لحق الإسبان باليونانيين في ثورتهم علي التقشف الإجباري المفروض عليهم من جانب دول الاتحاد الأوروبي بخروجهم في مظاهرات حاشدة غاضبة ضمت آلاف المتظاهرين في شوارع مدريد أمس السبت للتعبير عن دعمهم لحزب بوديموس المعروف بميوله اليسارية المتطرفة والمناهض في الوقت نفسه لهذه السياسة المؤلمة, يرددون هتاف نعم نستطيع بينما كانوا يتوجهون من مبني البلدية إلي ساحة بورتا ديل سول وسط المدينة. الحاجة إلي التغيير, والتمرد علي الذل والهوان, والرغبة في التصدي للفساد والسرقة التي يمارسها الكبار الذين استباحوا كل شيء لأنفسهم وتركوا العاطلين من دون سند ومن دون أن يحصلوا علي أقل القليل, واليأس من تحسن الأحوال في ظل الطبقة التقليدية للقادة السياسيين الحاليين.. كلها أمور دفعت بالإسبان للخروج إلي الشارع فيما يمكن وصفه بالربيع الإسباني قياسا علي ثورات الربيع العربي التي مازالت أصداؤها ونتائجها المأساوية تتداعي في دول حوض المتوسط العربية وإن كان اصطبغ باللون الأحمر. 260 حافلة شاركت في نقل المشاركين في المسيرة من أنحاء إسبانيا إلي العاصمة التاريخية بينما قرر سكان مدريد استضافة المتظاهرين القادمين من مدن نائية في إشارة إلي حالة الغليان التي بلغت حد الخطر ضد سياسة رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي, ومدي الشعبية الجارفة والدعم الشعبي الذي يحظي به حزب بوديموس. صورة بابلو إيجليسياس الأستاذ الجامعي السابق-36 عاما- زعيم حزب بوديموس اليساري الذي تأسس منذ عامين فقط تصدرت المشهد في المظاهرات الحاشدة إلي جانب صورة إليكسيس تسيبراس رئيس الوزراء اليوناني الحالي الذي تم انتخابه منذ أقل من أسبوع بأغلبية كبيرة في اليونان بعد تزعمه مظاهرات مشابهة في بلاده لدعم إيجليسياس خلال حملته الانتخابية المقبلة. الشعب الإسباني سار علي نهج اليونانيين في دعم زعيمه اليساري أملا في التصدي للفساد ورفضه برامج التقشف التي تهدف الي اخراج البلدين من الأزمة الاقتصادية المزمنة. وعلي غرار نظيره اليوناني يسعي بوديموس إلي منع الشركات الإسبانية التي تحقق أرباحا من فصل الموظفين, كما يسعي للمطالبة بإلغاء المستشفيات الخاصة للعودة إلي نظام الرعاية الصحية الحكومية, ورفع الحد الأدني للأجور بشكل كبير. ولعل سلسلة فضائح الفساد التي تم الكشف عنها مؤخر إسبانيا وخفض الإنفاق العام من جانب الحزب المحافظ الحاكم, ومن جانب الاشتراكيين قبله بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية في2008 كانت سببا في استحسان الإسبان الغاضبين لبرامج بوديموس المعلنة. ورغم خروج إسبانيا النسبي من حالة الركود بعد تسجيل اقتصادها نموا يقدر ب1.4% عام2014, فإن مشكلة البطالة مازالت تطل بوجهها القبيح علي البلاد ولايزال واحد من كل أربعة أشخاص عاطلا عن العمل, مع انخفاض الرواتب. ومثلما حذر رئيس الوزراء اليوناني أنتونيوس ساماراس الناخبين اليونانيين- بلا جدوي- من عواقب دعم إليكسيس تسيبراس في الانتخابات التشريعية الأخيرة فقد حذا راخوي حذوه حيث حذر الإسبان من لعب الروليت الروسي بدعم حزب بوديموس مشككا في قدرته علي الوفاء بوعوده بقوله أنه يعد بالقمر والشمس لكنه لن يفي بوعوده.