لا تزال قضية عمالة الأطفال بالإسماعيلية تمثل خطورة كبيرة علي المجتمع, حيث تفضل بعض الأسر بالأحياء الشعبية والقري عدم استكمال أبنائهم مرحلة التعليم الابتدائي ويدفعون بهم لسوق العمل بالورش الحرفية وجمع الخضر والفاكهة بسبب أوضاعهم المادية الصعبة لكنهم لا يدركون مغبة ما يفعلون تجاه أولادهم فلذة أكبادهم حيث يلجأ عدد منهم لتعاطي المواد المخدرة بمختلف أصنافها والانضمام للعصابات الإجرامية والتسول في الشوارع يقول السيد عبد الله موظف- إن هناك أسرا تنزح من بعض المناطق الريفية بالإسماعيلية ويتجمعون في الميادين المهمة وبيع مناديل اليد والبخور وللأسف يؤلمني مشاهدة الأطفال وهم يتنقلون بين السيارات اسفل كوبري الثلاثيني والممر وشوارع إبراهيم سلامة ومجمع المحاكم وأمام المصالح الحكومية وشركات القطاع الخاص والمساجد والبنوك. ويضيف محمد عبد الواحد مدرس- أن تشغيل الأطفال أمر خطير للغاية يجب التصدي له خاصة في الورش الحرفية كالحدادة والخراطة وسمكرة السيارات والنجارة التي يلجأ أصحابها للاستعانة بهم لانخفاض أجورهم وقدرتهم علي إنجاز المهام الموكلة إليهم التي يصعب علي الكبار تنفيذها مثل نقل المعدات وتنظيف الورشة وقضاء الاحتياجات الخارجية فضلا عن وجودهم لساعات طويلة دون الحصول علي راحة وبالتالي يتعرضون لأمراض مزمنة في الصدر والعين وتجد بعضهم نزيلا للمستشفيات ويدفع آباؤهم الثمن غاليا لأنهم هم السبب الأساسي في خروجهم للبحث عن المال. ويشير أحمد مدبولي محاسب- إلي أنه لابد أن تلعب مؤسسات المجتمع المدني دورها بالتعاون مع مديرية التضامن الاجتماعي والقوي العاملة لمواجهة الأزمة التي تعيشها بعض الأسر محدودة الدخل عندما يتسرب أبناؤهم من التعليم الابتدائي والإعدادي للعمل في الورش الفنية والمحال التجارية والمطاعم ومع الكافيتريات ومقاولي البناء مقابل مبالغ مالية زهيدة لا تتناسب مع الجهد الذي يبذلونه وللأسف هناك من ينحرف ويتعلم تعاطي المواد المخدرة وهو في سن صغيرة ويستغلهم تجار الكيف في ترويج المخدرات علي المدمنين. ويوضح مجدي عبد الحليم- مهندس زراعي أن الأطفال الذين يطلق عليهم النباشين أصبحت مهنتهم الحالية جمع المخلفات البلاستيكية والورقية وفوارغ المعلبات وهؤلاء يحملون الأمراض المعدية في أجسادهم سواء الجلدية أو الصدرية وفي الجهاز الهضمي وعدد منهم يمارس الإجرام متسترا في هذا الوضع حيث يقومون بالسرقة ولابد من وضعهم تحت الرقابة المشددة خاصة من يسهر منهم بعد نصف الليل بحجة جمع القمامة. ويؤكد أيمن زهران باحث اجتماعي- أن نحو10 آلاف طفل بالإسماعيلية يعملون بالورش والمصانع الصغيرة والمزارع جميعهم من المتسربين من التعليم وينتمون للأسر الأكثر فقرا والأيتام الذين أهمل رعايتهم في غيبة من المسئولين عن لجان التفتيش بمديرية القوي العاملة التي لم تفكر في بحث أوضاعهم ومحاسبة عائلاتهم التي تركتهم عرضة للأمراض المهنية وجميعهم تتراوح أعمارهم ما بين8 و13 عاما يعملون في ورش إصلاح السيارات والمعدات والنجارة وتغليف وتعبئة المواد الغذائية وحظائر المواشي والدواجن والمزارع ويحصلون علي أجر زهيد في ساعات عمل طويلة ويتركزون في مناطق حي السلام والحكر والشهداء وعدد من القري التابعة لمراكز ومدن القنطرة شرق وغرب وفايد والتل الكبير. ويتابع أسامة عبد الرحيم صيدلي- أن بعض الآباء يفرضون علي أبنائهم الصغار من الجنسين العمل في خدمة المنازل وهذا يكثر في المناطق الريفية عن طريق مكاتب سمسرة تغري أولياء الأمور بالحصول علي عائد مادي في حالة الاستعانة بأولادهم في هذه المهنة وهم لا يعنيهم إهدار حقوقهم الآدمية وانتهاكها عند العمل لدي الغير الذي غالبا لا يحسن التعامل معهم, وأعرف عددا من الأسر الثرية تغلق الأبواب علي الصبية الصغار أثناء سفرهم لقضاء إجازاتهم الأسبوعية في المناطق السياحية ويقومون بتعذيبهم بدنيا الذي يصل الي حد الحرق وحلق الشعر والضرب المبرح ويري علي نجم الدين أستاذ جامعي- أن الوضع الاقتصادي الصعب جعل بعض الأسر محدودة الدخل في الفترة الأخيرة تنهي علاقة أبنائهم بالتعليم وتدفعهم للعمل في الأسواق كباعة جائلين أو داخل الورش المهنية والحقول الزراعية من أجل توفير عائد مادي يعينهم علي توفير متطلبات الحياة وهؤلاء يدركون أن أولادهم أصبحوا قنابل موقوتة نظرا لإدمان بعضهم تعاطي البانجو والحشيش والحبوب المخدرة في أعمار لا تتعدي الخامسة عشر ويتحولون عند وصولهم لسن الشباب لعناصر إجرامية ويتم ملاحقتهم أمنيا والزج بهم في السجون. ومن جانبه قال اللواء محمد جاد مدير إدارة البحث الجنائي بالإسماعيلية إن منع عمالة الأطفال يقع علي عاتق الكثير من الأجهزة المعنية ونحن لا نتواني في شن الحملات للقضاء عليها بين الحين والآخر وتحرير محاضر ضد من يستعين بهم للعمل لديه. وأضاف أن القانون منع كل من هو أقل من أربعة عشر عاما للعمل لدي الغير وفق المادة64 التي تحظر تدريبهم قبل بلوغهم12 عاما والمادة65 تنظم اللائحة التنفيذية لنظام تشغيلهم والظروف والشروط والأحوال التي يتم العمل بها. وأشار جاد الي أنه يوجد لدينا إدارة للأحداث مهمتها رصد أي مخالفات لدي أصحاب الورش الحرفية والمحال التجارية واتخاذ جميع الإجراءات حيالهم إذا ثبت استعانتهم بالأطفال للعمل لديهم. وأوضح أن بعض الأسر لا يعنيها الوضع السيئ الذي يترتب علي دفع أبنائهم للعمل بعد تسربهم من التعليم بحجة الاعتماد علي أنفسهم مبكرا. وأكد أن بعض العصابات الإجرامية والعناصر الإرهابية يستعينون بالصبية الصغار الذين أهملتهم عائلاتهم وتركتهم في الشوارع حيث سقط بين أيدينا العديد منهم وتم تحويلهم للنيابة التي أودعتهم بمؤسسات الأحداث.