لا خلاف علي أن عودة الرئيس الشرعي لليمن عبد ربه منصور هادي لممارسة مهام منصبه كرئيس للدولة غيرت كثيرا من ملامح الصورة لما يجري من أحداث في اليمن بعد استعادته لزمام المبادرة بعد عودته من الإقامة الجبرية التي فرضها عليه الحوثيون منذ شهر باستخدام القوة, وغير من قواعد اللعبة للصراع الدائر علي السلطة بين الحكومة الشرعية من ناحية وبين جماعة أنصار الله الشيعية المدعومة من إيران. فقد أحبط خطوة الحوثيين المزمعة لتشكيل مجلس رئاسي في محاولة منهم لإضفاء الشرعية علي انقلابهم, وقذف بالكرة مرة أخري في ملعبهم, ووضعهم علي المحك من جديد, بعد أن كادوا يضعوا الشعب اليمني والعالم أمام أمر واقع باستيلائهم علي السلطة في هذا البلد. لقيت هذه الخطوة ترحيبا يمنيا وإقليميا ودوليا لإعادتها الأمور إلي نصابها, وقللت ولو بشكل مؤقت من خطر تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة, ووضعت حدا لحرب مذهبية محتملة لا أحد يعلم بالضبط متي تنتهي بين السنة الذين يشكلون أغلبية كبيرة والتي كانت تمثلها السلطة الشرعية للبلاد وبين أقلية مذهبية شيعية مدعومة من طهران نجحت في الاستيلاء علي السلطة في انقلاب مدبر. هادي أعلن رفضه الفوري لكل القرارات التي اتخذها الحوثيون منذ احتلالهم صنعاء في21 سبتمبر واعتبرها باطلة ولا شرعية لها. وحض المجتمع الدولي علي رفض الانقلاب الذي نفذته هذه المليشيات. وهو ما أكده فهد سلطان عضو المنتدي السياسي اليمني لوكالة الأنباء الفرنسية بقوله أن أهم ما في سفر الرئيس هادي إلي عدن هو استعادة القرار السياسي وهو ما يعني نزع الشرعية عن جماعة الحوثي تماما, والأهم من ذلك اعتبار ما قامت به انقلابا وكل ما قامت به منذ21 سبتمبر الماضي وحتي اليوم لاغيا, ويضعها في حصار شديد. مسيرات التأييد الحاشدة خرجت تعلن دعمها لهادي وللشرعية الدستورية في أغلب المحافظات اليمنية, مطالبة بإسقاط الانقلاب الحوثي, رافعة شعارات منددة بالحوثيين. علي الصعيد العربي أعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية من جانبها أمس الأول أنه تقرر مناقشة موضوع تطورات الأوضاع في اليمن خلال اجتماعات الدورة143 لمجلس الجامعة علي مستوي وزراء الخارجية العرب والمقررة بالقاهرة يومي9 و10 من مارس المقبل, للتوصل إلي تسوية للأزمة اليمنية. من جانبه اعتبر المحلل ماجد المدهاجي أنه نجاح الرئيس في مغادرة صنعاء قلب الطاولة علي جميع الأطراف, فيما رأي نبيل شرقية المتخصص في شئون اليمن أن خروج هادي يرسم للمرة الأولي تغييرا في موازين القوي لصالح الدولة وعلي حساب الحوثيين, مؤكدا أن هادي الذي انتخبه سبعة ملايين صوت في21 فبراير2012, يمثل الشرعية علي المستويين الداخلي والدولي. في الوقت نفسه دعا عبده الجندي المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام أحزاب تكتل المشترك وفي مقدمتهم التجمع اليمني للإصلاح, إلي المشاركة الفاعلة في حوار المكونات السياسية الذي يجري تحت إشراف المبعوث الأممي لليمن جمال بن عمر, والذي أوشك علي الانتهاء من جدول أعماله, وطالب الأحزاب بعدم ربط ما يجري في المفاوضات باستئناف هادي لمهام منصبه الرئاسية, مطالبا الرئيس باحترام استقالته وعدم العودة إلي السلطة إلا بقرار من نواب الشعب. ورغم أن هادي لم يطرح خلال اجتماع ضم قيادات سياسية جنوبية وعسكرية وأمنية بينهم محافظي عدن ولحج وأبين فور وصوله إلي القصر الجمهوري بالمدينة أمس الأول بعد تمكنه من الهرب من الحصار الذي فرضه عليه الحوثيون منذ شهر موضوع تحويل المدينة إلي عاصمة مؤقتة لليمن, وأكد أن القرارات التي اتخذت عقب21 سبتمبر غير شرعية ولن يتم العمل بها. فيما اتفق المشاركون في الاجتماع بما فيهم الحراك الجنوبي علي مواصلة اللقاءات والتحركات السياسية بهدف تشكيل موقف سياسي موحد من تطورات الأحداث في البلاد لدعم الأمن والاستقرار وحماية المصالح العامة. وكانت دعوات أطلقها سياسيون مقربون من هادي باحتمال إعلان عدن عاصمة مؤقتة لليمن قد أثارت غضب سياسيين جنوبيين أبدوا سخطهم من تجاهل الرئيس لقضيتهم ونضالهم. ..ردت عليها الهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال برئاسة القيادي في حزب رابطة أبناء اليمن عبد الرحمن الجفري بالرفض, موضحة أن الشعب الجنوبي يرفض رفضا قاطعا تحول عدن إلي مكان لحرب مذهبية أوعاصمة مؤقتة للمتهمين بارتكاب أبشع الجرائم ضد الشعب الجنوبي ولا مكانا لقوي الاحتلال التي عبثت بالجنوب للعودة لارتكاب جرائم جديدة أو لمن هزموا في صنعاء علي أيدي الميليشيات الشيعية من أتباع عبدالملك الحوثي, رغم ترحيبها بوجود الرئيس هادي في عدن باعتبارها وطنه الحقيقي. الكتلة البرلمانية الجنوبية من ناحيتها أكدت أن وصول هادي إلي عدن هو بمثابة إلغاء للاستقالة التي قدمها تحت ضغط جماعة الحوثي, داعية الرئيس إلي ممارسة مهامه بشكل عادي.. مؤكدة أن ما أقدم عليه الحوثيون من إجراءات لا شرعية لها يجب التراجع عنها دون قيد او شرط, والإفراج عن رئيس الوزراء خالد بحاح والوزراء والناشطين المناهضين لها. موضحة أن الحوارات التي تجري برعاية المبعوث الأممي جمال بن عمر لن تفضي إلي أي شيء مطالبة القوي السياسية الانسحاب من هذه الاجتماعات التي وصفتها بالعبثية.