تعد مرحلة الانتقال الديمقراطي أكثر المراحل خطورة في عملية التحول إلي النظام الديمقراطي نظرا لإمكان تعرض النظام فيها للانتكاسات, حيث إن هذه المرحلة تكون ذات طبيعة مختلطة تتعايش فيها مؤسسات النظام القديم والحديث, ويشارك كل من ذوي الاتجاهات السلطوية والديمقراطية في السلطة عن طريق الصراع أو الاتفاق. ولذلك فإن هذه المرحلة من مراحل التحول الديمقراطي تتسم بتنوع أشكالها خاصة أنه في إطارها تتم صياغة أساليب وقواعد حل الصراعات بطرق سلمية فبعد يناير2011, دخلت مصر مرحلة جديدة من تطورها السياسي ولكن نتيجة اختطاف تنظيم الاخوان المسلمين لمصر واختطاف ثورتها فقد فشلت مرجلة الانتقال الديمقراطي, ومنذ البداية حذرنا من هذا التنظيم الارهابي الفاشي المعادي للديمقراطية كلاعب رئيسي أو حتي وسيط مؤثر. فجماعة الإخوان مرتبطة بتنظيم دولي و ليست كما كان يشير البعض مجرد نسخة مصرية ل منظمة مارش أوف فدايمز الأمريكية الخيرية-- أي منظمة رفاهية اجتماعية أهدافها إنسانية بصفة أساسية. بل علي النقيض من ذلك, إن جماعة الإخوان هي منظمة تسعي إلي إعادة تنظيم المجتمع المصري( والمجتمع الإسلامي الأوسع نطاقا) بالقوة والعنف لأهداف سياسية ربطتها دائما بالخارج المسيطر عالميا فهم نشأوا تحت عين المخابرات البريطانية وبعد الحرب العالمية الثانية حولوا ولاءهم للسيد الأمريكي الجديد ولا علاقة لهذا التنظيم بأحلام الوطن والمواطنين بالازدهار فلا وطن ولا هوية ولا من يحزنون. ومن الناحية التكتيكية, استغل التنظيم الدموي أن الفرصة السانحة لها فيما بعد25 يناير حيث انها احجمت عن الاشتراك في25 يناير خشية فشلها فقدمت نفسها; علي انها قد تخلت عن أهدافها الأكثر طموحا والأساليب العنيفة لتحقيقها, وذلك فقط نتيجة إلزام النظام علي ذلك, وليس بمحض اختيارها. ولو حققت جماعة الإخوان قوة سياسية, من المؤكد كما حدث في فترة حكم مرسي حيث حاولت استخدام قوتها تلك لتحويل مصر إلي مكان مختلف تماما. وما شهدته مصر من بدايات النمو المخيف للطائفية بين المسلمين والأقباط وحتي الصراع الأكثر عمقا داخل المسلمين وشيوع أفكار الفاشية وممارسات الآحادية المغلفة بشعارات إسلامية ومن ثم اضطر الشعب المصري إلي تدارك الخطأ التاريخي وتصحيج اختياراته, وهكذا اضطرت مصر إلي خوض غمار مرحلة الانتقال الديمقراطي الصعبة مرة ثانية فكتبت الدستور وأقر من الشعب ثم جري انتخاب رئيس الجمهورية بأغلبية ساحقة في انتخابات حرة ونظيفة وتحويل القوة السياسية إلي قوة وطنية تقوم علي انتخاب قيادة وطنية خالصة نذرت نفسها لتحقيق إرادة الشعب في اطار من الوطنية المصرية مصالحها العليا والآن مع البدء في الانتخابات النيابية ومع انتهائها يمكن القول بأن مصر أنهت مرحلة الانتقال الديمقراطي لتستمر مرحلة التحول الديمقراطي متوقفة علي حسن اختيار الجماهير لاعضاء مجلس نوابها حيث تعتبر الانتخابات الحرة النزيهة حجر الزاوية لبناء أي نظام ديمقراطي. حينما يختار الناخبون ممثليهم, فإنهم يختارون من سيشكل مستقبل مجتمعهم. ولذا فإن الانتخابات عامل مهم في تعزيز ودعم قوة المواطنين العاديين: فهي تسمح لهم بالتأثير في السياسات المستقبلية لحكومتهم, وبالتالي في مستقبلهم هم أنفسهم. ويحسب للقيادة السياسية إصرارها علي نهو مرحلة الانتقال الديمقراطي في تلك الظروف الصعبة حيث تتكالب علي مصر قوي الظلام الإرهابية من تنظيم الإخوان وتناسلاته القاعدية والداعشية. وتمثل الانتخابات النيابية المقبلة أول اختبار جاد لقوة الأحزاب السياسية المصرية وقدراتها التنظيمية بعد ثورة30 يونيو المجيدة, فالمناخ السياسي الذي تجري فيه الانتخابات يعد الأكثر تنافسية مع انهيار ثنائية الحزب الوطني والإخوان المسلمين من العملية السياسية,, وتوافر ضوابط مهمة لنزاهة العملية الانتخابية, مثل تحجيم القيود الأمنية, والإشراف القضائي الكامل, ومراجعة الكشوف الانتخابية. خبير في الشئون السياسية والاستراتيجية