يوم 17- 1- 1869م، وقف الخديوى إسماعيل أمام خيمة تتوسط خيمتين صممت بلمسات أوروبية تتناسب مع مكانة ضيوف تلك المناسبة العالمية. لقد شبك يديه خلف ظهره ومال إلى الخلف مبتهجا عندما اقتربت السفينة الفرنسية (ليجل) التى كانت تقل معشوقته (أوجيني) إمبراطورة فرنسا! فى اليوم السابق كانت الإحتفالات بافتتاح قناة السويس قد بدأت، حيث بارك الشيخ ابراهيم السقا المناسبة بدعاء إسلامى، أعقبته مباركة مسيحية ألقاها (المونسيتور برير) واعظ إمبراطور فرنسا. (1) يوم 17- 1- 1869م، وقف الخديوى إسماعيل أمام خيمة تتوسط خيمتين صممت بلمسات أوروبية تتناسب مع مكانة ضيوف تلك المناسبة العالمية. لقد شبك يديه خلف ظهره ومال إلى الخلف مبتهجا عندما اقتربت السفينة الفرنسية (ليجل) التى كانت تقل معشوقته (أوجيني) إمبراطورة فرنسا! فى اليوم السابق كانت الإحتفالات بافتتاح قناة السويس قد بدأت، حيث بارك الشيخ ابراهيم السقا المناسبة بدعاء إسلامى، أعقبته مباركة مسيحية ألقاها (المونسيتور برير) واعظ إمبراطور فرنسا. مال أحد الضيوف الفرنسيين نحو رفيقته قائلا: أنا لم أر الخديوى مبتهجا مثلما أراه الآن! أبسبب هذه المناسبة، أم بسبب وصول الإمبراطورة؟ اجابته رفيقته: إنه الحب! الذى يبدو انك نسيته؟ الخديوى مغرم بالإمبراطورة، وهى معجبة به ثم تنهدت: اه يا عزيزي. لا شئ يبهجنا نحن النساء مثلما يبهجنا مغرم متيم يهيم بنا. رد رفيقها الذى لا يبدو أن تعليق رفيقته قد أعجبه: كلهم مثل سلاطينهم تستويهم النساء. كل النساء! فى تلك المناسبة عبر الخديوى عن هيامه بالإمبراطورة- عمليا- بقصر بناه خصيصا لإقامتها، ورومانسيا بالأوبرا لتسليتها، أما هوس الغريزة فقد جسده بمبولة مصنوعة من الذهب الخالص لتتبول فيها بغرفة نومها! فلم يكن إلحاق حمام ودورة مياه بغرف النوم قد ابتكر بعد. المبولة تتصدرها ياقوتة حمراء وعبارة منقوشة بالفرنسية تقول: عيناى ستظل معجبة بك إلى الأبد!. ضيوف ذلك الحفل من أباطرة، ورؤساء ووزراء من مختلف أقطار العالم، ولكن لم يكن من بينهم عربى أو مسلم سوى الأمير عبدالقادر الجزائري، الذى ألقى سلاحه، وأنهى عداءه للفرنسيين. لم يكن من بين المدعويين رئيس أو مسئول عربى واحد، لأنه ببساطة شديدة لم يكن هناك قطر عربى أو إسلامى مستقل لايتبع الدولة العثمانية! باستثناء المغرب التى لم يطلها التسلط العثماني! (2) تركت الحرب العالمية الثانية ليبيا مجرد إطلال دكتها قنابل الحلفاء ودبابات المحور، التى زرعت صحراءها بتناوب كرهما وفرهما بألغام قاتلة مازالت قائمة حتى الآن، كانت ليبيا مجرد حيز أجرد يعبث فيه الفقر والجوع والعراء والمرض، ثم زاد غياب المطر عامين متتاليين من المأساة فعم القحط والفاقة. فى يوم 18- 9- 1947م وصلت ميناء بنغازى باخرة مصرية اسمها (فوزية) كانت محملة بالمؤن، والأغطية، والأدوية، يطل من دكتها أطباء شباب تطوعوا لمعالجة إخوانهم الليبيين. لقد استقبلها الأهالى بفرح، صورة شاعر الوطن احمد رفيق المهدوي، فى حفل تكريم الوفد المرافق للباخرة، الذى أقامته جمعية عمر المختار، فقال قصيدته التى مطلعها: عليك يامصر بعد الله نعتمد أنت الرجاء وأنت الغوث والسند الحديث عن دور مصر الجبار فى حياة هذا الحيز الذى أسميناه العالم العربي، وأيضا الإسلامى لايستوعبه عمود محدد بعدد من الكلمات، وإنما يحتاج الى مجلدات تجيب عن عدد من اسئلة بسيطة: عن دورها فى التعليم من بعد التجهيل المتعمد الذى تركه الحكم العثماني؟ عن دورها فى الاقتصاد الزراعى والخدمى والإقتصادى الثقافي؟ عن دورها فى التصدى للتمدد الصهيوني؟ دورها فى الفزعة الحقيقية، عند الكوارث التى يمتحن بها الله جيرانها؟ اين نزح العراقيون، والسوريون. والليبيون؟ وأين يلجأ الفلسطينيون، واللبنانيون وقت أزماتهم؟ فهل بعد ذلك تتصورون أن ثمة حلا لأية أزمة عربية من دون حضور مصر البهية؟ (3) لماذا أقول لكم ذلك؟ لأنه قيل من قبل: لاحرب من دون مصر ولا سلام من دون سوريا ولكن الصحيح فى تقديرى أنه لاحرب ولا سلم من دون مصر العظيمة!