نشرت صحيفتنا الاهرام المسائي, الجمعة10 الجاري خبرا حول الاتجاه لتطوير امتحان الثانوية العامة والذي يأتي استكمالا وتنفيذا لمقررات, مؤتمر تطوير الثانوية العامة, الذي عقد في مايو1908 والذي اعطاه حضور رئيس الجمهورية واعتباره ذلك التطوير قضية مصيرية وقومية اهمية قصوي من اهتمام وسائل الاعلام المحلية, ومن المعروف ان ذلك المؤتمركان من المزمع عقده زمن وزارة الدكتور حسين كامل بهاء الدين, ثم تأجل الي وزارة الدكتور احمد جمال الدين, ثم عقد اخيرا في ظل وزارة الدكتور يسري الجمل, بعد ان تأجل ايضا مرات عديدة لكي تستعد له الوزارة بالاوراق التي ستناقش0 وهانحن بعد ثلاث سنوات نعود لنتذكر توصيات ذلك المؤتمر, وكأنها صالحة لكل زمان ومكان وفي البداية فانني اظن ان تطوير منظومة التعليم المصري كلها اصبح امرا مصيريا وحتميا في ظل تنامي دور العلم والتعليم في تقدم الدول والاقتصاديات من ناحية وفي ظل تنافس دولي وعولمة واتفاقيات جات وكويز لاترحم من ناحية اخري. فلا يخفي علي احد ما آل اليه حال التعليم المصري من بؤس الحال وسوء المآل, فلقد توقف الحديث عن منظومة تدريب وتأهيل المعلمين0 ولا أحد يفهم معني لحصول الطلاب علي مجاميع تتجاوز مائة في المائة, وانا اظن مثل هذه المجاميع اختراع مصري مائة بالمائة يسأل عنه الدكتور حسين كامل بهاء الدين وخاصة وان تلك المجاميع لا تعني قدرة فذة علي التحليل والتفكير والابداع, وانما امتحانات تقوم علي الاختيار من متعدد واجابات نموذجية محفوظة وقدرة فذة لمعلمي الدروس الخصوصية علي التنبؤ بالامتحان. والملاحظ انه قد كثر في الفترة الاخيرة الحديث عن فشل منظومة التعليم في اداء وظيفتها, بحيث اصبح من المعتاد والمألوف وكما تدل الكثير من الشواهد ان يحصل الكثير من تلاميذ المرحلة الاعدادية, بل والمدارس الفنية المتوسطة علي شهاداتهم دون ان يجيدوا مجرد القراءة والكتابة, وقد كان هذا الموضوع مثار جدل كبير في ظل وزارة الدكتور حسين كامل بهاء الدين1990 2002, وهانحن نري الدكتور احمد زكي بدر يتخذ قرارا بجعل الدقائق الاولي في المدرسة الابتدائية والاعدادية للإملاء0 هذا كله بينما لم يكن هناك شك في ان المدارس قائمة, والطلاب منتظمون, والمعلمين يقومون بوظيفتهم ويتقاضون مرتباتهم والموجهين الفنيين يقومون بزيارتهم للمدارس ويتابعون العملية التعليمية, ويكتبون تقاريرهم, وتتم الامتحانات وتصحح, وبناء علي نتيجة الامتحانات ينتقل التلاميذ الي الصفوف الاعلي, حتي يحصلوا علي شهاداتهم وينتقلوا الي مراحل تالية. ولست اريد هنا ان اخوض في القصور الواضح في تحقيق الاهداف العامة والكبري للمنظومة التعليمية وهي الثقافة والمواطنة والرؤية العلمية. ونأتي بعد ذلك الي مؤسسة الدروس الخصوصية, والتي تعد كبري المؤسسات التعليمية العشوائية في بلادنا والتي يكتب عنها في الصحف السيارة اضعاف ما يكتب عن مؤسسات التعليم النظامية, والتي اصبحت تشكل صداعا دائما في رأس المجتمع والوزارة والنظام0 وقد انتشرت ظاهرة الدروس الخصوصية بسرعة فائقه في ربع القرن الاخير, وتجاوزت الظاهرة سنوات الشهادات الهامة لتصبح ظاهرة عامة في جميع سنوات الدراسة منذ رياض الاطفال, كما تجاوزت المواد التي كانت تعتبر مواد دراسية صعبة الي غيرها من المواد الانسانية كالتارخ والفلسفة, ولقد حاول الوزير الحالي كذلك مواجهة الظاهرة بتقييد حق الحصول علي تراخيص من الوزارة لطبع الكتب الخارجية, وهو الامر الذي اقام الدنيا وانتهي الي استمرار الحال علي ماهو عليه0 ويشير استطلاع اجراه مركز معلومات مجلس الوزراء, الي60% من الاسر التي لديها ابناء في مرحلة التعليم قبل الجامعي, يأخذ ابناؤهم دروسا خصوصية, وهو امر غير منكور ونلمسه جميعا, بل وعانينا منه في نفس الوقت لقد كانت تلك مجرد عينة من القضايا المشروعة التي نظن انها الاولي بالاهتمام وبذل الجهد بدلا من القفز عليها لتغيير نظام القبول بالجامعات, بحيث يتجاوز كل الجهود التعليمية التي بذلها الطالب واسرته علي مدي اثني عشر عاما. فقد اشارت توصيات ذلك المؤتمر الي ربط التعليم بسوق العمل, فاي سوق عمل تلك وهل لدي الحكومة دراسات جادة عن تلك السوق واحتياجاتها, وهل تلك السوق التي لاتحتاج عدة ملايين من المهنيين والفنيين والمتعلمين في حاجة الي ان بضخ فيها سنويا عدة مئات الالاف من الطلاب ممن تلقوا مجرد تعليم نظري ثانوي ثم ربطت التوصيات التي اعيد بعثها من الادراج الدخول الي الجامعة بامتحانات قبول, ومع ذلك لم يتضح بعد ما اذا كانت تلك الامتحانات ستكون معيارا وحيدا لدخول الجامعة ام انه سيكون هناك معيار مزدوج يجمع بين المجموع واختبارات القبول, كما لم تحدد التوصيات مصير مكتب التنسيق فهل سنضعة في المتحف بجوار القوانين والاجراءات التي استهدفت تحقيق العدل الاجتماعي يوم ان كانت هناك حكومات تؤمن بذلك العدل وتراه اساسا من اسس مشروعيتها وهل ستتم تلك الاختبارات بطريقة قطاعية قطاع الهندسة, الطب, الحقوق.... الخ ام ان كل كلية سيكون لها اختبارها الخاص, ومن سيضمن الا تكون تلك الاختبارات نفسها بابا خلفيا للفساد او لسيادة منطق الدروس الخصوصية من جديد, ام ان الامر لا يعدو ان يكون مجرد وسيلة للتخفف من التزام الدولة بتوفير مكان بالجامعة لجميع الناجحين بالثانوية العامة وفي النهاية الم يسأل وزراء التعليمين العالي وقبل الجامعي انفسهم عن مصير طلاب الثانوية الذين لم تقبلهم الجامعة ولم تسعفهم سوق العمل بفرصة للرزق وفي النهاية فان الهروب من مناقشة القضايا الحقيقية والمشروعة, الي العبث بحقوق الطلاب في التعليم العالي هو ما يثير مخاوفنا من المشروعات المفروضة, والتي اعتدنا ان تدبر بليل