في حوار لاتنقصه الصراحة علي هامش مؤتمر الحوار السوداني بين شريكي الحكم في السودان بالقاهرة أكد السيد دينق ألور وزير خارجية السودان والقيادي البارز بالحركة الشعبية لتحرير السودان أنه لاتوجد مبادرة تماثل المبادرة المصرية الحالية تجاه السودان نظرا لحرص مصر علي استقرار ه ووحدته, وقال إن هناك بوادر إيجابية في الحوار الصريح في القاهرة بين الطرفين, لكنه أقر أن الخلافات مازالت كبيرة بين شريكي الحكم في السودان والفترة المتبقية قبل الإستفتاء المقرر مطلع العام المقبل قليلة. وأكد ألور أن الخلافات بين الطرفين لاتقتصر فقط علي إجراءات تنفيذ اتفاقية السلام, بل إلي رؤية كل منهما للوحدة ومشروعيهما المختلفين لإقامة هذه الوحدة المنشودة في السودان, وقال: إن هناك مخاطر كثيرة تحيط بالسودان, وقد تتفاقم إذا تم تزوير الاتخابات من قبل المؤتمر الوطني, الذي طالبه بتغيير القوانين المقيدة للحريات التي قال إنها ستؤثر علي نزاهة وشفافية الانتخابات المقبلة.
* كيف تري الدعوة المصرية لحوار بين شريكي الحكم في السودان؟ ** هي محاولة مصرية لتأمين وحدة السودان في المدة القليلة الباقية من الفترة الإنتقالية,والتي تقدر بعشرة أشهر فقط, وهو دور إيجابي تضطلع به مصر, لتقريب شقة الخلاف بين الطرفين والبحث عن نقاط الالتقاء بينهما, ومصر تفعل ذلك من منطلق علاقاتها التاريخية القديمة بالسودان وحرصها علي وحدته, وأعتقد أنه لاتوجد مبادرة تماثل المبادرة المصرية, لحرص مصر علي إستقرار السودان ووحدته..
* وكيف مضي الحوار في يومه الأول؟ ** قدم الجانب المصري رؤيته حول أهمية وحدة السودان, ثم طرح كل طرف منا رؤيته حول الوحدة, وأستطيع أن أقول أن الطرفين متفقان حول ضرورة الوحدة, ولكنهما يختلفان حول كيفية تحقيقها, فالحركة الإسلامية في السودان مازالت متمسكة بالشريعة الإسلامية, والحركة الشعبية حركة علمانية تطرح برنامجها السودان الجديد لوحدة السودان علي أسس جديدة.
* وهل أنت متفائل بهذا الحوار... هل يمكن أن يقدم جديدا في سجل حافل بالخلافات بين الشريكين؟ ** الجولة الأولي من الحوار مبشرة, لأن كل طرف تحدث فيها بصراحة حول رؤيته لكيفية الحفاظ علي الوحدة, ونحن في الحركة تحدثنا عن برنامجنا لوحدة السودان علي أسس جديدة, ونريد من مصر أن تحث إخواننا في حزب المؤتمر الوطني علي مراجعة برنامجهم الإسلامي الذي يعطل وحدة السودان, وأعتقد أن نجاح المساعي المصرية هذه متوقف علي الشريكين, حيث المسائل المعقدة بينهما كثيرة والزمن المتبقي من أجل حلها قصير.
* ماهي أهم نقاط الخلاف بينكما الآن ؟وهل يمكن حلها عبر هذا الحوار؟ ** هناك خلافات حول النقاط الأساسية التي لم يتم تنفيذها من اتفاق السلام, وهي نقاط مهمة وضرورية, ومن بينها المسائل المتعلقة بتنفيذ إستفتاء تقرير المصير بجنوب السودان, وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب, ونحن نري عدم جدية من المؤتمر الوطني, حيث كانت هذه الحدود ادارية بين الشمال والجنوب وموجودة خلال الخمسين عاما الماضية, وهناك أيضا خلاف حول إنشاء مفوضية الاستفتاء في الجنوب وتكوينها ورئاستها, وخلاف آخر حول حدود أبيي بعد التحكيم الدولي بشأنها في لاهاي, حيث مازال المؤتمر الوطني يتلكأ في ترسيم حدود أبيي وتعريف المواطنة فيها, وهناك خلاف كذلك حول نصيب جنوب السودان في البرلمان القومي, حيث لم نعترف في الحركة الشعبية بنتائج الإحصاء السكاني, وقد اتفق الطرفان علي حل هذه المشكلة حلا سياسيا, وأعتقد أن مؤسسة الرئاسة قد توصلت إلي حل بشأنها أخيرا بحيث يمنح الجنوب نحو27% من مقاعد البرلمان القومي, ولدينا أيضا مشكلة في جنوب كردفان حيث رفضت الحركة المشاركة في الانتخابات مالم تتم إعادة الإحصاء السكاني.
* هل المشكلة في أبيي لأن عرب المسيرية رفضوا نتيجة التحكيم الدولي؟ ** المسيرية لم يرفضوا شيئا, بل المؤتمر الوطني والرئيس البشير هما اللذان يرفضان, ويحرضان المسيرية, وفي رأيي أنه لابد من البحث عن حل.
* لماذا تحملون المؤتمر الوطني وحده المسئولية عن تمزيق وحدة السودان من الآن؟ ** لأن له رؤية معينة لحكم السودان لايريد أن يتخلي عنها أبدا, ولوتمزق السودان, الأهم عنده هو تحقيق رؤيته السياسية, وهي مقدمة لديه علي بقاء السودان موحدا, وهم مازالوا مصرين علي المضي في برنامجهم الإسلامي ومشروعهم للهيمنة, ولدينا مع المؤتمر الوطني خلافات أساسية حول القوانين المقيدة للحريات, ولايمكن أن يتم إجراء إنتخابات نزيهة بدون تغيير هذه القوانين, وهناك أيضا قانون الأمن الوطني الذي عارضنا إقراره.
* لكن هناك تصريحات سلبية من بعض قيادات الحركة تجاه الوحدة تأتي بأشكال مختلفة؟ ** الحركة ليست مسئولة عن عدم تحقيق الوحدة, ومايصدر أحيانا من بعض قياداتها هو رد فعل علي السياسات التي تأتي من الخرطوم.
* وهل تري أن هناك أملا في بناء هذه الوحدة أم أن الانفصال قادم لامحالة؟ ** بالتأكيد هناك أمل, وقيادات الحركة وحدوية, لكننا نريد الوحدة علي أسس جديدة, وإذا لم تتحقق هذه الشروط العادلة التي نريدها سيحدث الانفصال.
* عن أي شروط تتحدث هنا... البعض يري أنكم تغالون في مطالبكم ؟ ** أبدا مانطالب به هو الشروط المعقولة في نظر أغلبية الشعب السوداني..
* ألاترون أن حديثكم عن تمسك المؤتمر الوطني بتطبيق الشريعة يمكن أن يثير لكم مشكلات في الشمال؟ ** ليس الجنوب وحده الذي يختلف مع تطبيق الشريعة, بل المسلمون أيضا في الشمال يختلفون معها.
* هل سيظل الحوار هكذا ثنائيا... ألا يمكن أن يتسع ليصبح حوارا أشمل يقود إلي وفاق وطني أكبر؟ ** الحوار الذي بدأ هو بداية, وأعتقد أن الحوار سيستمر, ولو توصلنا إلي بوادر إيجابية يمكن أن يجتمع الرئيسان من أجل إقرار ماتم التوصل إليه, وإذا حدث تقارب في الرؤي يمكن إشراك الآخرين من بقية القوي السياسية, وأن يبدأ الشريكان بالحوار ليس معناه أن ينفردا به, بل هو البداية لحوار أكبر.
* كيف تنظرون للانتخابات المقبلة في أبريل... هل تعد مخرجا آمنا للأوضاع الحالية في السودان؟ ** لوتمت الانتخابات بشفافية وحرية ونزاهة يمكن أن تكون مخرجا آمنا للسودان, فلأول مرة تجد الجبهة الإسلامية منذ وصولها للحكم عام1989 منافسة حقيقية علي كراسي السلطة, ولكن إذا لم يتم تغيير القوانين المقيدة للحريات فربما لاتستطيع الحركة الشعبية وأحزاب المعارضة فعل الكثير.
* هناك الآن تحذيرات من جهات دولية وسودانية من خطورة أي تصعيد خلال الانتخابات أو الاستفتاء المقبلين... هل تتفق معهم في ذلك ؟ ** نعم هناك مخاطر, وهناك توجس أن تنحدر إلي مواجهات وأعمال عنف كما حدث في دول أخري إذا ماحاول المؤتمر الوطني التلاعب بنتائج الانتخابات, وهناك أيضا تخوف آخر متعلق بعدم إجراء الاستفتاء, ولكن القوي الدولية أيضا مستعدة لمساعدة السودانيين لإجراء الاستفتاء بالطريقة المثلي, ولو حدثت مشكلات حوله, يمكن أن تتدخل هذه القوي لإجرائه, ولكنني أعتقد أننا في السودان بحاجة إلي ترك كل هذه المشكلات والتوجه إلي حوار حقيقي, وإلا فإن كل الاحتمالات ستكون واردة.
* المؤتمر الوطني قال إن سلفاكير هو مرشحه لرئاسة حكومة الجنوب, وأنتم لاتبادلونه ذات الموقف في الشمال ؟ ** قررنا ترشيح ياسر عرمان لرئاسة الجمهورية, لأننا وجدنا أن المؤتمر الوطني غير مؤهل لقيادة السودان في المرحلة الحالية, فهو حزب مراوغ, والتجربة برهنت أنه غير جاد و لايمكن الوثوق به,وقد حاول المؤتمر الوطني ترشيح أربعة جنوبيين في مواجهة سلفاكير لكنهم رفضوا, وهو وراء ترشيح لام أكول لمنافسة سلفاكير.
* لماذا لايمكن الوثوق بالمؤتمر الوطني ؟ ** المؤتمر الوطني هو المسئول عن دعم الميلشيات المسلحة التي تثير القلاقل في الجنوب وهو المسئول عن زعزعة الأمن والاستقرار حتي لايعطوا مصداقية لحكومة الجنوب وتصويرها كحكومة فاسدة ضعيفة تحكم إقليما غير مستقر.
* ولماذا تصادرون حق حزب الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي الذي يرأسه الدكتور لام أكول من العمل في الجنوب ؟ ** لأن الدستور والقانون يتحدث عن أحزاب, وليس عن أحزاب لها ميليشيات مسلحة, وهذا الحزب له ميلشيات زوده بها المؤتمر الوطني الذي يقدم له الدعم, ولهذا إعترضنا علي عمله في السابق, والآن أمتثلنا لحكم المحكمة الدستورية التي حكمت باستمرار عمله.
* كيف تنظر للاتفاق الإطاري بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة والذي سيوقع بعد غد الأربعاء في الدوحة؟ وهل شاركت الحركة في التوصل إليه ؟ ** هو خطوة جيدة, وتمهيد لاتفاق شامل, ولم تشارك الحركة في التوصل إليه المؤتمر الوطني والوسطاء هم الذين فعلوا ذلك.
* كيف تنظر للمؤتمر العربي للاستثمار والتنمية بالجنوب ؟ ** مؤتمر مهم يمكن أن يلعب دورا في التأثير علي الرأي العام في الجنوب وهو يقرر بشأن المستقبل, وكنا نتمني أن يكون قبل عامين أو ثلاثة لإحداث نتائج إيجابية والتأثير علي الحس العام في الجنوب الذي أصبح انفصاليا, وأعتقد أن الوجود العربي يمكن أن يغير في هذا الوضع.