أكد الدكتور محمود الجمال خبير نظم الطاقة الكهربائية أن مشكلة الطاقة في مصر معقدة ولا يوجد حل سريع ووقتي لها وتتحمل مسئوليتها حكومات مصر المتعاقبة. وأن حلها يتطلب وضع استراتيجية واضحة علي عدة محاور متوازية بهدف تأمين احتياجات البلاد من قدرات توليد كهرباء تقدر ب75 ألف ميجا وات في عام2030( بنسبة زيادة تصل إلي250%), وذلك بتنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية مع الاعتماد علي مصادر الطاقات المتجددة لتبلغ نسبة مساهمتها من الطاقة الكهربائية المولدة20% وإتمام حلم المشروع النووي بالضبعة بقدرة تغطي نسبة10% من إجمالي الإنتاج مع مضاعفة مساهمات المحطات المائية لتبلغ6% عن طريق مشروع منخفض القطارة و مشروعات قناطر نهر النيل مع وضع خطة رشيدة لترشيد الاستهلاك بنسبة مستهدفة تصل إلي20% كما أكد أهمية تحديث الشبكة الموحدة لنقل الكهرباء بإدخال تقنيات نظم التحكم الحديثة للقضاء علي احتمالات الإظلام التام للشبكة مع النمو المطرد في الاحمال الكهربائية و تنامي حجم الشبكة لتغطية الزيادة المتوقعة لتلك الاحمال. وأوضح الجمال ان هناك أربعة عوامل تضافرت معا مخلفة وراءها أزمة الكهرباء في مصر. الأول وزارة البترول, حيث توقفت عجلة الإنتاج في العديد من شركات النفط العالمية العاملة في مصر منذ2011 بسبب عدم اليقين السياسي والاقتصادي وأزمة الديون التي تعصف بقطاع الطاقة مما اضطر مصر لاستيراد الغاز الطبيعي لسد الفجوة بين الإنتاج و الاستهلاك مع بداية السنة المالية الحالية, و يضاف إلي ذلك أن تعويض النقص في إمدادات الغاز الطبيعي أدي إلي استخدام المازوت كبديل مما أثر علي كفاءة محطات الكهرباء و زيادة معدلات الأعطال بها. أما العامل الثاني في الأزمة فيرجع إلي وزارة الكهرباء و الطاقة ذاتها حيث توقف تنفيذ الخطة الخمسية20172012 لإنشاء محطات توليد الطاقة الكهربائية لتلبية الاحتياجات المتزايدة من الكهرباء بسبب الأزمة السياسية في مصر في أعقاب ثورة25 يناير لسنة2011, و لم تستطع الحكومة المصرية التوسع في انشاء المحطات التي يملكها القطاع الخاص بنظامBOT, وذلك لأن الشركة القابضة تشتري من هذه المحطات بالسعر العالمي وتبيع للمستهلك بالسعر المدعم وبالتالي اصبح التوسع في انشاؤها مكلف اقتصاديا ويضاف إلي ذلك فشل جهود قطاع إدارة الطاقة بوزارة الكهرباء في التوعية بعملية الترشيد ودعم مشروع اللمبات الموفرة للمنازل بسبب تدني أسعار الكهرباء في مصر, واستسهال الناس ذلك. أما العامل الثالث فيرجع إلي دور الحكومة المصرية التي اعتمدت علي مدي السنوات السابقة علي الاقتراض من صناديق التنمية العربية والافريقية والاوربية لتمويل التوسعات المستقبلية في محطات الطاقة ومع هبوط المستوي الائتماني لمصر في الشهور الأخيرة من عام2012 أدي إلي عجز الحكومة عن عقد مثل هذه القروض بشروط ميسرة. ثم يجيء دور دعم الطاقة والذي بدأت مصر تطبيقه في عهد الرئيس جمال عبد الناصر قبل خمسة عقود والذي يكلف الحكومة حاليا خمس قيمة الموازنة العامة وأكد د.محمود الجمال أن استراتيجية حل أزمة الكهرباء في مصر ترتكز علي أربعة محاور. والأول فيختص بحتمية تنويع مصادر الطاقة التقليدية. و يرتكز علي دعامات أهمها التفاوض مع شركات البترول العالمية المكتشفة للغاز بالبحر الأبيض المتوسط شرق وشمال حدود مصر الدولية والاقتصادية, وذلك لرخص سعره بما يقدر ب50% من سعر استيراد الغاز المسال, وذلك من خلال الاستفادة من خطوط الأنابيب التي أقيمت سابقا لتصدير الغاز المصري إلي الشرق. كما يجب تعديل فكر وفلسفة اتفاقيات البحث عن الغاز بمناطق البحث والاستكشاف الجديدة المطروحة, ورفع سعر شراء حصة الشريك الأجنبي من الغاز بحيث تكون الاتفاقيات الجديدة متوازنة وعادلة لكلا الطرفين( الحكومة- الشريك الأجنبي), وجاذبة لشركات البترول العالمية الكبري للبحث والاستكشاف في المياه العميقة ذات المخاطر العالية والتكلفة المرتفعة لتنميتها. توفير احتياجات محطات الكهربائية الحرارية الحالية ومستقبلا بالغاز الطبيعي وعدم تشغيل أي محطة كهرباء بالمازوت وذلك لارتفاع سعره مقارنة بأسعار الغاز بالإضافة الي انخفاض كفاءته واعطاله المتكررة نتيجة لارتفاع نسبة الكبريت وأثره علي قصر عمر المحطات الي50 بالمئة وبخلاف اثاره المناؤة للبيئة. استخدام الوقود الاحفوري للفحم والفحم البترولي كوقود حريق رئيسي لصناعتي الأسمنت والحديد والصلب مع الأخذ في الاعتبار جميع الاشتراطات البيئية الدولية المعمول بها عالميا. البدء في تنفيذ مشروع منخفض القطارة حلم المصريين منذ90 سنة, ومن أبرز مكاسب المشروع توليد طاقة كهربائية نظيفة, تصل إلي2500 كيلووات/ساعة, توفر1500 مليون دولار علي الخزانة المصرية سنويا وتزيد من فرص الاستثمار الصناعي في المنطقة. إن تأخر مصر في دخول المجال النووي رفاهيه لا نمتلكها!!! مصر لديها أكثر من الحد الأدني اللازم لبدء مشروع أول محطة نووية بموقع الضبعة وأفضليته أمر محسوم من الناحيتين الفنية والاقتصادية وفقا للدراسات التي تمت علي الموقع لسنوات طويلة طبقا لمعايير الأمان الدولية. و تمتلك مصر الكثير من مقومات البنية التحتية اللازمة, من أهمها التشريعات, وهيئة رقابة إشعاعية مستقلة, وهيئات تعمل في المجال النووي لفترة طويلة,, مصر أيضا تشغل مفاعلات بحوث نووية منذ أكثر من خمسين عاما بالإضافة إلي قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية و القادر علي إعداد مهندسين بالكفاءة المطلوبة. وأضاف أن الطاقة الجديدة و المتجددة ضرورة حتمية لمستقبل مصر و تمثل المحور الثاني لحل الأزمة. و دعامات هذا المحور تتمثل في ضرورة قيام هيئة الطاقة الجديدة و المتجددة( التابعة لوزارة الكهرباء و الطاقة) بالتعاون مع الخبرات الوطنية بتطوير وتطويع تكنولوجيات الطاقة المتجددة العالمية محليا لتتلاءم مع الظروف الجوية والمناخية. بها إلي شريحتين أو3 علي الأكثر خلال4 سنوات, حيث يتمركز الدعم في الشريحة الأولي فقط وأن تغطي الشريحة الثانية التكلفة. وأكد د.محمود الجمال أن دور ترشيد استهلاك الطاقة يمثل المحور الرابع في حل أزمة الكهرباء في مصر. التوعيه باستخدام ضوء النهار, مع استخدام المصابيح الموفرة للطاقة في ساعات الليل. خفض فاتورة استهلاك الكهرباء الإنارة.