بالقرار الصادر عن محكمة جنايات القاهرة, نهاية الأسبوع الماضي, يكون علاء وجمال قد أمضيا ما يزيد علي ألف يوم في السجن, بدءا من صدور أول قرار بحبسهما في28 فبراير من العام2011, وانتهاء بقرار الإفراج عنهما علي ذمة قضية القصور الرئاسية الخميس قبل الماضي. في ساعة متأخرة من ليلة الاحد الماضي, وفيما كانت مصر تلملم أشلاء ضحاياها الذين سقطوا في المواجهات التي أشعلتها جماعة الإخوان, وبعض المراهقين الثوريين, في الذكري الرابعة للثورة, كانت سيارة فاخرة, تقل نجلي مبارك, من مقر احتجازهما في منطقة سجون طرة, ليتوجها إلي منزل خاص بالعائلة, بعد غياب استمر لنحو أربع سنوات, تصدرت خلالها صور الوريث وشقيقه صفحات الجرائد وشاشات الفضائيات, كمتهمين رئيسيين في قضايا تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ, وهما اللذان كانا حتي وقت قريب للغاية ملء السمع والبصر, وكان أحدهما يعد لخلافة أبيه علي عرش مصر ربما لم يصدق جمال مبارك نفسه, عندما توقفت تلك السيارة السوداء, أمام منزله في28 فبراير من العام2011, وضابط شرطة كبير يطلب منه بأدب شديد أن يغادر معه بهدوء, تنفيذا لقرار صدر حينها عن النائب العام, يقضي بمنعه وشقيقه علاء من السفر, والتحفظ علي أمولهما, وحبسهما علي ذمة التحقيق في قضايا تتعلق باستغلال النفوذ والتربح والاستيلاء علي المال العام. تبدو قصة جمال مبارك اقرب ما تكون الي الدراما الاغريقية القديمة, فقد بدت السنوات الاخيرة من حياته في القصر الرئاسي, أقرب ما تكون إلي كابوس, سرعان ما تحول الي حقيقة, ففي24 مايو من العام الأول للثورة, وبينما كانت الميادين تغلي بالغضب, أحيل علاء وجمال للجنايات من جديد, للمحاكمة في قضية الفيلات, لتلتقط عدسات المصورين, أول صورة للوريث وشقيقه وهما يرفلان في ملابس سجن الاحتياط البيضاء إلي داخل القفص, في مشهد لن ينساه المصريون لفترة طويلة من الزمن, للرئيس المحتمل. كان جمال مبارك, هو الرئيس الذي يجري إعداده لخلافة مبارك في حكم مصر, وفي سبيل ذلك, عاشت مصر سنوات عجاف, ارتفعت فيها الأسعار علي نحو غير مسبوق, فيما كانت خزائن البنك المركزي تمتلئ بمليارات العملة الصعبة, كاحتياطي نقدي ظل مبارك يراكمه, ليس من اجل الحفاظ علي تماسك العملة الوطنية, وانما لتغطية نفقات كلفة تنصيب ابنه, وقد كان يعلم اكثر من غيره انها ستكون باهظة, اذا ما عارض الجيش الخطوة, ولم يباركها كبار الجنرالات, الذين جرت الإطاحة بهم لاحقا, بعد وصول الإخوان الي القصر الرئاسي, وفي ذلك قصة كبيرة تروي في وقت لاحق. في يونيو من العام2012 صدم الرأي العام, بانقضاء الدعوي الجنائية في قضية فيلات شرم الشيخ, لتنقلب الصورة رأسا علي عقب, ويتحول مبارك ونجليه من متهمين في حزمة من القضايا إلي أبرياء مع إيقاف التنفيذ. صحيح ان إخلاء سبيل نجلي مبارك علي ذمة قضية القصور الرئاسية, قد أصاب كثيرا من المصريين بالإحباط, لكن ذلك لا يعني براءتهما النهائية, إذ لا تزال قضية أخري هي أسهم البورصة, سوف يطالع فيها المصريون, ربما للمرة الأولي بعد سنوات, نجلي مبارك وهما بملابسهما العادية, داخل قفص الاتهام. لا تزال هناك جولات جديدة, سوف يلعب خلالها جهاز الكسب غير المشروع, دورا كبيرا, خاصة بعد تسرب معلومات عن نتائج التحريات التي تسلمها الجهاز, حول الثروات التي يمتلكها جمال وعلاء مبارك, والتي تشير إلي امتلاكهما ودائع مالية ضخمة في عدد من البنوك السويسرية, إلي جانب بعض العقارات في عواصم أوروبية, وهي معلومات لو صحت فإنها سوف تعيد الوضع إلي النقطة صفر من جديد.