفلات منهما لينجو بروحه.. استمر الصراع بينهم كصراع الخير والشر والحياة والموت لمدة خمس دقائق كاملة خارت خلالها قوي الرجل الخمسيني ليسقط فريسة بين مخالب الشابين بعد سقوطه برشاح المياه وأدركه الشابان وهنا.. لحظة واحدة يبدو أن الشيطان قد هرب من المكان لئلا يلام فيما سيحدث.. أمسك أحدهما برقبته بعنف واضعا رأسه داخل المياه محاولا القضاء عليه.. ثوان معدودة مضت والصراع دائر تعكرت خلاله المياه الصافية مصدر الخير حيث طفا جسم الرجل علي سطحها مستسلما للقدر كاتبا نهاية حياته داخل الرشاح.. استمر الغضب مسيطرا علي الشابين فلم يكتفيا بقتل الرجل بل قاما بإخراجه من المياه ووضعاه داخل جوال وذهبا به بعيدا.. بينما كانت تلك المشاهد تدور كانت هناك عيون خائفة تراقب عن بعد دون أن يدري بها أحد, ولكن بعد إزهاق روح الرجل الخمسيني وأثناء حملهما لجثته شاهد أحدهما من يراقبهما فقام بتهديده لعدم إفشاء سرهما وفضح أمرهما واستكملا سيرهما.. هذا المشهد لم يتم إخراجه سينمائيا بل هو واقع سطرته اعترافات الجناة وأقوال شهود العيان علي الواقعة في محضر شرطة بمركز طوخ.. كان العميد إيهاب هاشم مأمور مركز طوخ قد تلقي بلاغا من كريم عبد الله19 سنة طالب بكلية الهندسة ومقيم ب إمياي بتغيب والده عبد الله عبد الرشيد57 سنة مهندس.. بعرض البلاغ علي اللواء محمود يسري مدير أمن القليوبية أمر بتشكيل فريق بحث بقيادة اللواء عرفة حمزة مدير المباحث الجنائية والعميد هشام خطاب مفتش الأمن العام لسرعة كشف غموض الواقعة وتحديد مكان اختفاء المتغيب.. وبفحص البلاغ تبين اتهام زوجة المجني عليه ماجدة عبد السميع45 سنة أستاذة جامعية بالسعودية شقيق زوجها إبراهيم عبد الرشيد55 سنة موجه بالتربية والتعليم وأولاده كل من إسلام19 سنة طالب بكلية التربية الرياضية ومحمد26 سنة مدرس وأحمد18 سنة مجند.. وبتكثيف التحريات حول المتهمين تبين تكرار وجود الخلافات بين المجني عليه وشقيقه ومحاولاتهم التعدي عليه وقتله لأكثر من مرة بسبب وجود خلافات علي الميراث فيما بينهم.. وأثناء السير في خطة البحث التي استغرقت120 يوما تم التوصل لمعلومات وشهود رؤية لبعض الخلافات كان آخرها قبل اختفاء المجني عليه حيث شاهدوا المتغيب يعدو بين الأشجار ويلاحقه نجلا شقيقه إسلام ومحمد فقام بالقفز لتجاوز الرشاح فسقط في المياه وقام محمد بالقفز خلفه وأغرق رأسه بالمياه حتي تأكد أنه لفظ أنفاسه الأخيرة فقام بإخراجه بمساعدة شقيقه ووضعه داخل جوال بلاستيك.